الاُصول الأربعة فی دعوة الأنبیاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 1 ـ 4 علاقة الدین بالدنیا:

تبدأ هذه السورة ـ کما فی بدایة السورة السابقة وسائر سور القرآن ـ ببیان أهمیّة الکتاب العزیز المنزل من السماء، لیلتفت الناس إلى محتویاته أکثر ویتفکروا فیه بنظرة أدق.

وذکر الحروف المقطعة (الر ) ـ نفسه ـ دلیل على أهمیّة هذا الکتاب السماوی العزیز الذی یتشکل من حروف بسیطة معروفة للجمیع مثل الألف واللام والراء (الر ) (1) مع ما فیه من عظمة وإعجاز بالغین، ثمّ یبیّن بعد هذه الحروف المقطعة واحدة من خصائص القرآن الکریم فی جملتین.

أوّلا: إنّ جمیع آیاته متقنة ومحکمة (کتاب أُحکمت آیاته).

وثانیاً: إنّ تفصیل حاجات الإنسان فی حیاته الفردیة والاجتماعیة ـ مادیة کانت أو معنویة ـ مبیَّن فیها أیضاً (ثمّ فُصِّلَتْ).

هذا الکتاب العظیم مع هذه الخصیصة، من أین اُنزل، وکیف؟! اُنزل من عند ربّ حکیم وخبیر (من لدن حکیم خبیر).

فبمقتضى حکمته اُحکمت آیات القرآن، وبمقتضى أنّه خبیر مطلع بیّن آیات القرآن فی مجالات مختلفة طبقاً لحاجات الإنسان، لأنّ من لم یطلع على تمام جزئیات الحاجات الروحیة والجسمیة للإنسان لایستطیع أن یصدر أحکاماً جدیرة بالتکامل.

الواقع، إنّ کل واحدة من صفات القرآن التی جاءت فی هذه الآیة تسترفد من واحدة من صفات الله... فاستحکام القرآن من حکمته، وشرحه وتفصیله من خبرته.

وفی بیان ماهو الفرق بین (أُحکمت) و(فُصّلت) بحث المفسّرون کثیراً وأبدوا احتمالات عدیدة... وأقرب هذه الاحتمالات ـ بحسب مفهوم الآیة آنفة الذکر ـ هو أنّ الجملة الاُولى تعنی أنّ القرآن مجموعة واحدة مترابطة کالبنیان المرصوص الثابت، کما تدل على أنّه نازل من إله فرد، ولهذا فلایوجد أی تضادٍّ فی آیاته، ولا یُرى بینها أی اختلاف.

والجملة الثّانیة إشارة إلى أنّ هذا الکتاب فی عین وحدته فیه شعب وفروع متعددة تستوفی جمیع حاجات الإنسان الرّوحیّة والمادیة، فهو فی عین وحدته کثیر، وفی عین کثرته واحد! ..

وفی الآیة التالیة یُبیّن أهم مایحتویه القرآن وما هو أساسه وهو التوحید والوقوف بوجه الشرک (ألاّ تعبدوا إلاّ الله) (2) وهذا أوّل تفصیل لمحتوى هذا الکتاب العظیم.

والثّانی من محتویات الدعوة السماویة: (إنّنی لکم منه نذیر وبشیر)... نذیر لکم من الظلم والفساد والشرک والکفر، واُحذرکم من عنادکم وعقاب الله لکم!

وثالث ما فی منهج دعوتی إلیکم هو أن تستغفروا من ذنوبکم وتطهروا أنفسکم من الأدران: (وأن استغفروا ربّکم).

ورابعها هو أن تعودوا إلى الله بالتوبة، وأن تتصفوا ـ بعد غسل الذنوب والتطهر فی ظل الاستغفار ـ بصفات الله، فإنّ العودة إلیه تعالى لا تعنی إلاّ الإقتباس من صفاته (ثمّ تُوبوا إلیه).

فی الواقع إنّ أربع مراحل من مراحل الدعوة المهمّة نحو الحق سبحانه بُیّنت فی أربع جمل وفی أربعة أقسام، فقسمان یتضمنان الجانب «العقیدی» والأساسی. وقسمان یتضمنان الجانب «العملی» والفوقانی.

فقبول أصل التوحید ومحاربة الشرک، وقبول رسالة النّبی محمّد (صلى الله علیه وآله) أصلان اعتقادیان، والتطهّر من الذنوب والتخلّق بالصفات الإلهیة ـ اللذان یحملان معنى البناء بتمام معناه ـ أمران عملیان حضّ علیهما القرآن، وإذا تأملنا بدقّة فی الآیات الکریمة وجدنا أن جمیع محتوى القرآن یتلخص فی هذه الاُصول الأربعة...

هذا هو الفهرس لجمیع محتوى القرآن، ولجمیع محتوى هذه السورة أیضاً.

ثمّ تبیّن الآیات النتائج العملیة لموافقة هذه الأصول الأربعة أو مخالفتها بالنحو التالی (یمتّعکم متاعاً حسناً إلى أجل مسمّىً) فاذا عملنا بهذه الاُصول فإنّ الله سبحانه یهبنا حیاة سعیدة إلى نهایة العمر، وفوق کل ذلک فإنّ کُلاً یُعطى بمقدار عمله ولا یهمل التفاوت والتفاضل بین الناس فی کیفیة العمل بهذه الأصول... (ویؤت کلّ ذی فضل فضله) وأمّا فی صورة المخالفة والعناد فتقول الآیة: (وإن تولّوا فإنّی أخاف علیکم عذاب یوم کبیر) حین تمثلون للوقوف فی محکمة العدل الإلهی.

واعلموا أنَّ (إلى الله مرجعکم) کائنا من کنتم، وفی أی محل ومقام أنتم، وهذه الجملة تشیر إلى الأصل الخامس من الأصول التفصیلیّة للقرآن وهی مسألة «المعاد والبعث» ولکن لاتتصوروا ـ أبداً ـ أنّ قدرتکم تعدّ شیئاً تجاه قدرة الله، أو أنّکم تستطیعون الفرار من أمره ومحکمة عدله... ولا تتصوروا ـ أیضاً ـ أنّه  لا یستطیع أن یجمع عظامکم النخرة بعد الموت ویکسوها ثوباً جدیداً من الحیاة... (وهو على کل شیء قدیرٌ).


1. شرحنا هذا المعنى وسائر التفاسیر التی ذکرت للحروف المقطعة فی القرآن فی بدایة سورة البقرة وآل عمران والأعراف.
2. فی جملة (ألاّ تعبدوا إلاّ الله) احتمالان: الأوّل: إنّه على لسان النّبی (صلى الله علیه وآله) ـ کما أشرنا إلیه ـ والتقدیر: (دعوتی وأمری ألاّ تعبدوا إلاّ الله). والثّانی: أنّه کلام الله، والتقدیر: (آمرکم ألاّ تعبدوا إلاّ الله)، ولکن جملة (إنّنی لکم منه نذیر وبشیر) تنسجم مع المعنى الأوّل.
سورة هود / الآیة 1 ـ 4 علاقة الدین بالدنیا:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma