تعابیر القرآن بشأن جهنّم :

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهید أوصاف جهنّم

فی الآیة الأولى نلاحظ أشهر أسماء النّار الذی تکرر ذکرها فی القرآن الکریم سبعاً وسبعین مرّة ألا وهو (جهنّم) ، وتشیر هذه الآیة إلى أتباع ابلیس وتقول : (وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوعِدُهُمْ اَجْمَعِینَ * لَهَا سَبْعَةُ اَبوَاب ) .

اختلف اللغویون والمفسرون فی معنى کلمة «جهنّم»، فقال البعض منهم أنّها تعنی «النّار»، وقال آخرون أنّها تعنی «العمیق والبعید القعر».

جاء فی «لسان العرب» أنّ «جِهِنّام» بمعنى العمق الشدید ولهذا یقال: «بئر جهنّم وجهنّام» ویراد به البئر العمیقة القعر .

ونقل عن بعضهم فی نفس الکتاب أنّ أصل هذه الکلمة عبرانی وهو «گهنّام» وورد اسمها فی العربیة «جهنّم» (ولهذا فهی تعتبر اسماً ممنوعاً من الصرف لأنّها اسم علم أولاً، وأعجمی ثانیاً) .

واعتبرها بعض اللغویین مشتّقة من الکلمة العبریة «جهنّیون» (1) ، بینما أکّد آخرون أنّها عربیة (وسبب عدم صرفها هو العَلَمیة والتأنیث) ، واعتبرها جماعة آخرون مشتقة من أصل فارسی ویقال للحفرة تحت الأرض التی تنفخ فیها الحرارة لتدفئة أرضیة الحمّام «جهنّم» أیض (2) .

وعلى أیّة حال فمهما کان أصله ، سواء کان عربیاً أو فارسیاً أو عبرانیاً فهی فی القرآن الکریم اسم لمکان ملیء بالعذاب وهو بؤرة غضب الله وله درکات ومراتب متفاوتة .

وقد ورد أیضاً فی الآیة أنّ لجهنّم سبعة أبواب وهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله ـ لاحق .

ونواجه فی الآیة الثانیة اسماً آخر من أسماء جهنّم وهو «سقر»، فبعد الإشارة إلى أحد المشرکین المعاندین (وهو الولید بن المغیرة) ـ تقول :(سَاُصْلِیهِ سَقَرَ * وَمَااَدْرَاکَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبقِى وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌلِّلبَشَرِ ) .

ومهما یکن من أمر فکلمة «سقر» هی من أسماء جهنّم ومأخوذة فی الأصل من کلمة «سَقْر» على وزن (فَقْر) وتعنی التغییر والذوبان والانصهار أثر حرارة الشمس (3) .

واعتبرها البعض اسماً لأحد طبقات جهنّم المفزعة کما وردت فی حدیث منقول عن الإمام الصادق (علیه السلام) : «إنّ فی جهنّم لوادیاً للمتکبرین یقال له سقر شکا إلى الله شدّة حرّه وسأله أن یأذن له أن یتنفس فأحرق جهنّم» (4) .

ونقرأ فی کتاب صحاح اللغة أنّ «سقرات الشمس» تعنی شدة حرارته ، و«یوم مسقر» بمعنى شدید الحرارة ولاهب .

وجاء فی کتاب (التحقیق فی کلمات القرآن الکریم) أنّ هذه الکلمة تعنی فی الأساس الحرارة الشدیدة التی تغیر لون الأشیاء وصفاته ، لکنّها تحوّلت بالتدریج إلى اسم من أسماء النّار وتعنی النّار الشدیدة المحرقة التی تغیّر کل شیء .

و یدعم هذا الادّعاء الصفات الواردة فی هذه الآیات ، لأنّها تؤکد أنّها تغیر الجلود تماماً من جهة ، ومن جهة اُخرى، أنّها لا تبقی شیئاً على حاله ولا تذر.

ومن الأسماء الاُخرى التی استخدمها القرآن لجهنّم بشکل واسع هی کلمة «النّار» ، فقد تکرر ذکره 145 مرّة والتی تعنی فی أغلب الموارد نار جهنّم ، وإن جاءت أیضاً فی بعض المواضع بمعنى نار الدنی ، ومن جملة ذلک، الخطاب الموجّه إلى المشککین بالقرآن إذ جاء فیه : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ) (أی لم تأتوا بسورة من مثله) (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ اُعِدَّت لِلکَافِرِینَ ). (البقرة / 24)

یقول الراغب: إنّ کلمة «النّار» تعنی الشعلة التی تظهر أمام حس الإنسان ، ویقال: للحرارة وحدها نار أیض ، ورأى البعض أنّ کلمتی «النّار» و«النور» مشتّقتان من مصدر واحد ومتقاربتان فی الوجود .

وعلى أیّة حال فقد کثر استخدام هذه الکلمة فی القرآن الکریم بشأن جهنّم إلى حد جعلها تصبح واحدة من أسمائه .

أشار القرآن الکریم إلى فئة من المجرمین قائل : (اُولئِکَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ) .(آل عمران/10)

وجاءت کلمة «أصحاب النّار» فی العدید من الآیات لتدل على الأشخاص الذین یردون جهنّم ولهذا أصبح هذا التعبیر مقابلاً لتعبیر أصحاب الجنّة (5) .

ومن نافلة القول: إنّ من ضمن المواصفات التی ذکرت للنار هی أنّ وقودها من الناس والحجارة (أی الأصنام) وعلى هذا فهی لا تشبه نار الدنیا فی هذا الجانب .

و نرى فی الآیة الرابعة اسماً وصفة اُخرى لهذا المکان الذی یتجسد فیه الغضب الربانی ، وهذا الاسم هو «السعیر» .

فبعد أن یشیر القرآن إلى الغایة من نزوله وینذر الناس من یوم القیامة ، یقسم الناس یومذاک إلى فریقین ویقول : (فَرِیقٌ فِى الجَنَّةِ وَفَرِیقٌ فِى السَّعِیرِ ) .

وقد وردت کلمة «سعیر» فی القرآن 16 مرّة وورد جمعها أی کلمة «سُعُر» مرّتین، وهذه الکلمة مشتقة من المصدر «سَعْر» وهو على وزن (قَعْر) ویعنی اذکاء النّار وتأجیجه ، وجاء أیضاً بمعنى شدّة الاضطرام ، ولهذا «فالسعیر» یعنی النّار الشدیدة الاشتعال واللهب والاحراق ، وجاءت أحیاناً بمعنى «الجنون» أیضاً لأنّ الشخص فی هذه الحالة یلتهب ویغلب علیه الهیجان ، ویقال کذلک للناقة المجنونة : ناقة مسعورة (6) .

ونظراً لاستخدام کلمة «السعیر» فی الآیة المذکورة فی قبالة کلمة «الجنّة» یفهم بأنّها أیضاً أحد أسماء النّار ، واستخدام تعبیر «أصحاب السعیر» فی عدد من الآیات یعتبر أیضاً قرینة أخرى على هذه التسمیة (7).

إلاّ أنّه لایمکن انکار مجیئها فی بعض الآیات القرآنیة بنفس ذلک المعنى الوصفی لتشیر إلى اضطرام نار جهنّم .

التعبیر الخامس الذی تکرر فی القرآن فی 25 موضعاً، هو الجحیم، فتقول الآیة المطروحة لبحثن :(فَاَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَر الحَیَاةَ الدُّنیَ * فَإِنَّ الْجَحِیمَ هِىَ المَأْوَى ) .

وکلمة «الجحیم» على وزن (لَحْم) کما یفهم من عبارات القرآن هی واحدة من أسماء جهنّم ، ومشتقة من مادة «جَحْم» على وزن (لحْم)َالتی تعنی «شدّة نوریة النّار» کما یقول الراغب فی مفرداته .

وتأکّد نفس هذا المعنى فی «مقاییس اللغة» أیض ، لکن صاحب صحاح اللغة فسّره بالنار العظیمة المصحوبة بالحرارة واللهب .

إلاّ أنّ کلمة (الجحیم) استخدمت فی موضع واحد فی القرآن الکریم بمعنى النیران المحرقة فی الدنیا عندما قال المشرکون فی زمن النبی إبراهیم (علیه السلام) : (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْیَاناً فَأَلقُوهُ فِى الجَحِیمِ ). (الصافات / 97)

إلاّ أنّ هذا الاستعمال لا یمنع من کون الکلمة المذکورة من أسماء جهنّم .

وفی الآیة السادسة نلاحظ کلمة «الحطمة» التی تکررت فی موضعین فی سورة «الهمزة» فالآیة قد تحدثت عن الذین یبحثون عن عیوب الآخرین ویغتابونهم ویحرصون على جمع المال فقد هددهم الله بقوله : (کَلاَّ لَیُنْبَذَنَّ فِى الحُطَمَةِ * وَمَا اَدرَاکَ مَاالحُطَمَةُ* نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ * الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفئِدَةِ ).

وکلمة «الحطمة» على حد قول صاحب «صحاح اللغة» وصاحب «مجمع اللغة»: اسم من أسماء جهنّم، وهی صیغة مبالغة من کلمة «حطم» بمعنى الکسر والتهشیم، واعتبرها البعض بمعنى تکسیر الأشیاء الیابسة ، ولهذا یطلق على سنوات القحط اسم «الحُطمة» لأنّها تحطّم کل شیء وتکسّره وتقضی على الناس ، ویُطلق اسم «الحطیم» على موضع فی الکعبة یقع بین بابها والحجر الأسود لأنّ الناس یزدحمون هناک حتى أنّ عظامهم على وشک أن تتکسر من شدّة الضغط .

وعلى هذا الأساس تعود تسمیة جهنّم بالحطمة لأنّ نارها المحرقة تدّمر کل شیء وتقضی علیه ، وقد أوضح القرآن نفسُه معناها من خلال الآیات الواردة فی هذا الباب : فقال إنّه : (نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ * الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفئِدَةِ )، وهذه الآیة بذاتها دلیل على المعنى الذی ذکرناه .

ولکن یستفاد من بعض الروایات : أنّ کل اسم من أسماء جهنّم ومن ضمنها الحطمة یشیر إلى قسم معین من أقسام النّار (8) .

ذکرت الآیة السابعة کلمة «الهاویة» التی وردت فی القرآن الکریم مرّة واحدة حیث تقول الآیة : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِینُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِیَةٌ * وَمَا اَدْرَاکَ مَاهِیَهْ * نَارٌ حَامِیَةُ ). (القارعة / 8 11)

قال ابن منظور فی «لسان العرب»: «إنَّ «الهاویة» أحد أسماء جهنّم، وعلى هذا یکون معنى «اُمه هاویة» أی إنّ مقرّه ومسکنه جهنّم» (9) .

وأشار صاحب «مقاییس اللغة» والراغب فی «المفردات» إلى هذه التسمیة وأنّ الکلمة مأخوذة فی الأصل من مادة «هُوِی» بمعنى السقوط لأنّ الکفار والمجرمین یسقطون فیه ، ویتضمن أیضاً إشارة إلى عمق جهنّم .

وفسّرت کلمة «اُم» هنا بمعنى المستقر والمکان ، وأحیاناً بمعنى الأم أی کما تحتضن الأم ابنها تحتضن جهنّم من یرد فیه .

وفسرها بعضهم بمعنى الدماغ ، قال : إنّ الهاویة وصف لأصحاب النّار لأنّهم یسقطون فیها على أُم رؤوسهم إلاّ أنّ التفسیر الأول أصحّ على مایبدو .

ونرى فی الآیة الثامنة والأخیرة کلمة «لظى» وهی الاُخرى قد ذکرت فی القرآن مَرّة واحدة ، فقد جاء فی سورة المعارج بعد الإشارة إلى وضع المجرمین الذین یرغبون فی یوم القیامة التضحیة بأزواجهم واخوانهم وأبنائهم لاِنقاذ أنفسهم : (کَلاَّ اِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى * تَدعُوا مَنْ اَدْبَرَ وَتَوَلَّى ). (المعارج / 15 17)

وکلمة «لظى» تعنی فی الأصل النّار أو شعلة النّار الخالصة ، ولکن هذه الکلمة اسم من أسماء جهنّم حسب ماجاء فی «لسان العرب» و«مفردات الراغب» (ولهذا فهو ممنوع من الصرف بسبب عَلَمیّته وتأنیثه) .

وتعنی کلمة «النزاعة» الشیء الذی ینزع ویفصل بشکل متواصل ، وتعنی کلمة «شوى» الید والرجل والأطراف، (وإن کانت تأتی بمعنى الاحراق فی النّار لکن الأنسب هنا هو المعنى الأول ، لأنّ الشیء عندما یسقط فی النّار ، أول ما یحترق منه أطرافه وأغصانه) .

وقال آخرون: إنّ «الشوى» هو جلد البدن أو فروة الرأس ، ومن عجائب هذه النّار المحرقة أنّها تدعو أصحاب جهنّم إلیه ، فهل أنّها حقاً ذات شعور وإدراک فتفعل هکذ ؟ أم أنّ فی جهنّم جاذبیة خفیة تستقطب نحوها کل من حق علیه العذاب ؟

کلا الاحتمالین ممکن ، ولکن الظاهر هو المعنى الأول .

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الروایات لم تذکر النّار کاسم من أسماء جهنّم ، بل ذکرت سبعة أسماء اُخرى واعتبرت کل واحد منها طبقة من طبقاته ، ولیس کل واحد من هذه الأسماء السبعة یشمل جهنّم بأکمله .

ومن جملة ذلک حدیث منقول عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) قال فیه : «إنّ جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض ، ووضع احدى یدیه على الاُخرى فقال : هکذ ، وأنّ الله وضع الجنان على العرض ووضع النیران بعضها فوق بعض فاسفلها جهنّم ، وفوقها لظى ، وفوقها الحطمة وفوقها سقر ، وفوقها الجحیم وفوقها السعیر ، وفوقها الهاویة» (10) .

ولا مانع من اطلاق الأسماء السبعة المذکورة على کل جهنّم أحیاناً أو على قسم منها أحیاناً اُخرى ، کما یلاحظ ذلک فی أسماء الدنیا حیث یطلق أحیاناً اسم معین على محافظة من المحافظات بأکمله ، ویطلق أحیاناً على مدینة معیّنة من مدن تلک المحافظة .


1. قاموس دهخدا، مادّة (جهنّم) .
2. قاموس دهخدا، مادة (جهنّم) ; التحقیق ; لسان العرب ; المنجد ; واقرب الموارد .
3. مقاییس اللغة; ومفردات الراغب .
4. تفسیر الصافی، فی ذیل الآیة 48 من سورة القمر .
5. الأعراف ، 44 ; الحشر ، 20 .
6. مقاییس اللغة ; وصحاح اللغة ; والتحقیق ; ومفردات الراغب .
7. الملک ، 10 ـ 11 ; فاطر ، 6 .
8. تفسیر نور الثقلین، ج 3 ، ص 17 ـ19 ، ح 60 ، 64 .
9. لسان العرب، مادة (هوى).
10. تفسیر مجمع البیان، ج 5 ، 6 ص338 ; و تفسیر نور الثقلین، ج 3 ، ص19 ، ح 64 ، وجاء أیضاً فی هذا الموضوع حدیث مطوّل منقول عن الإمام الباقر(علیه السلام).

 

تمهید أوصاف جهنّم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma