عذاب الخلد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
تمهید أبدیة العذاب

تطالعنا الآیة الأولى بکلمة «الخلود» المعروفة ، فتقول : (وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا اُولَئِکَ اَصحَابُ النَّارِ هُم فِیهَا خَالِدُونَ ) .

هذا فی وقت صَرّحت فیه بعض الآیات القرآنیة الاُخرى بکلمة «الأبدیة» بعد کلمة الخلود وهو مایُعَدُّ تأکیداً له ، ومن جملة ذلک قوله تعالى : (وَمَنْ یَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَاِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِینَ فِیهَا اَبَداً ). (الجن / 23)

وجاء نفس هذا المعنى أیضاً فی الآیة (45) من سورة الأحزاب ، حیث اقترنت کلمة الأبدیة بکلمة الخلود .

وقد وردت کلمة الخلود فی نار جهنّم فی آیات کثیرة من القرآن الکریم، فمنها ماورد وصفاً مثل «خالدون» و«خالدین» ، ومنها ماورد على صیغة الفعل کما فی سورة الفرقان التی أشارت إلى مضاعفة العذاب على المشرکین والقتلة والزُناة وقالت : (وَیَخْلُدْ فِیهِ مُهَاناً ) .(الفرقان / 69)

وورد هذا العنوان أحیاناً کقید للعذاب ، کما جاء فی قوله تعالى: (ثُمَّ قِیلَ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ ) . (یونس / 52)

وجاءت کلمة «الخلود» بصیَغها المختلفة (فعل ، ووصف ، ومصدراً) بخصوص عذاب النّار أکثر من ثلاثین مَرّة فی القرآن الکریم ، وتأکیده على هذه الکلمة له مفهوم خاص سیتّضح سببه فی البحوث القادمة بمشیئة الباری عزّ وجلّ .

وقد وردت هذه الکلمة أیضاً بخصوص نعم الجنّة فی آیات کثیرة من القرآن الکریم والتی سبقت الإشارة إلیها فی بحث نِعَم الجنّة .

لنرى الآن ما معنى «الخلود» فی اللغة ، وما معناه عند المفسّرین :

فسَّر لسان العرب کلمة الخلود بمعنى دوام البقاء فی دار لا یخرج منها واطلق للآخرة (دار الخلد) لبقاء أهلها فیه .

وفی مقاییس اللغة ذکر معنىً واحداً لأصل الکلمة وهو الثبات والبقاء والتلازم .

وورد نفس هذا المعنى أیضاً فی «صحاح اللغة» وکتب اُخرى .

لکن الراغب قال فی «المفردات»: إنّ معناها الأصلی هو تبرّی الشیء من عروض الفساد وبقاؤه على الحالة التی هو علیه ، وکل ما یتباطأ عنه التغییر والفساد تصفه العرب بالخلود ، ویقال للذی یبقى مدة طویلة ، وفیه قیل : رجل مخلّد لمن أبطأ عنه الشیب .

وعلى کل الأحوال نستخلص من مجموع کلمات أصحاب اللغة رأیین مختلفین.

الأول : هو المعنى الدال على الدوام والبقاء والأبدیة ، وإن اطلق على طول العمر فهو من باب التشبیه لیس إل .

والثانی: طول العمر ، وإذا اُطلق على الدوام والأبدّیة فهو من باب البیان المطلق .

وللمفسرین أیضاً آراء مختلفة فی هذا الصدد .

فقد صَرّح بعضهم: إنّ «الخلود» هنا یعنی الاستمرار والدوام الذی لا انتهاء له مطلق (1) .

وقال آخرون إنّ معناه الحقیقی هو الاستمرار والتواصل والدوام ومعناه المجازی المدّة الطویلة ، أمّا الاستخدام القرآنی للکلمة فهو بالمعنى الأول (2) .

وذکر بعضهم نفس هذا المعنى بتعبیر آخر وهو أنّ الخلود فی اللغة یعنی المکث الطویل کما هو الحال فی قولنا للسجن المؤبد والفترات الطویلة الأمد، فنقول مثلاً خُلِّد فلان فی السجن ، أمّا فی لسان الشرع فیعنی الأبدیة (3) .

وجاء فی تفسیر المنار أنّ فتح باب تأویل الخلود أدى إلى جرئة أصحاب استقلال الفکر فی هذا الزمان على الدخول فیه والقول إنّ معنى خلود الکافرین فی العذاب طول مکثهم فیه ، لأنّ الله الرحمن الرحیم ، الذی سبقت رحمته غضبه ما کان لیعذب بعض خلقه عذاباً باق لا نهایة له (4).

ویقول البعض أیض : رغم أنّ الکفرة والمعاندین الطغاة المتمّردین الذین استشرت الذنوب فی صمیم کیانهم یبقون فی النّار ، إلاّ أنّ جهنّم لا تبقى دوماً على حال واحدة فلابدّ أن تبلغ الیوم الذی تخمد نارها ویرتاح أهله .

وقد احتمل أیضاً أنّ أهل النّار سیعتادون بمرور الزمن على شدّة حرارة النّار وکثرة العذاب ویتلاءمون بالتدریج مع وضع جهنّم فلا یبقى لدیهم أی شعور بالألم !

إلاّ أنّ أمثال هذه الاحتمالات مرفوضة من قبل علماء الإسلام ومفسری القرآن لأنّها تتعارض وصریح الآیات القرآنیة ، إضافة إلى أنّ الآیات التی قرأناها لم تقتصر عباراتها على ذکر کلمة الخلود فحسب حتّى تتحمل مثل هذه التأویلات بل توجد إضافة إلیها تعابیر اُخرى وردت وهی لا تحتمل مثل هذه التأویلات ، (فتأمل) .

وخلاصة القول هی أنّ العجز عن حل مشکلة الخلود فی العذاب ، قد دفع البعض فیما یبدو إلى المیل لمثل هذه التأویلات غیر الصائبة، وإلاّ فدلالة الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة بالنسبة لخلود العذاب لمجموعة من المجرمین مسألة لا تقبل النقاش.

وفی العبارة الثانیة نلاحظ وجود کلمة «الإقامة» حیث تقول الآیة الشریفة : (یُرِیدُونَ اَن یَخرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَاهُم بِخَارِجِینَ مِنهَا وَلَهُم عَذابٌ مُّقِیمٌ ) .

إنّ وصف کلمة العذاب بـ «المقیم» یدل بوضوح على أنّ هذه العقوبة بالنسبة لهم ثابته ومستمرة.


1. الطبرسی فی مجمع البیان .
2. تفسیر القرطبی، ج 1، ص 207 .
3. تفسیر المراغی، ج 1، ص 69 .
4. تفسیر المنار، ج 1 ، ص 364 .

 

تمهید أبدیة العذاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma