جمع الآیات وتفسیرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
3 ـ صحیفة الأعمالالکتاب الذی یتکلم

تتحدث الآیة الاُولى عن الحیاة بعد الموت وعن کتاب الأعمال، ذلک الکتاب الذی یکتب بید القدرة الإلهیّة وتثبت فیه أعمال الناس کلها وعبر عنه بـ (الإمام المبین) (إِنَّا نَحْنُ نُحْیِ الْمَوْتى وَنَکتُبُ مَاقَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَکُلَّ شَىء أَحصَیْنَاهُ فِى إِمَام مُّبین ) .فما المراد بالآثار؟

قیل: إنّ عبارة (ما قدموا) إشارة إلى الأعمال التی یؤدّیها الإنسان، (وآثارهم) إشارة إلى السنن التی یخلفها بعد موته أو آثار الخیر والصدقات الجاریة مثل الأبنیة والأوقاف والکتب العلمیة والتربویة.

وقیل أیض : إنّ المراد بـ (ما قدموا) النیات التی تحصل قبل أداء العمل، و(آثار) إشارة إلى الأعمال التی تنجز بعد النیّة وقیل إنّ (ماقدموا) إشارة إلى الأعمال الصالحة والسیئة، و(آثار) إشارة إلى الخطوات التی یخطوها الإنسان لانجاز هذه الأعمال ، فیقال للقدم من هذه الجهة (أثر) حیث تترک الاقدام أثرها على الأرض وخاصة الترابیة .

ونذکر حدیثاً حول نزول هذه الآیة، حیث إنّ فریقاً من الأنصار (طائفة من بنی سلمة کانوا فی ناحیة المدینة فشکوا إلى الرسول بعد منازلهم من المسجد والصلاة معه فأرادوا النقلة فقال (صلى الله علیه وآله) : «إنّ الله یکتب خطواتکم ویثیبکم علیه فالزموا بیوتکم» (1).

«الإمام المبین»: هو اللوح المحفوظ الذی تثبت فیه جمیع الحقائق حسب قول الکثیر من المفسرین وبناءً على ذلک یستفاد من التعبیر أعلاه أنّ الإمام المبین هو غیر صحیفة الأعمال التی تختص بکل فرد، بل هو کتاب عمل عام ، فهذا اللوح بمنزلة سجل عام تحصى فیه جمیع أعمال الناس ، وسوف نوضح هذا الکلام فی موضوع (تعدد صحف الأعمال) .

عبارة (مبین) إشارة إلى ذکر اللوح المحفوظ وصحیفة الأعمال لجمیع الأعمال نظراً لأنّه لا یغادر صغیرة ولا کبیرة من الأعمال الصالحة أو السیئة إلاّ أحصاه .

ولقد جاء فی روایات متعددة أنّ المراد من (الإمام المبین) هو الإمام المعصوم الذی یبیّن جمیع الحقائق بأمر الله تعالى وبتعلیم من الرسول (صلى الله علیه وآله)، وفی هذا الصدد ورد حدیث عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی تفسیر على بن إبراهیم(علیه السلام) قال : «أنا والله الإمام المبین ! أُبیّن الحق من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله علیه وآله)» (2) .

ومن خلال هذه التفاسیر یتبیّن أنّ للإمام المبین مفهوماً واسعاً فکما یشیر ظاهرهُ إلى کتاب الأعمال الذی یدون جمیع أعمال الناس کذلک یشیر باطنه إلى الإمام المعصوم الذی یُبیّن الحق من الباطل من خلال العلم الذی یرثه عن الرسول(صلى الله علیه وآله) .

ولقد أشارت الآیة الثانیة إلى هذا المعنى بصراحة أکثر: (وَوُضِعَ الْکِتَابُ فَتَرَى الُْمجْرِمِینَ مُشفِقِینَ مِمَّا فِیهِ وَیَقُولُونَ یا وَیلَتَنَا مَالِ هَذَا الْکِتَابِ لاَ یُغَادِرُ صَغِیرَةً وَلاَ کَبِیرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا )فهل أنّ هذا الکتاب هو کتاب أعمال الناس الذی أشارت إلیه الآیةُ الاُولى ؟ أم أنّه کتاب أعمال کل اُمة أو کتاب أعمال کل إنسان؟ (وذلک ـ وکما سنوضح ذلک فی البحوث المقبلة إن شاء الله ـ أنّ هذه الأنواع الثلاثة من کتب الأعمال . . أخذت من آیات القرآن الکریم) .

فالاحتمالات الثلاثة ممکنة فی تفسیر هذه الآیة ولو أنّ من الممکن أن یکون ذکر (الکتاب) بصورة المفرد إشارة إلى کتاب أعمال جمیع الناس، ویستفاد من الآیة الکریمة أنّ هذا الکتاب یعرض جمیع جزئیات أعمال الإنسان الصالحة والسیئة، الکبیرة والصغیرة ، حتى أنّ أصحابها یصیبهم الوجل والخوف من أعمالهم، وسبب وجلهم یعود إلى حضورهم فی محکمة العدل الإلهی من جهة ومن جهة اُخرى أنّهم قد نسوا الکثیر من الأعمال ولم یعطوها أهمیّة، ولکنّها الیوم تجسدت أمام أعینهم ، ومن جهة ثالثة ، الفضیحة العظمى أمام الخلائق .

ویجب أن ننتبه إلى هذا المعنى وهو أنّ کلمة (یغادر) مشتقة من مادة (غَدْر) بمعنى الترک، و بناء على ذلک یکون مفهوم هذه الجملة هو أنّ هذا الکتاب لا یترک شیئاً إلاّ وسجّلهُ ، ویقال لنکث العهد غدر وذلک بسبب عدم الوفاء به .

وتتحدث الآیة الثالثة عن کتابة رسل الله تبارک وتعالى: (أَمْ یَحْسَبُونَ أَنَّا لاَنَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَیْهِم یَکْتُبُونَ ) .

ومن الواضح أنّه لا یوجد هناک تضارب بین هذه الآیة والآیة التی تقول: (إِنَّا نَحنُ نُحْیِ المَوتَى وَنَکتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثَارَهُم ) نظراً لأنّ عمل الرسل والملائکة إنّما هو فی الحقیقة عمل الله تبارک وتعالى لأنّه یجری بأمره ، وهناک احتمال بأنّ کتاب أعمال الناس جمیعاً (الإمام المبین) یکتب بید القدرة الإلهیّة ، أی بصورة مباشرة، أمّا کتاب أعمال کل إنسان الذی عرض فی هذه الآیة فیکتب بواسطة الملائکة، أمّا تعبیر (الرسل) وهو جمع رسول فالمراد به هنا الملائکة المأمورون بکتابة الأعمال ، ولیس المقصود وجود عدد من الملائکة لکل إنسان بل یمکن أن یکون لکل فرد ملک واحد أو ملکان فیکون بصورة الجمع بالنسبة لمجموع الناس.

یقول الزمخشری فی الکشاف: (السّرّ) ما حدّث به الرجل نفسه أو غیره فی مکان خال أمّا النجوى ما تکلّموابه فیما بینهم همس (3) .


1. تفسیر مجمع البیان، ج 4، جزء 22، ص 418; تفسیر الکبیر ، ج 6، ص 49; تفسیر القرطبی، ج 8، ص 54 ـ56 .
2. تفسیر علی بن إبراهیم، ج 2، ص 212 .
3. تفسیر الکشاف، ج 4، ص 265 .

 

3 ـ صحیفة الأعمالالکتاب الذی یتکلم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma