الحزن والهم القاتل والحسرة اللامتناهیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهید کثرة اللوم والتقریع

المقصود من العقوبات والآلام الروحیة مجموعة من الممارسات التی تضغط على روح الإنسان ونفسه وإن کانت لاتؤثر على جسمه فی الظاهر أو أنّ لها تأثیراً ثانیاً إذ تؤذی الجسم مباشرة وتؤلم الروح أیض .

فنرى فی الآیة الاُولى نموذجاً للقسم الثانی إذ تقول : (وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا فَاُولَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِینٌ ) .

لم یتسع حدیث القرآن هنا لاعطاء مزید من الایضاحات حول کیفیة هذا العذاب ، والاسلوب الذی یؤدّى لاِهانة وإذلال أصحاب النّار ، بل أشار إلى الموضوع إشارة عامّة تشمل بلا شک ـ جمیع الجوانب المهینة فی عذاب جهنّم التی تؤدّی إلى إذلال المستکبرین الطغاة ودفعهم إلى أدنى درجات الذلّة .

وقد احتمل بعض المفسّرین «کالقرطبی» أنّ العذاب المهین إشارة إلى المصیر الذی آل إلیه المشرکون فی معرکة بدر ، ولکن لو التفتنا إلى الآیة السابقة التی تحدثت عن « جنات النعیم » للمؤمنین لرأینا أنّ الآیة دالّة على العذاب المهین الموجود فی النّار .

وعلى کل حال یدل هذا التعبیر الذی ورد عدّة مَرّات فی القرآن الکریم على أنّ عذاب الجحیم مقرون بأنواع الاهانات التی تؤلم کلاّ من الروح والجسد ، وهذا تجسید للتحقیر والاستهانة التی کانوا یبدونها للأنبیاء والمؤمنین والمستضعفین من أهل الإیمان، وهذا مایستلزم أن یتلقّوا فی ذلک الیوم نتیجة عملهم بهذه الصورة .

وفی الآیة الثانیة کان الحدیث عن فضیحة أهل النّار وهذا هو عذاب معنوی مؤلم ، فقد نقلت لنا الآیة ذلک على ألسنة العلماء من أهل الإیمان الذین اطلقت علیهم «أولو الألباب» فقالت : (رَبَّنَا اِنَّکَ مَنْ تُدخِلِ النَّارَ فَقَد اَخْزَیتَهُ وَمَا لِلظَّالمِینَ مِنْ اَنصَار ) .

«أخزیته»: مأخوذة من (الخزی) ولها معان عدیدة فی کتب اللغة مثل : سوء الحال ، والابتعاد ، والذلّة ، والافتضاح ، والاستهانة ، ونفس هذه المعانی وردت فی کلام المفسّرین أیض (1) .

ویتضّح من سیاق الآیة أنّ العقوبات النفسیة یوم القیامة أکثر إیلام ، لأنّ اُولی الألباب یطلبون من الله عزّ وجلّ أن لا یدخلهم النّار ویقولون : إنّک من أدخلته النّار فقد أخزیته إشارة إلى أنّ الشیء الأسوء من النّار هو ذلک الخزی ، تماماً مثل بعض الأشخاص الذین لا یأبهون کثیراً لدخولهم السجن ولکنهم یحرصون کثیراً على عدم انتشار هذا الخبر ، لأنّ انتشاره یؤدّی إلى فضیحتهم فی المجتمع وهو ما یعتبرونه أشدَّ إیذاءً وإیلاماً من السجن ذاته .

أمّا جملة: (وَمَا لِلظَّالمِینَ مِنْ اَنصَار )، فهی إشارة إلى هذه الحقیقة وهی أنَّ کل مایجری علیهم الیوم إنّما جاء نتیجة لظلمهم ، فمن الطبیعی أن یفتضحوا هناک ویُذلّوا ولا یجدون ناصراً ولا معین ، (هذا التعبیر لا یتنافى طبعاً مع قضّیة الشفاعة لمن یستحقّه ، لأنّ المقصود هنا نفی الناصر الذی یعین الظالمین بقدرته ونفوذه ، لا عن طریق الاستعانة بالقدرة الرّبانیة ).

وتطرّقت الآیة الثالثة إلى موضوع الغم والحزن الذی یعانی منه أصحاب جهنّم وهو ما یعکس آلامهم النفسیة ، وقالت : (کُلَّمَا اَرَادُوا اَنْ یَخْرُجُوا مِنهَا مِن غَمّ اُعِیدُوا فِیهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِیقِ ) .

قال الکثیر من المفسّرین إنّهم کلما أرادوا الخروج من هذا الغم والتحرر منه واللجوء إلى أطراف جهنّم ، یقوم خزنتها بإرجاعهم بالهراوات أو المقامع النّاریّة ، لأنّ الآیة السابقة قد أشارت إلى هذا المعنى وخاصّة الجملة التی تنص على :(وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِید ).(الحجّ /21)

وجملة: (وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِیقِ ) التی تُقال لهم من باب التقریع والاستهانة تُعتبر هی الاُخرى نموذجاً لهذا العذاب النفسی (2) .


1. مقاییس اللغة ; مصباح اللغة ; صحاح اللغة ; لسان العرب ; والتحقیق فی کلمات القرآن الحکیم ; وجاء فی تفسیر مجمع البیان معنیان آخران لکلمة الخزی وهم : الهلاک ، والوقوف فی موقف الفضیحة والذل .
2. کلمة «الحریق» وإن کانت هنا اسم مصدر إلاّ أنّ لها معنى الفاعل ، أمّا على قول البعض الآخر فهی صیغة مبالغة (أو صفة مشبّهة» ، وعلى قول الراغب فـ«الحریق» هنا بمعنى النّار وهذا التفسیر یبدو أکثر ملائمة لأنّه أضاف العذاب إلى الحریق .

 

تمهید کثرة اللوم والتقریع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma