هناک روایات کثیرة تتعلق بالاُمور التی یُسأل عنها یوم القیامة وکل واحدة من هذه الروایات تحتوی على تعابیر عمیقة المعنى ، وأنّ دراسة هذه الروایات له أبلغ الأثر فی تربیة الإنسان وابراز معالم القیم الإسلامیة .

ومن هذه الروایات ما یأتی :

1 ـ جاء فی حدیث للرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «لا تزول قدما عبد یوم القیامة حتى یسأل عن أربع : عن عمره فیما أفناه، وشبابه فیما أبلاه ، وعن ماله من أین اکتسبه وفیما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البیت» (1) .

2 ـ وجاء فی حدیث آخر عن الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله): «أنّه تفتح للعبد یوم القیامة على کل یوم من أیّام عمره أربعة وعشرون خزانة عدد ساعات اللیل والنهار ـ فخزانة یجدها مملوءة نوراً وسروراً فیناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزع على أهل النّار لأدهشهم عن الاحساس بألم النّار ، وهی الساعة التی فیها اطاع ربّه ثم یفتح له خزانة اُخرى فیراها مظلمة منتنة مفزعة فیناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسم على أهل الجنّة لنغص علیهم نعیمها وهی الساعة التی عصى فیها ربّه ثم یفتح له خزانة اُخرى فیراها فارغة لیس فیها ما یسره ولا مایسوؤه وهی الساعة التی نام فیها أو اشتغل فیها بشی من مباحات الدنیا فیناله من الغبن والأسف على فواتها حیث کان متمکناً من أن یملأها حسنات ما لا یوصف ومن هذا قوله (ذلک یوم التغابن)» (2) .

3 ـ وجاء فی حدیث آخر للرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) : «أنا أول قادم على الله ثم یقدم علیَّ کتاب الله ثم یقدم علیَّ أهل بیتی ، ثم یقدم علیَّ اُمتی فیقفون ، فیسألهُم ما فعلتم فی کتابی وأهل بیت نبیّکم» (3) .

4 ـ وجاء فی حدیث آخر : «أول ما یحاسب به العبد الصلاة فإن قبلت قبل ماسواها» (4).

5 ـ وجاء فی حدیث آخر : «ان أول مایسأل عنه العبد یوم القیامة عن جلسائه» (5) .

فمن الممکن أن یشعر القاری بأنّ هناک تضادا فیما یتعلق بأول مایسأل عنه الإنسان یوم القیامة فاذا کان أحدهما هو الأول فکیف یکون غیره الأول أیض ، ولکن یظهر أنّ المراد بأنّ هناک مجموعة من الأعمال یسأل عنها ضمن المرحلة الاُولى ، وکل الذی ورد فی هذه الأحادیث إنّما من أجزاء هذه المجموعة ، ومن المعلوم أنّ هذه الأحادیث توضح أهمیّة الموضوعات المذکورة فی المنظور القرآنی ، أی توضح أهمیّة (التوحید ، والنبوة ، وحب أهل البیت ، والصلاة ، والجلساء) .

ویوجد احتمال آخر وهو أنّ هناک مواقف عدیدة یوم القیامة وأول ما یسأل عنه فی کل موقف من هذه المواقف هو أحد هذه الأمور .

6 ـ وجاء فی حدیث آخر عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال : «اتقوا الله فی عباده وبلاده فإنّکم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم» (6) .

یخبر هذا الحدیث بأنّ الإنسان مسؤول حتى عن البیئة والحیوانات وسوف یسأل عنها یوم القیامة .

1. خصال الصدوق، (مطابق لماورد فی بحار الأنوار، ج 7، ص 258، ح 1).
2. بحار الأنوار، ج 7، ص263، ح 15 .
3. المصدر السابق، ح 22 .
4. المصدر السابق، ص 267، ح 33 .
5. تفسیر درّ المنثور، ج 5، ص 273 .
6. نهج البلاغة، خطبة 167 .