2 ـ اجواء الامن والسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
1 ـ الاحترام الخاص 3 ـ الأمان بعد الخوف

إنّ أکثر ما یعکر صفو روح الإنسان فی الدنیا هو عدم الشعور بالأمان فی شتى مناحی الحیاة ، وعدم الشعور بحلاوة الدنیا یعود فی الغالب إلى عدم ثقة الإنسان بما بین یدیه ، فهو غیر واثق من المستقبل ولا هو واثق من أبناء جنسه، لا سیما إذا کانت لدیة نعمة أکثر فهو یجد نفسه عرضة لأمواج متلاطمة من الحقد والحسد والکراهیة بما یجعل الدنیا مظلمة فی عینیه .

واحدى النعم الروحیة المتوفّرة فی الجنّة هی الشعور بالأمن والأمان فی جمیع المجالات ، فلا خوف من اندلاع الحرب ولا وجل من المخاصمات ، ولا الحقد له وجود ولا الحسد ، والعشق والوفاء یملأ الأرجاء ، وکذلک المحّبة والاخوّة تحیط بالجمیع .

نلا حظ فی القرآن الکریم آیتین فیهما وصف جمیل وغنی للجنّة وهو «دار السلام» وهذا ما جاء فی الآیة الکریمة: (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِیُّهُمْ بِمَا کَانُوا یَعمَلُونَ ) . (الأنعام / 127)

وکذلک جاء هذا الوصف فی قوله تعالى: (وَاللهُ یَدعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ) . (یونس/25)

ینقسم المفسرون فی تفسیرهم لمعنى (دار السلام) إلى قسمین :

الأول : یرى أنّ السلام هنا یعنی السلامة من کل ألم وآفة وبلاء، وهو من أوصاف الدار أی: الجنّة ، فلا وجود هناک لصراع الناهبین فی الدنیا المادّیة ولا أثر للسلوکیة المنحرفة لأصحاب الثروة الغافلین عن ذکر الله ، ذلک المکان خال من الحروب وإراقة الدماء ولا مکان فیه للاستعمار والاستثمار ، نعم هناک دار السلام والوئام والأمن والأمان (1) .

الثانی : یرى أنّ السلام من أسماء الله ، وعلى هذا فدار السلام هی من قبیل المضاف والمضاف إلیه ، وهو إشارة إلى أنّ الجنّة دار الله ، وکلا المعنیین جمیل رغم أنّ المعنى الأول یبدو مناسباً أکثر، لأنّ أصل هذه المفردة بناءً على قول الراغب الإصفهانی ـ یعنی الخلو والسلامة من العیب والنقص الظاهری والباطنی ، حتّى أنّ هذه المفردة أطلِقت على ذات الباری عزّ وجلّ کواحدة من صفاته وأسمائه الحُسنى، لأنّ ذاته المقدّسة سالمة من العیب والفناء .

ویظهر کذلک من جملة (لهم دار السلام) أنّها تتطابق والمعنى الأول . (تأمل).

وورد فی حدیث عن ابن عّباس أنّه قال : «دار السلام : الجنّة وأهلها لهم السلامة من جمیع الآفات والعاهات والأمراض والاسقام ، ولهم السلامة من الهرم والموت وتغیر الأحوال علیهم ، وهم المکرمون الذین لا یهانون أبد ، وهم السعداء الذین لا یشقون أبد ، وهم الفرحون المسرورون الذین لا یغتمون ولا یهتمون أبد ، وهم الأحیاء الذین لا یموتون أبد ، فهم فی قصور الدر والمرجان أبوابها مشرعة إلى عرش الرحمن والملائکة یدخلون علیهم من باب سلام علیکم بماصبرتم فنعم عقبى الدار» (2) .

وأخیراً تأتی تکملة هذا الموضوع فی الآیة الکریمة: (وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ اِخْوَان عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِینَ * لایَمَسُّهُمْ فِیهَ نَصَبٌ وَمَاهُمْ مِّنهَا بِمُخْرَجِینَ ) (3). (الحجر/47 48)

وبما أنّ کلمة «غل» تحتمل الکثیر من المعانی الواسعة التی تدل فی الغالب على الصفات الباطنیة القبیحة التی تعکر صفو الروح والجسد والعائلة والمجتمع ، لهذا یفهم من هذه الآیة أنّ صدور أهل الجنّة خالیة من الحقد ولا تحمل قلوبهم أی ضغینة وعداوة وکبر وحسد ، فالله قد نزع من قلوبهم کل هذه الصفات الرذیلة ، فسادتهم روح الاخوة والمحّبة. وما أجمل وألطف مثل هذه الأجواء الخالیة من تلک الصفات التی یخیم علیها الحب والعطف والسلام والوئام .

وحتى فی الحیاة الدنیا کلما أزیلت أمثال هذه الرذیلة من المجتمع کلما ساده الأمن والاستقرار ، وعلى العکس من ذلک کلما انتشر وجود أمثال هذه الظواهر فی أی بیت أو مجتمع أصبحت مصدراً للنزاعات الدامیة والمؤسفة وسبباً لزعزعة الأمن والاستقرار .

وممّا یثیر الاهتمام أنّ القرآن الکریم جعل الاستقرار الداخلی مکمّلاً للاستقرار الخارجی حیث یقول: لا یوجد فی الجنّة تعب أو اضطراب، وینعدم فیها الخوف من زوال النعم، وهو الهاجس الذی یقلق بال الإنسان الذی ینعم بالخیرات ویکدّر علیه عیشه ، وکل هذه الأسباب تجعل من نعم الجنّة هنیئة مستساغة (4) .


1. بلغنی وأنا أکتب هذه الجمل أنّ المستعمرین بقیادة أمریکا قد بدأوا قبل عدّة ساعات بهجوم على العراق وأنّ المئات من طائراتهم تضرب وبشکل متواصل جمیع المنشآت الحیویة فی هذا البلد(27/10/ 1369 المصادف لیوم 30 جمادى الثانیة عام 1411).
2. بحار الأنوار، ج 8، ص 194 ، ح 176 .
3. «غلّ» مشتقّة من کلمة «غلل» على وزن «بَلَل»، وتعنی فی الأصل النفوذ التدریجی للشیء، ولهذا یُقال للماء الذی یجری ویتسلل بین الأشجار (غلل) ، وکذلک یقال للحسد والحقد والعداوة «غل» لأنّها تنفذ إلى القلب خفیة وبالتدریج ، وکذلک یطلق على الخیانة اسم «الغلول» لهذا السبب .
4. ورد ما یشابه هذا المضمون مع بعض الاختلاف الجزئی فی : الآیة 43 من سورة الأعراف ; والآیة 35 من سورة فاطر .

 

1 ـ الاحترام الخاص 3 ـ الأمان بعد الخوف
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma