1 ـ حدائق الجنان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهید 2 ـ ظلال الجنّة

یتبیّن على ضوء الآیات الواردة فی هذا المجال أنّ الجنّة هی مجموعة حدائق وبساتین لا مثیل لها ولا نظیر فی هذه الدنیا وکل ما رسمه لنا القرآن الکریم لا یمثل إلاّ صورة تقریبیة کی یتمکن ساکنو هذه الدنیا من إدراک هذه المعانی، وإلاّ فإنّ حقیقة الجنّة هی ما وراء إدراکن ، لقد ذکر القرآن أکثر من مائة آیة حول الجنّة وبتعابیر مختلفة مثل (جنات) أو (جنّة)

أو (جنتان) ، فنقرأ قوله تعالى: (وَمَن یُطِعِ الله وَرَسُولَهُ یُدخِلْهُ جَنَّات تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ). (النساء / 13)

وفی قوله تعالى: (واللهُ یَدْعُوَا إِلَى الْجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِاِذنِهِ ). (البقرة / 221)

وفی قوله تعالى: (وَلِمَن خَافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) . (الرحمن / 46)

فهذه الکلمات (جنات ، جنتان ، جنة) مشتقة من مادة (جنّ) على وزن (فَنّ) وهو الستر والتستر، ویقول الراغب فی مفرداته ستر شی من الحس، وعلى هذا الأساس له مشتقات کثیرة .

«والجنّة» : بمعنى البستان وذلک لأنّ أرضها مستورة بأغصان الأشجار ولکن صاحب کتاب مقاییس اللغة یقول : الجنّة مایصیر إلیه المسلمون فی الآخرة وهو ثواب مستور عنهم الیوم ، ولکن نحن نستبعد هذا المعنى وذلک لأنّ بساتین الدنیا یقال لها أیضاً جنّة وهذا لا یکون إلاّ لسبب ستر أرضها بواسطة أغصانه ،(تأمل).

و«الجنین»: الولد فی بطن اُمّه، والجَنان : القلب لأنّه مستور فی الصدر والمِجَن : الترسُ ، وکل ما استتر به من السلاح فهو جنة (على قول صاحب مقاییس اللغة) و(الجِن) و(الجان) یطلق على الموجودات الحیّة المستورة عن أعین الخلق ، وکذلک على الثعابین العظیمة تشبیها لها بـ «الجن» (الذی هو موجود خطر خفی)، ویطلق على عظام الصدر جناجن ـ ولعل السبب فی هذه التسمیة کونها درعا لحفظ القلب .

«جنون» : بمعنى ذهاب العقل واصل الجنون هو الستر ، جنون اللیل : سواده وستره للاشیاء ، على أیّة حال فإنّ المهم فی هذا الموضوع هو أنّ بساتین الجنّة کثیفة الأشجار إلى درجة سترت أرضها بأغصانها المتدلیة .

ولقد وردت فی عشرات الآیات بعد ذکر (جنات) جملة (تجری من تحتها الأنهار) وهذا یدل على أنّ الماء یجری دائماً تحت الأشجار وبتعبیر آخر أنّ أغصان أشجارها تظل على المیاه التی تجری تحته ، فیکون الماء تحتها(تأمل جیداً) ، وهذا یعود إلى :

أول : أنّ الماء والشجر یشکلان مع بعضهما البعض منظراً جمیلاً فی منتهى الروعة والجمال ، وکأنّ کل واحد منهما ناقص ویحتاج إلى اکمال من الآخر .

وثانی : أنّ الأنهار تؤَمِّن طراوة دائمیة للأشجار، فالتی تجری من تحتها المیاه تکون خضراء زاهیة ، إمّا الأشجار التی لا تتوفر لها میاه دائمة أو یؤتى به من الخارج فلا تتمتع بمثل هذه الطراوة والاخضرار ، فالماء هو أساس حیاة النباتات ولابدّ من توفر هذا العنصر الأساس للحیاة بجانبها دائم ، وجاء فی احدى الروایات : «إنّ أنهار الجنّة لیست فی اخادید إنّما تجری على سطح الجنّة منضبطة بالقدرة حیث شاء أهلها» (1) ! والأعجب من هذا أنّه لیس فقط الأشجار تجری من تحتها الأنهار بل وکما جاء فی بعض الآیات ـ إنّ (الغرف) بنیت على الأنهار أیضاً فالأنهار تجری من تحته کما ورد فی قوله تعالى: (وَالَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الجَنَّةِ غُرَفاً تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ) .(2) (العنکبوت / 58)


1. تفسیر القرطبی، ج 1، ص 240 .
2. ورد نفس هذا المضمون فی الآیة 20 الزمر أیض . 

 

تمهید 2 ـ ظلال الجنّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma