الکتاب الذی یتکلم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
جمع الآیات وتفسیرهاکتب فی علیین وأخرى فی سجین

الآیة الرابعة تنسب عملیة تدوین الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى إضافة إلى ذلک دلّلت على أنّ صحف الأعمال تنطق یوم القیامة: (وَتَرى کُلَّ اُمَّة جَاثِیَةً کُلُّ اُمَّة تُدعى إلى کِتابِه ...* هَذَا کِتَابُنَا یَنْطِقُ عَلَیْکُم بِالحَقِّ إِنَّا کُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَاکُنْتُم تَعْمَلوُنَ ).

فهی تتحدث بوضوح عن کتاب أعمال الاُمم والذی هو أحد الأقسام الثلاثة لکتب الأعمال، وتعدد هذه الکتب یؤکد حقیقة تسجیل کل أعمال الإنسان وعدم ترک صغیر ولا کبیر منه ، ویدل تعبیر تُدعى ـ على أنّهم یدعون لیقرأوا کتبهم، وبالتالی یکونون هم المحاسبین لأنفسهم، کما جاء صراحة فی الآیة الشریفة: (إِقْرَأْ کِتَابَکَ کَفَى بِنَفْسِکَ الْیَومَ عَلَیکَ حَسِیباً ) . (الاسراء / 14)

«وجاثیة» : مشتقة من (الجُثوّ) على وزن (عُلوّ) بمعنى الجلوس على الرکب والسبب فی اتخاذ هذه الجلسة من قبل أهل المحشر یعود إمّا لشدّة الخوف أو هی شَبَه للحالة التی کان یتخذها المتهمون فی قدیم الزمان عند الحضور فی المحکمة لإبداء الرأی، حیث یجلسون جلوس القرفصاء ، وهو الوضع الذی یتخذه الإنسان عند انتظاره للحوادث المهمّة .

ومن الملفت للنظر هنا نسبة تسجیل الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا یدل على أنّ کاتب الأعمال لیس بالذی تتصور فیه الغفلة أو الخطأ وهو علیم ومحیط بکل شیء، و(نستنسخ) من مادة (نسخ) وحسب قول أهل اللغة أنّ النسخ إزالة شیء بواسطة شیء آخر ویلازمه نفی لشیء وإثبات لشی آخر، وتستعمل هذه الکلمة بمعنى النفی أحیاناً واُخرى بمعنى الإثبات وثالثة بمعنى الإثبات والنفی مع .

من هنا یتبین أنّ الاستنساخ یعنی إثبات موضوع مع صرف النظر عن آخر .

ونجد فی الآیة الخامسة تعبیراً آخر هو (الطائر): (وَکُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتَاباً یَلْقَاهُ مَنْشُور * إِقْرَأْ کِتابَکَ کَفَى بِنَفسِکَ الْیَومَ عَلیکَ حَسیِباً ) .

و«الطائر»: فی الأساس، هو الطیر ویراد به العمل أو کتاب الأعمال حسب قول الکثیر من المفسرین ، ویعود هذا الربط إلى العادات والتقالید العربیة حیث کانوا یتفاءلون للخیر والشر بواسطة الطیور، فبعض الطیور یبشر بالسعادة والیمن والبرکة، فاذا عرض لهم هذا الطیر أثناء خروجهم من منزلهم أو من مدینتهم استبشروا ورأوا ذلک دلیلاً على الانتصار والنجاح، وعلى عکس بعض الطیور التی یعتقدون بأنّها نذیر شؤم ، فالطائر یستخدم للتفاؤل والتشاؤم مع ، لذا فقد قال بعض المفسرین إنّ ما یقابل کلمة طائر فی اللغة الفارسیة هو (البخت) ومن هنا یعتبر القرآن الکریم أنّ العامل الرئیس للسعادة والشقاء هو أعمال الإنسان، وقد استعملت هذه الکلمة للتعبیر عن کتاب هذه الأعمال، وبهذا المعنى فقد صنع القرآن الکریم من مفهوم خرافی لا أساس له حقیقة واقعیة ودعا الناس إلیه ، مع الأخذ بنظر الاعتبار جملة: (وَنُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ کِتَاباً یَلْقَاهُ مَنشُوراً ) حیث یمکن القول أنّ تفسیر الطائر بالعمل أنسب من تفسیره بکتاب الأعمال وذلک لأنّه ذکر کتاب الأعمال بشکل مستقل فلکون الأعمال متعلقة بعنق الإنسان فهی لا تنفک عنه أبداً، فإن کان العمل صالحاً فیسعد ویأنس به صاحبهُ وإن کان سیئاً فیؤذی صاحبه کالغل أو السلسلة .

وهناک مسألتان اُخریان فی هذه الآیة :

الاُولى : عرض کتاب الأعمال یوم القیامة واطلاع الآخرین علیه ، فیکون عاملاً فی فضیحة صاحبه لدى جمیع الخلائق .

الثانیة : إنّ کتابة صحیفة الأعمال واضحة بحیث لا حاجة إلى الحسیب بل یکفی أن یطلع الإنسان على أعماله ویحاسب نفسَهُ بنفسهِ .

فکما یدلّل اصفرار اللون والکآبة على وجود حالة مرضیة کذلک تدلّل الطراوة وامتلاء الوجنات والنشاط على الصحة والسلامة، وبهذا یستطیع المریض أن یحکم على نفسه بالمرض أو السلامة ولا حاجة لشهادة الآخرین .

فی الآیة السادسة نلاحظ تعبیراً جدیداً بخصوص الأعمال وهو کلمة (زبر)، والزبر جمع زبور وهو بمعنى الکتاب.

قال تعالى: (وَکُلُ شَىء فَعَلُوهُ فی الزُّبُرِ * وَکُلُّ صَغِیر وَکَبِیر مُّسْتَطَرٌ ) ومع أنّ هذه الآیة أشارت إلى وضع الأقوام السابقة التی کانت لدیها أعمال کأعمال الکفّار الذین عاصروا الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) لکن من البدیهی أنّه تعالى عندما یصرِّح بأنّ جمیع أعمالهم مثبتة ومسجلة فی کتاب، فهذا المفهوم یعنی أنّ أعمال جمیع الناس تکون على هذا النحو . .

«وزُبُر» : مشتق من (زُبْرَة) على وزن (سُفرة) بمعنى قطعة الحدید الکبیرة ثم اطلقت هذه الکلمة على الخطوط العریضة التی تکتب على الصفحات الکبیرة، لذا یقول الراغب الإصفهانی فی مفرداته: کل کتاب غلیظ الکتابة یقال له (زَبُور) ویستفاد من هذا التعبیر أنّ الزبور لا یطلق على کل کتاب بل یشترط فیه عظمة الخط وغلظته، وأنّ اختیار هذا التعبیر لکتاب الأعمال یعبر عن عمق المعنى فهو یبیّن ثبوت ووضوح هذا الکتاب .

إنّ تعبیر (الصغیر) و(الکبیر) وتقدیم الصغیر على الکبیر الذی لم یرد فی هذا الموضع من القرآن فقط بل فی مواضع متعددة، إشارة إلى عدم وجود أی استثناء فی تسجیل أی عمل وأی شخص .

أمّا «مستطر» فمأخوذة من مادة (اسطر) وتعنی الکتابة، وهذا تأکید آخر على أنّ تسجیل الأعمال وجمیع الأقوال وحتى النیات قد جمع فی مفهوم الآیة، (تأمل).

وقد صرحت الآیة السابعة بأنّ الکافرین یظنون أنّهم لن ینالوا جزاء أعمالهم یوم القیامة ، فهم یکذبون الآیات الإلهیّة فی حین: (وکلَّ شىء اَحْصَیْنَاهُ کِتَاباً ) .

و«أحصیناه»: مأخوذة من مادة (إحصاء) ومشتقةٌ فی الأصل من احصى حیث کانوا فی الماضی یستعملون الحصى لعد الأشیاء بدلاً من أصابع الید، وکلمة إحصاء بمعنى العد وجاءت لحفظ الحساب.

یقول بعض المفسرین: إنّ مفهومها هنا ینطبق مع مفهوم الکتابة ولهذا السبب أعربوا کتاباً، مفعولاً مطلقاً لأَحصینا، فی حین یجب أن یکون المفعول المطلق من مادة نفس الفعل الذی قبله، وبما أنّ معنى الکلمتین واحدٌ فیمکن أن یحل أحدُهما محل الآخر (1) .


1. وقیل إنّ (کتاباً) حال ، ولکن الاحتمال الأول هو الأصح .

 

جمع الآیات وتفسیرهاکتب فی علیین وأخرى فی سجین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma