من العلامات الاُخرى لنهایة هذا العالم وقرب قیام الساعة، انفجار البحار ، ونقرأ فی هذا الصدد قوله تعالى :(واِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ). (الانفطار 3)
وقال فی موضع آخر: (وَاِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ). (التکویر / 6)
وقال فی الآیة السادسة من سورة الطور بعد أن أقسم بأیمان متعددة ومتتابعة: (وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ ) .
بلا شک أنّ الآیة الاُولى والثانیة أشارتا إلى (أشراط الساعة) وذلک لأنّ الآیات التی وردت بعدها دلّت على هذا المعنى بشکل واضح، أمّا فیما یتعلق بالآیة الثالثة فقیل فی تفسیرها إنّها کانت ناظرة إلى علامات القیامة .
ولقد وردت فی إحدى هذه الآیات عبارة (فجّرت) وهذه الکلمة مشتقة من (فَجر) واستعملت بمعنى الانفجار ومن الممکن أن تکون هذه إشارة إلى انفجار البحار .
لقد أصبحت هذه الحالة الیوم مفهومة نظراً لأنّ الماء یتکون من عنصرین ، الأول هو الاوکسجین والثانی هو الهیدروجین وهذان العنصران قابلان للاحتراق فلو کان هناک عامل یسبب فی تجزئة الماء لتبدلت البحار إلى کتلة عظیمة من نیران محرقة ، وتکفی قدحة صغیرة لإحراق العالم بأسره .
ویحتمل أن تکون الزلزلة الشدیدة التی تقع قبیل القیامة هی السبب فی تشقق الأرض واتصال البحار مع بعضها البعض وعلى أثر ذلک سوف تتصل جمیع البحار البحیرات الموجودة على الأرض وهذا أیضاً أحد الأقوال التی ذکرت فی تفسیر هذه الآیة .
وهناک تفسیر ثالث یقول : عندما تتلاشى الجبال یسقط غبارها فی البحار فتمتلئ ویطغى الماء على الیابسة فتصیر کلها بحراً واحداً .
وبهذه المعانی الثلاثة فسّرت الکلمة الثانیة (سجّرت) المشتقة من مادة (تسجیر) وذلک لأنّ التسجیر فی الأصل یعنی الإیقاد ویأتی أحیاناً بمعنى المل ولذا یقال للتنور المملوء بالنار (مسجر) .
وقد یکون اشتعال البحار بسبب تجزئتها إلى عنصرین قابلین للاحتراق (الاوکسجین والهیدروجین) أو لعلل اُخرى نجهلها، أمّا امتلاء البحار فهو إمّا بسبب تلاشی الجبال وسقوطها فی البحار أو بسبب سقوط الأحجار السماویة الکبیرة فیها أو لعلل اُخرى غیر معروفة .
