(مسألة 19) : لو توافقا على أصل المهر واختلفا فی مقداره، کان القول قول الزوج بیمینه، إلاّ إذا أثبتت الزوجة بالموازین الشرعیة، وکذا إذا ادّعت کون عین من الأعیان ـ کدار أو بستان ـ مهراً لها وأنکر الزوج، فإنّ القول قوله بیمینه، وعلیها البیّنة.
 
اختلاف الزوجین فی مقدار المهر
قد ذکرنا فی المسألة السابقة: أنّ المصنّف(قدس سره) ذکر الخلاف بین الزوج والزوجة فی أمر المهر فی خمس مسائل، والکلام الآن فی المسألة الثانیة; أی الخلاف فی مقدار المهر، بأن ادّعت المرأة مثلاً أنّ المهر المسمّى کان مائة دینار، وادّعى الزوج أنّه خمسون دیناراً، والظاهر أنّه لا خلاف فی کون القول قول الزوج بیمینه; لأنّ المرأة مدّعیة، فعلیها الإثبات، فلو لم تقدر علیه کان القول قول المنکر بالنسبة إلى الزائد، فالدلیل علیه هو أصالة البراءة عن الزائد.
مضافاً إلى ما ورد فی صحیحة أبی عبیدة ـ زیاد بن عیسى الحذّاء ـ عن أبی جعفر(علیه السلام): فی رجل تزوّج امرأة فلم یدخل بها، فادّعت أنّ صداقها مائة دینار، وذکر الزوج أنّ صداقها خمسون دیناراً، ولیس لها بیّنة على ذلک، قال: «القول قول الزوج مع یمینه»(1)، هذا.
وهل یدخل فی مثل هذا النزاع، لو کان ما یدّعیه الزوج أقلّ من مهر المثل، أم لا؟
ظاهر الأصحاب وإطلاق الروایة، عدم الفرق فی ذلک.
ولکنّ الإنصاف اختصاص المسألة بفرض الدخول، والروایة ناظرة إلى صورة عدم الدخول، فلا تشمل ما نحن فیه. ومقتضى القاعدة کون مدّعی الأقلّ مدّعیاً; لأنّ قوله مخالف للأصل، وهو وجوب مهر المثل بالدخول، فحینئذ یمکن القول بسقوط الدعویین، والرجوع إلى مهر المثل.
وأمّا إذا ادّعت المرأة کون عین من الأعیان ـ مثل دار، أو بستان ـ مهراً، وأنکره الزوج، ففیه صور:
الاُولى: إنکار التسمیة من رأس.
الثانیة: إنکار هذه العین، وإثبات عین اُخرى، کما إذا قال: «لیس المهر هو البستان، بل هو الدار».
الثالثة: ما إذا قال الزوج: «المهر هو مائة دینار» وقالت الزوجة: «بل الدار».
ثمّ تارة: تکون قیمة الدار أکثر من مائة دینار. واُخرى: تکون مساویة لها، أو أقلّ.
ومن العجب أنّ المصنّف ـ رضوان الله علیه ـ حکم فی جمیعها بقبول قول الزوج مع الیمین! مع أنّه إنّما یتمّ فی الاُولى فقط، وأمّا فی غیرها فلا یخلو من إشکال; لأنّ الظاهر کونها من قبیل التداعی حتّى فیما تکون القیمة أقلّ أو أکثر; لأنّهما جنسان، فیتعارضان ویتحالفان، ویرجع إلى مهر المثل; إلاّ إذا اعترف الزوج بما تکون قیمته أکثر من مهر المثل، على إشکال، والله العالم.

(1). وسائل الشیعة 21 : 274، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 18، الحدیث 1.