تُعتَبر الإشارات الواردة بخصوص الشفعاء فی الآیات الشریفة ، وکذلک التصریحات التی نقلتها لنا الروایات ، دلیلاً آخر على الأبعاد التربویة للشفاعة .

جاء فی حدیث عن النبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «الشفعاء خمسة : القرآن ، والرَّحِم ، والأمانة ، ونبیّکم ، وأهل بیت نبیّکم» (1) .

وجاء فی مسند أحمد حدیث آخر عن النبی الکریم (صلى الله علیه وآله) قال فیه : «تعلّموا القرآن فانّه شافع یوم القیامة» (2) .

و ورد نفس هذا المعنى فی نهج البلاغة فی کلام مولى المتّقین أمیر المؤمنین (علیه السلام)قال فیه : «فانّه شافع مشّفع» (3) .

ویُستفاد من روایات أُخرى أنّ أفضل الشفاعة التوبة ، فعن علی (علیه السلام)قال : «لا شفیع أنجح من التوبة» (4) .

وصرّحت بعض الأحادیث أیضاً بشفاعة الأنبیاء والأوصیاء والمؤمنین والملائکة ، کالحدیث المنقول عن النبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال :«الشفاعة للأنبیاء والأوصیاء والمؤمنین والملائکة، وفی المؤمنین من یشفع مثل ربیعة ومضر، وأقل المؤمنین شفاعة من یشفع لثلاثین إنساناً»(5).

وجاء فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال : «إذا کان یوم القیامة بعث الله العالم والعابد ، فاذا وقفا بین یدی الله عزّ وجلّ قیل للعابد : انطلق إلى الجنّة ، وقیل للعالم : قِف تشفّع للناس بحسن تأدیبک لهم» (6) .

یظهر من هذه التعابیر وخاصة الأخیر منها أنّ الشفاعة نتاج العلاقة المعنویة القائمة مع الصلحاء والأبرار والمؤمنین والعلماء .

أمّا عن الشهداء فقد روی عن النبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «ویشفع الرجل منهم فی سبعین ألفاً من أهل بیته وجیرانه» (7) .

وحتى أنّ بعض الروایات أشارت إلى أنَّ : «شافع الخلق: العمل بالحق ولزوم الصدق»(8).

و خلاصة القول التی یمکن استنتاجها من مجموع هذه الروایات وغیرها الواردة فی المصادر الإسلامیة أنّ الشفاعة من المسائل التربویة المهّمة فی الإسلام والتی تعکس القیم الإسلامیة السامیة من خلال الاهتمام بنوع الشفعاء ، وتحث جمیع المسلمین للالتزام بهذه القیم والصفات التی یتمتع بها الشفعاء ، وتشجّع على تقویة وتوثیق العلاقات معهم ، وتجلو عنها کل تفسیر خاطیء وکل تحریف باطل (9) .

1. میزان الحکمة، ج 5 ، ص 122 .
2. مسند أحمد، ج 5 ، ص 251 .
3. نهج البلاغة، الخطبة ، 176 .
4. نهج البلاغة، الکلمات القصار ، الکلمة 371 .
5. بحار الأنوار، ج 8 ، ص 58، ح 75 .
6. بحار الأنوار، ج 8 ، ص 56 ، ح 66 .
7. تفسیر مجمع البیان، ج 2، ص 538 ، ذیل الآیة 171 من سورة آل عمران .
8. غرر الحکم .
9. ذکر فی تفسیر المیزان: وبعد أن وضّح الشفاعة أنّها تأثیر الأسباب فی المسببات ـ أنَّ الشفعاء یقسمون إلى فریقین فی عالم التشریع وعالم التکوین ، فمن جملة الشفعاء التشریعیین : التوبة والعمل الصالح والإیمان والقرآن والأنبیاء والملائکة والمؤمنون ویستدل فی هذا الصدد بالآیات الدالة على تأثیر هذه الاُمور فی هؤلاء الأشخاص فی غفران الذنوب (رغم أنّ عنوان الشفاعة غیر موجود فیها) کالآیة 54 من سورة الزمر ; والآیة 28 من سورة الحدید ; والآیة 9 ومن سورة المائدة ; والآیة 16 من سورة المائدة; والآیة 64 من سورة النساء ; والآیة 7 من سورة المؤمن ; والآیة 286 من سورة البقرة .