لقد اتّضح فی بحث المعاد الجسمانی أنّ المعاد فی التصور القرآنی له بعد جسمانی وبعد روحانی أیض ، حیث إنّ الإنسان فی تلک العرصات یحضر بجسمه وروحه ، وأنّ المواهب والعطایا الإلهیّة تشمل الاثنین مع ، فالذین یعتقدون أنّ النعم فی الجنّة کلها نعم معنویة وروحیة وأنّ الآیات التی تتحدث عن هذه النعم المادیة إنّما هی تعبر بلغة الکنایة فإنّ هؤلاء قد غفلوا عن هذه الحقیقة وهی أنّهم وبحصرهم النعم هناک بالنعم الروحیة فانّهم ینفون المعاد الجسمانی وهذا خلاف صریح للآیات القرآنیة التی تؤکد على وجود هذه النعم ، وکما ذکرنا فی بحث المعاد الجسمانی فإنّ الجسم والروح توأمان مرتبطان معا ولا یمکن أن یبلغا التکامل بمعزل عن أحدهما الآخر، إضافة إلى هذا أنّه لایمکن للروح أن تلتذ بالمواهب والعطایا الإلهیّة بمعزل عن الجسم .
على أیّة حال، فالنعم الجسمانیة فی الجنّة کالنعم الروحیة متنوعة وواسعة للغایة وجاذبة للنفس ، ولقد أکد على ذلک القرآن کثیراً لکی یلفت انتباه الناس إلى الأعمال والصفات والفضائل التی توجب هذه المواهب (ومن المعلوم أنّ الإنسان یفکر بالنعم المادیة قبل الروحیة) وفی نفس الوقت فتح الله سبحانه فصلاً مهماً لبیان النعم المعنویة واللذات الروحیة (وسنتطرق إلى هذا فی الفصل اللاحق) .
وإذا لم تکن النعم الروحیة من ناحیة شمولیة البیان بمقدار النعم المادیة لکنّها أکثر بکثیر من النعم المادیة من الناحیة الکیفیة ، وسنستعرض أدناه جملة من المواهب والنعم المادیة الموجودة فی الجنّة تحت هذه العناوین :
1 ـ حدائق الجنان
2 ـ الظل الظلیل .
3 ـ قصور أهل الجنة .
4 ـ الفرش والأرائک .
5 ـ الأغذیة والأوانی .
6 ـ الشراب الطهور .
7 ـ أفضل شراب أهل الجنّة .
8 ـ الأکواب والصحاف والأوانی والکؤوس (الأقداح) .
9 ـ ألبسة الجنة .
10 ـ حلی الجنّة .
11 ـ الحور العین .
12 ـ الخدم والسقاة .
13 ـ المضیفون .
14 ـ النُزُل .
15 ـ النعم التی لا تتصور .
ولقد وردت فی کل من هذه المواضیع آیات متعددة فی القرآن الکریم وسوف نستعرض هذه المواضیع على ضوء تلک الآیات .
