بدایة النّهایة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 36 ـ 39 1ـ التصفیة لا الإنتقام

إنّ قصّة نوح علیه السلام الواردة فی آیات هذه السورة، بُیّنت بعدّة عبارات وجمل، کل جملة مرتبطة بالاُخرى، وکل منها یمثل سلسلة من مواجهة نوح (علیه السلام) فی قبال المستکبرین، ففی الآیات السابقة بیان لمرحلة دعوة نوح (علیه السلام) المستمرة والتی کانت فی غایة الجدیة، وبالاستعانة بجمیع الوسائل المتاحة حیث استمرت سنوات طوالا آمنت به جماعة قلیلة... قلیلة من حیث العدد وکثیرة من حیث الکیفیة والاستقامة.

وفی الآیات محل البحث إشارة إلى المرحلة الثّالثة من هذه المواجهة، وهی مرحلة انتهاء دورة التبلیغ والتهیؤ للتصفیة الإلهیّة.

ففی الآیة الاُولى نقرأ ما معناه: یا نوح، إنّک لن تجد من یستجیب لدعوتک ویؤمن بالله غیر هؤلاء: (وأوحی إلى نوح أنّه لن یؤمن من قومک إلاّ من قد آمن).

وهی إشارة إلى أنّ الصفوف قد أمتازت بشکل تام، والدعوة للإیمان والإصلاح غیر مجدیة، فلابدّ إذاً من الإستعداد للتصفیة والتحول النهائی.

وفی نهایة الآیة تسلیة لقلب نوح (علیه السلام) أن لا تحزن على قومک حین تجدهم یصنعون مثل هذه الأعمال (فلا تبتئس بما کانوا یفعلون) ونستفید من هذه الآیة ـ ضمناً ـ أنّ الله یطلع نبیّه نوحاً على قسم من أسرار الغیب بمقدار ما ینبغی، کما نجد أنّ الله تعالى یخبره بأنّه لَنْ یؤمن بدعوته فی المستقبل غیر اُولئک الذین آمنوا به من قبل، وعلى کل حال لابدّ من انزال العقاب بهؤلاء العصاة اللجوجین لیطهر العالم من التلوّث بوجودهم، ولیکون المؤمنون فی منأى عن مخالبهم، وهکذا صدر الامر بإغراقهم، ولکن لابدّ لکل شیء من سبب، فعلى نوح أن یصنع السفینة المناسبة لنجاة المؤمنین الصادقین لینشط المؤمنون فی مسیرهم أکثر فأکثر، ولتتم الحجّة على غیرهم بالمقدار الکافی أیضاً.

وجاء الأمر لنوح أن (واصنع الفلک بأعیننا ووحین).

إنّ المقصود من کلمة «أعیننا» إشارة إلى أن جمیع ما کنت تعمله وتسعى بجد من أجله فی هذا المجال هو فی مرآى ومسمع منّا، فواصل عملک مطمئن البال.

وطبیعی أنّ هذا الإحساس بأنّ الله حاضر وناظر ومراقب ومحافظ یعطی الإنسان قوّة وطاقة، کما أنّه یحسّ بتحمل المسؤولیة أکثر.

کما یستفاد من کلمة «وحینا» أیضاً أن صنع السفینة کان بتعلیم الله، وینبغی أن یکون کذلک، لأنّ نوح (علیه السلام) لم یکن بذاته لیعرف مدى الطوفان الذی سیحدث فی المستقبل لیصنع السفینة بما یتناسب معه، وإنّما هو وحی الله الذی یعینه فی انتخاب أحسن الکیفیات.

وفی نهایة الآیة ینذر الله نوحاً أن لا یشفع فی قومه الظالمین، لأنّهم محکوم علیهم بالعذاب وإن الغرق قد کتب علیهم حتماً (ولا تخاطبنی فی الّذین ظلموا إنّهم مغرقون).

هذه الجملة تبیّن بوضوح أنّ الشفاعة لا تتیسر لکل شخص، بل للشفاعة شروطها، فإذا لم تتوفر فی أحد الاشخاص فلا یحق للنّبی أن یشفع له ویطلب من الله العفو لأجله (راجع المجلد الأوّل من هذا التّفسیر ذیل الآیة 48 من سورة البقرة).

أمّا عن قوم نوح فکان علیهم أن یفکروا بجد ـ ولو لحظة واحدة ـ فی دعوة النّبی نوح (علیه السلام)ویحتملوا على الأقل أن هذا الإصرار وهذه الدعوات المکررة کلها من «وحی الله» فتکون مسألة العذاب والطوفان حتمیة!! إلاّ أنّهم واصلوا استهزاءهم وسخریتهم مرّة اُخرى وهی عادة الأفراد المستکبرین والمغرورین (ویصنع الفلک وکلّما مرّ علیه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منکم کما تسخرون).

«الملأ» والأشراف الراضون عن أنفسهم یسخرون من المستضعفین فی کل مکان، ویعدونهم أذلاء وحقراء لأنّهم لا قوّة لهم ولا ثروة!! بل حتى أفکارهم وإن کانت سامیة، ومذهبهم وإن کان ثابتاً وراسخاً، وأعمالهم وإن کانت عظیمة وجلیلة... کل ذلک فی حساب «الملأ» حقیر تافه..! ولذلک لم ینفعهم الإنذار والنصیحة. فلابدّ أن تنهال أسواط العذاب الألیم على ظهورهم.

یقال أنّ الملأ من قوم نوح والأشراف کانوا جماعات، وکل جماعة تختار نوعاً من السخریة والاستهزاء بنوح لیضحکوا ویفرحوا بذلک الاستهزاء!

فمنهم من یقول: یا نوح، یبدو أن دعوى النبوة لم تنفع وصرت نجاراً آخر الأمر!

ومنهم من یقول: عندما تصنع السفینة، فینبغی أن تصنع لها بحراً، أرأیت إنساناً عاقلا یصنع السفینة على الیابسة. ومنهم من یقول: واهاً لهذه السفینة العظیمة، کان بإمکانک أن تصنع أصغر منها لیمکنک سحبها إلى البحر.

کانوا یقولون مثل ذلک ویقهقهون عالیاً، وکان هذا الموضوع مثار حدیثهم وبحثهم فی البیوت وأماکن عملهم، حیث یتحدثون عن نوح واصحابه وقلّة عقلهم: تأملوا الرجل العجوز وتفرّجوا علیه کیف انتهى به الأمر، الآن ندرک أنّ الحق معنا حیث لم نؤمن بِکلامه، فهو لا یملک عقلا صحیحاً!!

ولکن نوحاً کان یواصل عمله بجدیة فائقة وأناة واستقامة منقطعة النظیر لأنّها ولیدة الإیمان، وکان لا یکترث بکلمات هؤلاء الذین رضوا عن أنفسهم وعمیت قلوبهم، وإنّما یواصل عمله لیکمله بسرعة. ویوماً بعد یوم کان هیکل السفینة یتکامل ویتهیأ لذلک الیوم العظیم، وکان نوح (علیه السلام) أحیاناً یرفع رأسه ویقول لقومه الذین یسخرون منه هذه الجملة القصیرة (قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منکم کما تسخرون).

ذلک الیوم الذی یطغى فیه الطوفان فلا تعرفون ماتصنعون، ولا ملجأ لکم، وتصرخون معولین بین الأمواج تطلبون النجاة.. ذلک الیوم یسخر منکم المؤمنین ومن غفلتکم وجهلکم وعدم معرفتکم ویضحکون علیکم.

(فسوف تعلمون من یأتیه عذاب یخزیه ویحلّ علیه عذاب مّقیم) إشارة إلى أنّه بالرغم من أنّ مضایقاتکم لنا مؤلمة، ولکننا نتحمل هذه الشدائد ونفتخر بذلک أوّلا، کما أنّ ذلک مهما یکن فهو منقض وزائل، أمّا عذابکم المخزی فهو باق ودائم ثانیاً، وهذان الأمران معاً لا یقبلان القیاس.

سورة هود / الآیة 36 ـ 39 1ـ التصفیة لا الإنتقام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma