الفصل الثالث: علامات بدء القیامة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
5 ـ انشقاق الأجرام السماویة تمهید

عند قیام الساعة تقع حوادث عظیمة، فکما أنّ الدنیا تنتهی بوقوع حوادث عظیمة ، کذلک تقترن بدایة القیامة بحوادث عظیمة أیضاً، وقد ورد هذا المعنى فی آیات مختلفة من القرآن الکریم .

1 ـ قال تعالى : فی سورة إبراهیم : (یَوْمَ تُبَدَّلُ الاَْرْضُ غَیْرَ الاَْرضِ وَالسَّمواتُ وَبَرَزُوا للهِِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ). (إبراهیم / 48)

هذا التبدیل هو إشارة واضحة إلى المرحلة الثالثة وذلک لأنّه تعالى یقول فی ذیل الآیة (وَبَرَزُوا للهِِ الوَاحِدِ القَهَّارِ ).

وهذه النکتة جدیرة بالاهتمام، فلیس المراد من تبدیل الأرض بأرض اُخرى هو تبدیل لذات الأرض کما یتصور البعض بل إنّ المقصود هو تبدل صفاتها مثل ازالة الجبال أو استوائها وصیرورتها قاعاً صفصفاً کما یذکر القرآن الکریم أو زیادة مساحتها وغیر ذلک من دون تبدیل ذاته .

ودلیل هذا الکلام آیات عدیدة عن نشور الأموات من قبورهم وبالخصوص منها: (مِنْهَا خَلَقنَاکُم وَفِیهَا نُعِیدُکُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُکُمْ تارَةً اُخَرَى ) . (طه / 55)

على کل حال ذکر المفسرون آراء عدیدة حول هذه الآیة ولا یوجد لدیهم أی دلیل إلاّ بعض الروایات المرسلة ، أو الاستناد إلى بعض أقوال الآخرین، فاحیاناً یقولون إنّ الأرض تبدل بالفضة والسماء بالذهب وأحیاناً اُخرى یقولون إنّ الأرض تبدل بالنار والسماء بالجنان أو کل قطعة من الأرض تبدل إمّا إلى فضة أو إلى نار حسب ما یناسب وضعها مع المؤمنین والکفّار .

وکل م نستفیده من هذه الآیة بشکل عام : إنّ هناک تغیرات عظیمة لم تتضح تفاصیلها لنا.

2 ـ قال تعالى فی موضع آخر: (اِذَا زُلْزِلَتِ الاَْرْضُ زِلْزَالَهَا * وَاَخرَجَتِ الاَْرْضُ اَثْقَالَهَا ). (الزلزال / 1 2)

وهنا یطرح هذا السؤال هل أنّ هذه الزلزلة هی نفس الزلزلة التی تعمّ جمیع أنحاء الکرة الأرضیة عند نهایة الکون وتؤدّی إلى تدمیر العالم بأسره ؟ أم أنّها هی التی تقع أثناء یوم القیامة ؟ هناک اختلاف بین المفسرین بصدد هذه الآیة ولقد نقل الفخر الرازی فی تفسیره کلا التفسیرین(1) ولکن إذا تأملنا الآیة الثانیة من هذه السورة: (وَاَخرَجَتِ الاَْرْضُ اَثْقَالَهَا )لکان المعنى الثانی هو الأنسب مع سیاق الآیة ، وذلک لأنّ (الاثقال) جمع (ثَقَل) أی یخرج کل ما دفن فی الأرض، وهناک احتمال قوی أنّ المراد بالأثقال الموتى حیث یخرجون من قبورهم کما ورد فی قوله تعالى: (وَاَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ ) . (الانشقاق / 4)

وبهذا المعنى تحدث الزلزلة الثانیة قبل إحیاء الأموات وشروع القیامة، وهذه الزلزلة تعمّ کل الکون على خلاف سائر الزلازل التی تتحدد بمنطقة صغیرة، فإنّ تعبیر: (اِذَا زُلْزِلَتِ الاَْرْضُ )یفید الاطلاق وتعبیر زلزالها یؤکد هذا المعنى .

ولقد ورد ما یشابه هذا التعبیر بل وبصورة أوضح فی قوله تعالى: (یَوْمَ تَشَقَّقُ الاَْرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِکَ حَشْرٌ عَلَیْنَا یَسِیرٌ )(2) . ( ق / 44)

ویتضح من الآیات أعلاه أنّ انشقاق الأرض بأسرها وخروج الناس دفعة واحدة من قبورهم یکون متزامناً مع وقوع زلزلة عنیفة تشمل کل أرجاء العالم .

إنّ هذه الزلزلة تقع قبیل إحیاء الأموات ولیس فی نهایة العالم خاصة، وقد ورد فی الآیة تعبیر (حشر) بدلا من إحیاء الأموات ، والحشر یعنی (اجتماع الناس بعد إحیائهم أو جمع أجزاء الأبدان المتفرقة أو جمع الأرواح والأجساد).

إنّ هذه الزلزلة وعلى خلاف سائر أنواع الزلازل زلزلة بناء وإعمار، فهی لیست مدمرة أو ممیتة بل إنّها تاتی لإخراج الناس من قبورهم لیستأنفوا حیاة جدیدة .

وقد ورد نظیر هذا المعنى فی الآیة: (یَومَ تَرجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) . (النازعات / 6 ـ 7)

ویرى الکثیر من المفسرین أنّ الآیة الاُولى هی إشارة إلى نفخة الصور الاُولى (وهی الصیحة العظمى التی تنهی العالم) أمّا الآیة الثانیة فهی إشارة إلى النفخة الثانیة (صیحة الاحیاء) وهی الصیحة التی تبدأ بها القیامة ، وهذا المعنى على خلاف ظاهر الآیة وذلک لأنّ الراجفة مشتقة من رجف وهی على ما ذکره صاحب مقاییس اللغة، تعنی الاضطراب .

وقد ذکر الراغب فی مفرداته (الرجفة) بمعنى الاضطراب الشدید، ویقال للبحر الهائج (بحر رجاف)، و(أراجیف) هی الأخبار التی تزلزل الأفکار العامة للمجتمع ، صحیح أنّ الصیحات العظیمة تقرن عادة مع الزلازل ولکن لا توجد هناک ضرورة لترک المعنى الحقیقی للزلزلة الاُولى والثانیة واختیار الکنایة أو المعنى اللازم .

3 ـ إِنّ تبدل سطح الکرة الأرضیة من احدى علامات شروع القیامة فتصبح الأرض مسطحة ملساء تماماً ویبرز جمیع الناس بوضوح على سطح الکرة الأرضیة: (یَومَ نُسَیِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الاْرضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُم فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ اَحَداً ). (الکهف / 47)

إنّ حرکة الجبال هی مقدّمة لتدمیر الأرض، وعلى أثر هذا التدمیر الذی ذکرته الآیة التی نحن بصددها والآیات الاُخرى أیضاً تصبح الأرض قاعاً صفصف : أی مسطحة ومستویة لا یعلوها شیء ویظهر جمیع الناس علیها بشکل واضح .

ولو تأملنا فی هذه الآیات: (وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ یَنسِفُهَا رَبِّى نَسفاً * فَیَذَرُهَا قَاعاً صَفصَفاً * لاَّ تَرَى فِیهَا عِوَجاً وَلاَ أَمْتاً * یَومَئِذ یَتَّبِعُونَ الدَّاعِىَ لاَ عِوَجَ لَهُ ). (طه / 105 108)

لاتّضح لنا أنّ هذه الآیات تعرض لنا مشاهد من حوادث نهایة العالم ومشاهد اُخرى من حوادث قیام الساعة.

هذه خلاصة للبحوث المتعلقة بـ (أشراط الساعة) وإِمارات القیامة ولقد عرضناها فی ثلاثة فصول وذلک بالاستفادة من الآیات القرآنیة وکذلک عرضنا مشاهد من التغیرات العظیمة التی تقع فی نهایة العالم وبدایة القیامة .


1. التفسیر الکبیر، ج 32، ص 58 .
2. «تُشقق»، کانت فی الأصل تتشقق فحذفت احدى التائین .

 

5 ـ انشقاق الأجرام السماویة تمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma