شهود المحشر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
الجمیع محضرون فی تلک المحکمة العظمى میزان الأعمال

ورد فی الآیة الرابعة کلام عن شهود یوم القیامة فأشارت إلى الذات الإلهیّة المقدّسة فهو تعالى الشاهد الأول ، قال تعالى : (فَإِلَیْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِیدٌ عَلَى مایَفْعَلُونَ ) (1) .

فالمحکمة التی یکون حاکمها الله جلّ جلاله وشاهدها الأول ذاته المقدّسة فهل من الممکن أن یغفل عن شیء ویفوته عند الحساب ؟ !

ومن البدیهی أن تکون مثل هذه المحکمة محکمة مثیرة للقلق والوجل لا لاحتمال الحکم بغیر الحق بل بسبب سوء أعمالن .

لقد فسّر بعض المفسرین الشهادة هنا بمعنى الجزاء والمجازاة فی حین أنّه لا ضرورة لمثل هذا التفسیر الذی یخالف ظاهر الآیة، وذلک لعدم وجود أی مانع لشهادة الذات الإلهیّة المقدّسة على أعمال العباد فی ذلک الیوم وتعیین شهادته تعالى عن طریق الهام الملائکة المأمورین بالحساب.

وقیل : إنّ شهادة الله تکون بإنطاق أعضاء جسم الإنسان فتجیب عمّا اقترفت من أعمال فی الدنی .

الآیة الخامسة تحدّثت عن شهود المحشر أیضاً ولکن کان الکلام فیهایدور حول شهادة الأنبیاء على أممهم وشهادة الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) على سائر الأنبیاء، قال تعالى : (فَکَیفَ إِذَا جِئْنَا مِن کُلِّ أُمَّة بِشَهِید وَجِئنَا بِکَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِیداً ) .

ومع أنّ هذه الآیة لم تذکر صراحة أنّ شهداء کل اُمة هم أنبیاؤها، ولکن القرائن تؤکد هذه المسألة وذلک لأنّ نبی کل اُمة هو أکثر الناس صلاحیة للشهادة على اُمته کما أنّ الآیة الکریمة لم تذکر من المراد بکلمة (هؤلاء) أی من هم بالدقّة؟ ولذا فقد ذکر المفسرون احتمالات لذلک، قال بعضهم : إنّها إشارة إلى قوم الرسول (صلى الله علیه وآله) فهو الشاهد علیهم یوم القیامة (2) .

ولکن الکثیر من المفسرین قالو : (هؤلاء) إشارة إلى الأنبیاء الذین أشارت إلیهم الجملة السابقة، وبهذا سیکون الرسول (صلى الله علیه وآله) هو الشاهد على جمیع الشهود .

ویطرح هنا هذا السؤال : وهو کیف تکون شهادة الأنبیاء (علیهم السلام) على اُممهم أو شهادة الرسول (صلى الله علیه وآله) على الأنبیاء مع العلم أنّ معنى الشهود مقترن مع الحضور، وأنّ کل نبی من الأنبیاء وبضمنهم الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) جاؤوا فی مقطع زمنی محدد من تاریخ اُممهم ؟

من الممکن أن یکون المعنى أنّ أرواحهم فی عالم البرزخ ناظرة إلى أحوال اُممهم وهذا ینافی قوله تعالى فی الآیة التی تتکلم عن لسان المسیح (علیه السلام) : (وَکُنتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً مَّادُمتُ فِیهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّیتَنِى کُنْتَ أَنتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ )، (المائدة / 117)

فیتضح من خلال هذه الآیة الکریمة أنّ الشهادة تعنی الحضور المقترن بالرقابة والتصدی للانحراف ولیس بالحضور فقط ، أمّا فیما یتعلق بالرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فمن الممکن أن یکون حضور روحه المقدّسة على طول تاریخ البشریة هو السبب لهذه الشهادة کما ورد فی الروایات أنّ أول ماخلق الله تعالى نور محمد (صلى الله علیه وآله) .

عن علی (علیه السلام): «إنّ الله تبارک وتعالى خلق نور محمد (صلى الله علیه وآله) قبل أن یخلق السموات والأرض والعرش والکرسی واللوح والقلم والجنّة والنّار»(3) .

وهناک احتمال آخر فی معنى الشهادة وهو مقیاس الوزن ، وذلک لأنّ الإنسان النموذجی یمکن أن یکون بعمله شاهداً على أعمال الصالحین (الأشخاص الذین تشبه أعمالهم أعمال القدوة) وکذلک شاهداً على أعمال الطالحین، وبهذا المعنى لا ینحصر مفهوم الآیة بشهود القیامة .

ومن المناسب أن نذکر حدیثاً للرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی هذا الصدد، فقد روی أنّ النبی (صلى الله علیه وآله)قال لابن مسعود: «اقرأ القرآن علیّ» قال: قلت: یارسول الله أنت الذی علمتنیه. قال : «أحبّ أن أسمعه من غیری». قال ابن مسعود: فافتتحت سورة النساء حتى انتهیت إلى هذه الآیة فبکى الرسول (صلى الله علیه وآله). قال ابن مسعود: فامسکت عن القراءة(4) .

وفی نقل آخر وفی امتداد هذه الروایة قال(صلى الله علیه وآله) : «یاربّ هذا على من أنا بین ظهرانیهم فکیف من لم أرهم»(5) .

والظاهر أنّ بکاء الرسول (صلى الله علیه وآله) إنّما کان للمواقف المرعبة فی یوم المحشر ولثقل المسؤولیة التی وضعت على کاهله (صلى الله علیه وآله) ألا وهی مسؤولیة الشهادة على الحاضرین والأهم منها الشهادة على الغائبین والتی سوف یقدر علیها بالتأیید الإلهی.

ولقد جاء فی الآیة السادسة حدیث عن شهادة الملائکة فی تلک المحکمة العظیمة، قال تعالى: (وَجَاءَتْ کُلُّ نَفْس مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِیدٌ ) .

«السائق» : هو الذی یسوق النفوس إلى محکمة العدل الإلهی .

«الشهید» : هو الذی یشهد على أعماله .

ومع أنّ الآیة الکریمة لم تصرّح بأنّ هذا (السائق) و(الشهید) هو من الملائکة أو من غیرهم ؟ وفی حال کونه من الملائکة فأی ملک منهم ؟

ولکن القرائن تؤکد أنّه من الملائکة حتم نظراً لکونهم الأنسب لتحمل مثل هذه المسؤولیة الثقیلة وأنّ هذا العمل یناسب نفس الملکین المأمورین بتسجیل «الحسنات» و«السیئات» حیث إنّهما أکثر الملائکة اطّلاعاً على أعمال بنی آدم .

وقیل : إنّ السائق هو ملک الموت الذی یسوق الإنسان نحو الموت، والشاهد هو عمل الإنسان أو جوارحه أو صحیفة أعماله .

و فسّر البعض، السائق (بالشیطان) والشاهد بالملک .

و یلاحظ أنّ جمیع هذه التفاسیر لا تنسجم مع ظاهر الآیة باستثناء التفسیر الأول، على أیّة حال فإنّ الملک الأول هو المانع من الفرار ، أمّا الملک الثانی فهو المانع من الانکار فیومئذ لامحیص للفرار ولا حیلة لانکار الأعمال .

ویمکن أنّ نشبه حال هؤلاء کمثل حال المجرمین الذین یساقون فی هذه الدنیا إلى المحکمة، فهناک مأمور یسوقهم من ورائهم وآخر یتقدمهم بصحیفة أعمالهم .

وجاء فی نهج البلاغة : أنّ الإمام امیر المؤمنین علی (علیه السلام) قال بعد هذه الآیة: «سائق یسوقها إلى محشرها وشاهد یشهد علیها بعملها» (6) .

ولقد ورد فی الآیة السابعة کلام عن (شهادة الجوارح) فی تلک المحکمة المرعبة، قال تعالى: (یَوْمَ تَشهَدُ عَلَیهِم أَلْسِنَتُهُم وَأَیدِیهِم وَأَرجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَعمَلُونَ ) .

و قال فی موضع آخر: (یَوْمَئِذ یُوَفِّیهِمُ اللهُ دِینَهُمُ الْحَقَّ ) . (نور / 25)

أمّا الآیة الثامنة فهی تشبه الآیة السابقة مع شیء من الاختلاف ألا وهو حدیثها عن شهادة الجلود، قال تعالى : (حَتَّى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَیهِمْ سَمْعُهُم وَأَبصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا کَانُوا یَعمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَینَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِى أَنْطَقَ کُلَّ شَىْء) .

یظهر من الآیات أعلاه أنّ الله سبحانه وتعالى یعطی لأعضاء البدن وحتى الجلد، القدرة على التکلم والنطق، فکل عضو من الأعضاء یجیب عمّا فعله، فالأذن تجیب عمّا سمعت، والعین عمّا رأت، والجلد عمّا لمس، واللسان عمّا قال، والید عمّا انجزت، والقدم عن الطریق الذی سلکته، فیعترف کل من الأعضاء الستة بالأعمال التی اکتسبه .

و یقول بعض المفسرین، إنّ بعض هذه الأعضاء یشهد على جمیع أعمال الإنسان کشهادة الزمان ولیس على أعمال ذلک العضو فقط، وهذا لا یتناسب مع ظاهر الآیات، ومن هنا یتضح أنّه إذا لم تذکر بعض الأعضاء (کالقلب والمخ والشفتین والأسنان بالنسبة للنیات والأغذیة والأقوال) فلا یعنی ذلک أنّ الشهادة تنحصر بهذه الأعضاء الستة، وعلى ما یبدو أنّ کل عضو یجیب عن أعماله، وأی شاهد أصدق من هذ !

ومن الواضح أنّ هذه الشهادة (شهادة الجوارح) ولو أنّها تنطق بقدرة الله سبحانه وتعالى إلاّ أنّها لیست شهادة الله مباشرة ولقد نقل ذلک الفخر الرازی فی تفسیره(7) کأحد التفاسیر التی قیلت بشأن هذه الآیة .

ومن الطریف ، طبق هذه الآیات أنّ المذنبین یعاتبون جلودهم:(لِمَ شَهِدتُّم عَلَینَا )أو ـ کیف شهدتم ضدنا ـ (السؤال الأول سؤال عن السبب أمّا السؤال الثانی فهو سؤال عن الکیفیة) .

أمّا بقیة الأعضاء الخمسة فلا تسأل مثل هذا السؤال، ولعل السبب فی ذلک هو أنّ شهادة الجلود أکثر عجباً من سائر الشهادات وأنّها شهادة غیر متوقعة تماماً، إضافة إلى ذلک أنّ الجلود تلمس بشکل من الأشکال جمیع الأفعال ولا تختص بعضو معین لا کما قال بعض المفسرین إنّ هذه إشارة إلى «الفرج» فقط .

ونختم کلامنا فی هذا البحث بالإشارة إلى أنّه یستفاد من بعض الآیات الکریمة أنّ سائر أعضاء الجسم ماعدا «اللسان» تشهد على الإنسان أول ، وبعد أن تتضح المسائل یعترف اللسان أیضاً بالحقیقة کما ورد ذلک قوله تعالى: (اَلیَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُکَلِّمُنَا أَیدِیهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ ) . (یس / 65)

الآیة التاسعة تتحدث عن (شهادة الأرض) على الإنسان بما عمل، قال تعالى: (یَوْمَئِذ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) (بِأَنَّ رَبَّکَ أَوْحَى لَهَا ) .

وبهذا تعتبر الأرض التی نؤدّی علیها أعمالنا من أهم الشهود فی ذلک الیوم ، کما ورد ذلک فی حدیث عن الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) إذ قال: «أخبارها أن تشهد على کل عبد واَمة بما عمل على ظهرها تقول عمل کذا وکذا، ویوم کذا وکذا، وهذا أخبارها»(8) .

وقال أبو سعید الخدری: إذا کنت بالبوادی فارفع صوتک بالاذان فانّی سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله) یقول: «لا یسمعه جنّ ولا انس ولا حجر ولا شجر إلاّ یشهد له»(9) .

وأعطى بعض المفسرین احتمالات اُخرى فی تفسیر الآیة : من جملتها أنّ الأرض تخبر عن قیام الساعة فی هذه الأثناء وعندما یشاهد الإنسان زلزلة الساعة یقول: ما له : (وَقالَ الإنِسان ما لَها )(10) .

و ورد هذا الاحتمال أیضاً وهو أنّ الأرض تُحدِّث أخبارها بما أخرجت من أثقالها فتقول (هذا جسد فلان وهذا جسد فلان) ، مشیرة إلى الأبدان التی تلفظها.

ولکن التفسیر الأول إضافة إلى أنّه ینسجم مع سیاق آیات السورة کذلک یتوافق مع الأحادیث الکثیرة المنقولة عن الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله).

ولقد وردت أحادیث کثیرة عن الإمام علی (علیه السلام) بخصوص شهادة الأرض على الصلاة وعلى تقسیم بیت المال : حیث قال : «صلّوا فی المساجد فی بقاع مختلفة فإنّ کل بقعة تشهد للمصلی علیها یوم القیامة»(11) .

وهنا یطرح هذا السؤال: کیف تتحدث الأرض عن أخباره ؟ لقد أخذ بعض المفسرین بظاهر الآیة فقالو: إنّ الأرض ستکون فی ذلک الیوم وبقدرة الله ذات إدراک وشعور وقدرة على النطق فهی تجیب عن الحوادث التی جرت على ظهرها ولا عجب من هذا الأمر، حیث:(وَإِنَّ الدَّارَ الاْخِرَةَ لَهِىَ الْحَیَوَانُ ). (العنکبوت / 64)

فحیاة القیامة هی الحیاة الحقیقیة وکل شیء یصبح حیّا وحتى الأرض فمن الممکن أن یکون لها نوع من الإدراک والشعور .

وقیل إنّ المراد : هو أنّ الله سبحانه وتعالى یخلق فیها أمواجاً صوتیة، ففی الواقع أنّ المتحدث هو الله سبحانه وتعالى: (ویمکن أن نشبه هذا المعنى بأشرطة التسجیل، حیث إنّ المتکلم لیس جهاز التسجیل وإنّما هو الإنسان الذی سجّل الکلام على الشریط) .

وهناک احتمال آخر : هو أنّ المقصود من (حدیث الأرض) هو اظهار آثار الأعمال التی اکتسبها الإنسان على ظهرها حیث إنّ لکل عمل آثار .

وانسب هذه التفاسیر هو التفسیر الأول :

نستنتج من مجموع الآیات السالفة الذکر أنّ فی یوم القیامة بالإضافة إلى شهادة الله تبارک وتعالى بالنسبة لأعمال العباد، کذلک تشهد الأنبیاء والملائکة والجوارح والأرض .


1. جاء فی تفسیر المیزان : أنّ (ثم) الواردة فی الآیة أعلاه تُفید التراخی فی البیان لا التراخی فی الزمان فی حین أنّه یمکن تصور التراخی الزمانی فی مورد الآیة أیضاً، وذلک لأنّ الله تعالى یحشر الناس أولاً وبعدها یشهد على أعمالهم نظراً لأنّ المقصود هو الشهادة عند الحساب .
2. ورد هذا الاحتمال فی تفسیر الکشاف، ج 1، ص 512 وکذلک فی تفسیر مجمع البیان ج 3، ص 49 .
3. بحار الأنوار، ج 15، ص 4 .
4. التفسیر الکبیر، ج 10، ص 105 .
5. تفسیر القرطبی، ج 3، ص 1767 . ولقد نقل هذا الحدیث الآخرون بشیء من الاختلاف.
6. نهج البلاغة، خطبة 85 .
7. تفسیر الکبیر ، ج 23، ص194 .
8. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص526، ولقد ورد نفس هذا المعنى فی تفسیر القرطبی; وتفسیر روح المعانی; وتفسیر الکبیر، ذیل الآیة مورد البحث .
9. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 526، العبارة الموضوعة بین الأقواس هی مطابقة لروایة تفسیر روح البیان، ج 10، ص 493.
10. تفسیر القرطبی، ج20، ص 149، ذیل الآیة مورد البحث.
11. لئالئ الأخبار، ج 5، ص 79 .

 

الجمیع محضرون فی تلک المحکمة العظمى میزان الأعمال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma