عاقبة الجماعة الظّالمة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 81 ـ 83 1ـ لِمَ کان العذاب صباحاً؟

وأخیراً حین شاهد الملائکة (رسل الله) الأضیاف، ما علیه لوط من عذاب النفس کشفوا «ستاراً» عن أسرار عملهم و(قالوا یا لوط إنّا رسل ربّک لن یصلوا إلیک).

الطریف هنا أنّ ملائکة الله لم یقولوا: لن یصلنا سوء وضرر، بل قالوا: لن یصلوا إلیک یالوط فیؤذوک ویسیؤوا إلیک!

وهذا التعبیر إمّا لأنّهم کانوا یحسبون أنّهم غیر منفصلین عن لوط لأنّهم أضیافه على کل حال، وهتک حرمتهم هتک لحرمة لوط. أو لأنّهم أرادوا أن یفهموا لوطاً بأنّهم رسل الله، وأنّ عدم وصول قومه إلیهم بالإساءة أمر مسلّم به، بل حتى لوط نفسه الذی هو رجل من جنس اُولئک لن یصلوا إلیه بسوء، وذلک بلطف الله وفضله.

نقرأ فی الآیة 37 من سورة القمر (ولقد راودوه عن ضیفه فطمسنا أعینهم) وهذه الآیة تدل على أنّ هؤلاء الجماعة الذین أرادوا السوء بأضیاف لوط، فقدوا بصرهم بإذن الله، فلم یستطیعوا الهجوم علیهم. ونقرأ فی بعض الرّوایات ـ أیضاً ـ أنّ أحد الملائکة غشّى وجوههم بحفنة من التراب فعموا جمیعاً. (1)

وعلى کل حال، فاطلاع لوط (علیه السلام) على حال أضیافه ومأموریتهم نزل کالماء البارد على قلبه المحترق وأحسّ بلحظة واحدة أن ثقلا کبیراً من الغمّ والحیرة قد اُزیل عن قلبه، وأشرقت عیناه بالسرور والبهجة، وعلم أنّ مرحلة الغم والحیرة اشرفت على الانتهاء، ودنا زمن السرور والنجاة من مخالب هؤلاء القوم المنحرفین المتوحشین.

ثمّ أمر الأضیافُ لوطاً ـ مباشرة ـ أن یرحل هو وأهله من هذه البلدة وقالوا: (فأسر بأهلک بقطع من اللیل) (2) .

ولکن کونوا على حذر (ولا یلتفت منکم أحد) إلى الوراء (إلاّ امرأتک إنّه مصیبها ما أصابهم) لتخلّفها عن أمر الله وعصیانها مع العُصَاة الظَلَمَة.

وفی قوله تعالى: (لا یلتفت منکم أحد) عند المفسّرین احتمالات عدیدة.

الأوّل: لا ینظر أحد إلى ورائه مدیراً وجهه إلى الخلف.

الثّانی: لا تفکروا بما ترکتم خلفکم من الأموال ووسائل المعاش، إنّما علیکم أن تنجوا أنفسکم من الهلاک.

الثّالث: لا یتخلف منکم أحد عن هذه القافلة الصغیرة.

الرّابع: إنّ الأرض ستضطرب حال خروجکم وستبدأ مقدمات العذاب فاهربوا بسرعة ولا تلتفتوا إلى الوراء...

ولکن لا مانع من الجمع بین هذه الاحتمالات کلها فی الآیة (3) .

وخلاصة الأمر فإنّ آخر ما قاله رسل الله ـ أی الملائکة ـ للوط (علیه السلام): إنّ العذاب سینزل قومه صباحاً. ومع أوّل شعاع للشمس سیحین غروب حیاة هؤلاء: (إنّ موعدهم الصبح).

ونقرأ فی بعض الرّوایات أنّ الملائکة حین وعدوا لوطاً بنزول العذاب صباحاً، سأل لوط الملائکة لشدة ما لقیه من قومه ممّا ساءَه، وجرح قلبه وملأه همّاً وغمّاً أن یعجلوا علیهم بالعذاب فی الحال فإنّ الأفضل الإسراع، ولکن الملائکة طمأنوه بقولهم: (ألیس الصبح بقریب).

وأخیراً دنت لحظة العذاب وتصرّمت ساعات انتظار لوط النّبی (علیه السلام)، وکما یقول القرآن الکریم (فلمّا جاء أمرنا جعلنا عالیها سافلها وأمطرنا علیها حجارة من سجیل منضود).

وکلمة «سجّیل» فارسیة الأصل، وهی مرکبة من «سنگ» ومعناها الحجارة و«گِل» ومعناها الطین، فعلى هذا هی شیء لاصلباً کالحجارة ولا رخواً کالزهرة، وإنّما هی برزخ «وسط» بینهما.

و«المنضود» من مادة «نضد» ومعناه کون الشیء مصفوفاً وموضوعاً بشکل متتابع ومتراکم، أی إنّ هذا المطر کان متتابعاً سریعاً إلى درجة حتى کأنّ هذه الأحجار تتراکب بعضها فوق بعض فتکون «منضودة».

ولکن هذه الأحجار لیست أحجاراً عادیة، بل هی أحجار فیها علامات عندالله (مسوّمة عند ربّک).

ولا تتصوروا أنّ هذه الأحجار مخصوصة بقوم لوط، بل (وما هی من الظالمین ببعید).

هؤلاء القوم المنحرفون ظلموا أنفسهم وظلموا مجتمعهم، لعبوا بمصیر اُمتهم کما استهزؤوا بالإیمان والأخلاق الإنسانیّة، وکلّما نصحهم نبیّهم باخلاص وحرقة قلب لم یسمعوا له وسخروا منه، وبلغت صلافتهم وعدم حیائهم حدّاً أنّهم أرادوا الاعتداء على ضیوف زعیمهم ویهتکوا حرمتهم.

هؤلاء الذین کانوا قد قلبوا کل شیء یجب أن تنقلب مدینتهم علیهم، ولا یکفی أن یغدو عالیها سافلها، بل لُیمطروا بوابل من الأحجار تدمّر کل شیء من «معالم الحیاة» هناک ولا یبقى منهم سوى صحراء موحشة وقبور مظلمة تحت رکام الأحجار الصغیرة.

وهل أنّ الذین ینبغی معاقبتهم هم قوم لوط فحسب؟ قطعاً لا. فکل جماعة منحرفة واُمّة ظالمة ینتظرها مثل هذا المصیر، فتارة تکون تحت وابل الأحجار، واُخرى تحت ضربات القنابل المحرقة، وحیناً تحت ضغط الاختلافات الاجتماعیة القاتلة، وأخیراً فإنّ لکلٍّ شکلا من العذاب وصورة معینة.


1. أصول الکافی، ج 5، ص 546، ح 5. ورد ثلاثة تفاسیر فی تفسیر العبارة «فأخذ کفّاً...» أنّه کیف عمیت أبصار المتجاوزین على ضیوف نبی لوط (علیه السلام):
أ) أنّ جبرئیل (علیه السلام) أشار باصبعه إلیهم فأعماهم، کما ورد فی العبارة: «فلما دخلوا أهدى جبرئیل باصبعه نحوهم فذهبت أعینهم». أصول الکافی، ج 8، ص 329، ح 505.
ب) ضرب جبرئیل بجناحیه على وجوههم فطمسها.
ج) أمر جبرئیل (علیه السلام) نبی لوط أن یأخذ کفاً من التراب فیضرب به على وجوههم وذلک فی العبارة: «فخذ کفّاً من بطحاء الأرض فاضرب وجوههم».
2. «أسر» مشتق من «الإسراء» وهو المسیر لیلا، وذکر اللیل فی الآیة من باب توکید الموضوع، والقطع معناه ظلمة اللیل، إشارة إلى أن یتحرک والناس نیام أو مشغولون عنه بالشراب وحلک اللیل لیخرج وهم فی غفلة عنه.
3. فی قوله (إلاَّ امرأتک) هذا الاستثناء من أی جملة هو؟ للمفسّرین احتمالان: «الأوّل» إنّه یعدّ استثناء من (لاَ یلتفت منکم أحد) ومفهومها أنّ لوطاً وأهله بما فیهم امرأته تحرکوا للخروج من المدینة ولم یلتفت منهم أحد کما أمرهم الرسل، إلا امرأة لوط فإنّها بحکم علاقتها بقوم لوط وتأثرها على مصیرهم، وقفت لحظة ونظرت إلى الوراء، وطبقاً لبعض الرّوایات أصابها حجر من الأحجار التی کانت تهوی على المدینة فقُتلت به. «الثانی» إنّه استثناء من جملة (فأسر بأهلک) فیکون معناها أنّ جمیع أهله ذهبوا معه ولکن امرأته بقیت فی المدینة ولم یأخذها لوط معه، ولکن الاحتمال الأوّل أنسَبُ.
سورة هود / الآیة 81 ـ 83 1ـ لِمَ کان العذاب صباحاً؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma