السرعة فی الحساب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السادس)
میزان الأعمال 1 ـ وصف للمحکمة الکبرى

تحدّثت الآیة الثانیة عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة عن یوم الحساب وسرعة الأعمال فی ذلک الیوم من قبل الله تعالى .

ولقد تحدّثت الآیة الاُولى بعد أن أشارت إلى الآیات التی قبلها إلى جنّات عدن وما فیها من نعم کثیرة من أطعمة وأشربة، وحور عین . فقالت : (هَذَا ما تُوعَدُونَ لِیَومِ الحِسَابِ ).

إنّ مسألة الحساب یوم القیامة مسألة واضحة جلیة بحیث إنّ ذلک الیوم یسمى بیوم الحساب(1) .

ولقد ورد فی الآیة التی بعدها حدیث عن سرعة الحساب (إِنَّ الله سَرِیعُ الحِسَابِ )وکذلک ورد هذا المعنى فی آیات عدیدة من القرآن الکریم(2) ، وهذا التکرار یدلّل على أهمیّة وعظمة هذه المسألة، فمن جهة أنّها بشرى للصالحین. حیث تخبرهم هذه الآیات بأنّهم ینالون جزاءهم بسرعة، ومن جهة اُخرى أنّ هذه المسألة هی وعید للکافرین والأشرار بأنّ مجازاتهم لن تتأخر أبداً وسوف ینالون مصیرهم بسرعة.

ولقد وردت حول هذا الموضوع (سرعة الحساب) روایات مثیرة نذکر منه :

ورد فی حدیث عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام): «إنّه سبحانه یحاسب جمیع عباده على مقدار حلب شاة»(3) .

هذا التشبیه فی الحقیقة یدلّ على قصر فترة الحساب، لذا جاء فی روایة اُخرى: «إنّ الله یحاسب الخلائق کلهم فی مقدار لمح البصر»(4) .

إنّ سبب هذه السرعة واضح . حیث إنّ الحساب منوط بالعلم والاطّلاع الکامل ومنوط أیضاً بالقدرة الخارقة . ورعایة العدالة .

وبما أنّ الله سبحانه وتعالى یمتلک الحدّ الأکمل من هذه الصفات لذا فانّه تعالى له القدرة على محاسبة جمیع الناس فی لمحة بصر .

إنّ وضع أعمال الإنسان والآثار التی تترکها فی روحه وجسمه تذکّره دائماً، فهی تحتفظ بنفسها بحساب جمیع الأعمال، ویمکن تشبیهها من هذه الجهة بالسیارات أو الطائرات أو السفن. حیث من الممکن حساب جمیع ما قطعته السیارة أو الطائرة طیلة عمرها من خلال العدّاد (جهاز الکیلومتر) فکذلک حساب أعمالنا فلا تحتاج إلاّ إلى نظرة واحدة لترى وتقرأ هذا المقیاس فی وجود الإنسان وعینه وأذنه ویده ورجله وروحه .

إنّ کل هذه التعابیر لها أهداف تربویة هامة ، ویتضح هذا بشیء من التأمل والتدبّر فی هذه الآیات .

لقد تحدّثت الآیة الخامسة عشرة عن حساب أعمال العباد من قبل الله تبارک وتعالى فقالت صراحة : (إِنَّ إِلَیْنَا اِیابَهُم * ثُمَّ إِنَّ عَلَینَا حِسَابَهُم ) .

فی حین أنّ الآیة السادسة عشرة تقول : (اِقرأ کِتابَک کَفَى بِنَفسِکَ الیَوْمَ عَلَیکَ حَسِیباً ) ، ولکن لا یوجد أی تضاد أو منافاة بین الاثنتین .

فالحسیب الأصل هو الله تبارک وتعالى ولکنّه یقول للإنسان أیض ، أنت تستطیع أن تُحاسب نفسک بنفسک ، وفی النتیجة تکون جمیع المحاسبات واحدة، لا تحید عن الحق والعدل، لماذا؟

لأنّ أدلة الحساب فی غایة الوضوح والجزاء معین، والقوانین الإلهیّة فی ذلک الیوم صریحة جلیّة فلا مجال للاستنباطات النظریة التی هی منشأ الاختلافات فی أحکام القضاء.

ومن الجدیر بالذکر أنّ کلمتی «إلینا» و«علینا» اللتین وردتا فی : (اِنَّ اِلَینَا اِیابَهُم )(ثُمَّ اِنَّ عَلَینَا حِسَابَهُم ) ، خبر مقدّم تفیدان الحصر ، أی رجوعهم إلینا وحدنا، وسیکون حسابهم علینا فقط ، وبهذا الترتیب فإنّ هذا ینفی جمیع الاحتمالات والإشکالات الاُخرى، على أیّة حال فإنّ هذا وعید للکفّار والمجرمین الذین أعرضوا عن آیات الحق، وقد أشارت إلى هذا المعنى الآیات التی تسبق هذه الآیة .

ویمکن أن تکون هذه الآیات بشرى لأولیاء الله الذین یعلمون بأنّ حسابهم على الله وسوف یرجعون إلى محبوب قلوبهم فیجزیهم الجزاء الأوفى، وإن کان عندهم زلل أو خطأ فهو یغفره لهم بلطفه وکرمه، وهناک نکتة اُخرى جدیرة بالاهتمام حیث ورد فی بعض الروایات والزیارات أنّ إیاب الخلق وحسابهم على علی (علیه السلام) والأئمّة المعصومین(علیهم السلام)، ولقد انتقد هذا الاعتقاد بعض مفسّری أهل السنّة مثل الآلوسی فی روح البیان حیث قال إنّ هذا الکلام یتنافى مع ما ورد فی الآیات أعلاه .

فی حین نحن نعلم بأنّ الإمام علیاً والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) کلّهم مطبّقون لأوامر الله وأحکامه ، وبناءً على ذلک یصبح حسابهم هو حساب الله تعالى وحکمهم کحکم الأعمال التی تقوم بها الملائکة فی عالم «التکوین» و«التشریع» وتُنسب جمیع هذه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى لحکم حصولها بأمره، وفی نفس الوقت تُنسب إلى الملائکة أیض .

وهناک شبهة اُخرى مشهورة طرحها هؤلاء فی هذا الصدد وهذه الشبهة هی «مابالعرض» و«ما بالذات»، وبتعبیر أوضح أنّه لا أحد یزعم بأنّ حساب الخلائق وإیابها ینسب إلى علی والأئمّة (علیهم السلام) بصورة مستقلة، بل إنّ الکل یقول إنّ هذا الفعل بذاته یختص بالله وینسب بالواسطة إلى علی(علیه السلام) والأئمّة(علیهم السلام)، وهذه المسألة لا تختلف عن مسألة الشفاعة وعلم الغیب وغیرها من المسائل، فجمیع هذه الاُمور تُنسب بالذات إلى الله تعالى وتُنسب بالعرض للأنبیاء والأوصیاء والملائکة .

ومن العجب أنّ الآلوسی قد التفت فی آخر کلامه بشکل عابر إلى هذه النکتة، ولکنه عاد وأدار مسیر الحدیث معترضاً بقوله: «إن کان المقصود هذا فلماذا یختار علیاً (علیه السلام) لأداء هذا العمل من بین الأنبیاء والمرسلین والملائکة المقربین »(5).

إنّ الإجابة عن هذا السؤال واضحة : وهی أنّ الإمام علی (علیه السلام) رجل شامخ وذو درجة رفیعة وکان مجهول القدر فی الاُمة الإسلامیة، فشاء الله تعالى وعن هذا الطریق أن یبرز مقامه الرفیع لکافة الناس.

والشاهد على هذا الکلام أنّ هناک روایات کثیرة رویت عن طرق أهل السنّة تدلّل على أنّ الرسول (صلى الله علیه وآله) قال بحق الإمام علی (علیه السلام): «یا علی أنت قسیم النّار والجنّة ».

ومن جملة هذه الأحادیث :

1 ـ ینقل «ابن المغازلی» فی کتاب «مناقب أمیر المؤمنین (علیه السلام)» عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) أنّه قال : «إنّک قسیم الجنّة والنّار»(6) .

2 ـ ورد نفس هذا المعنى أیضاً عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی مناقب الخوارزمی (7) .

3 ـ ینقل ابن حجر فی الصواعق المحرقة عن (الدار قطنی)، قال الإمام علی (علیه السلام)ضمن خطاب طویل فی الشورى التی أوصى بتشکیلها عمر (الستة أشخاص) : هل فیکم رجل غیری، قال رسول الله(صلى الله علیه وآله) بحقّه : «یاعلی أنت قسیم الجنّة والنّار ؟ !» فأجاب الجمیع : کل (8) .

4 ـ لقد خصص «الحافظ سلیمان القندوزی الحنفی فی کتابه «ینابیع المودة» باباً تحت هذا العنوان (فی بیان کون علی (علیه السلام) قسیم الجنّة والنّار) ونقل فی هذا الباب الکثیر من الروایات (9) .

5 ـ لقد نقل (ابن الأثیر) فی کتابه «النهایة» هذا الحدیث .

6 ـ یلاحظ هذا المعنى صراحة فی الشعر المنسوب للإمام الشافعی :

علی حبه جُنّة *** قسیم النّار والجنّة

وصی المصطفى حقّاً *** إمام الانس والجِنّة (10)

وهناک أحادیث کثیرة فی هذا المجال .

مع کل هذه الأدلة فکیف یجرؤ الآلوسی فی روح المعانی ویقول إنّ هذا الحدیث کذب وافتراء على علی (علیه السلام) ؟ لماذا نسمح للتعصب بأن یحول بیننا وبین التحقیق العلمی ؟


1. اللام فی (لیوم الحساب) لام الاختصاص . وقیل : إنّها لام التعلیل وهذا غیر صحیح.
2. بالإضافة إلى الآیة أعلاه ورد نفس هذا المعنى فی الآیة 4، المائدة; 51 إبراهیم; و 17 غافر.
3. تفسیر مجمع البیان، ج 3، ص 313 .
4. تفسیر مجمع البیان، ج 1 و 2، ص298 .
5. تفسیر روح المعانی، ج 30، ص 118 و 119.
6. احقاق الحق، ج 4، ص259 .
7. المناقب، ص234 .
8. الصواعق المحرقة، ص124 .
9. ینابیع المودة، ص83 .
10. ینابیع المودة، ص86 .

 

میزان الأعمال 1 ـ وصف للمحکمة الکبرى
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma