إنّ الکثیر من المقامرین وبسبب أنّهم أحیاناً یربحون فی القمار وأحیاناً یکون مقدار الربح بالملایین من أموال الآخرین، فإنّهم لا یجدون فی أنفسهم رغبة للعمل والمساهمة بنشاطات اقتصادیة سلیمة ونافعة وبالتالی فإنّ عجلة الاقتصاد والانتاج ستتضرر بهذه النسبة والمقدار. وإذا دققنا النظر رأینا أنّ جمیع الأشخاص المقامرین وأُسرهم یمثّلون عالة على المجتمع حیث یستفیدون من أتعاب الآخرین بدون أن یقدّموا أی نفع للمجتمع.
ولا أنسى أننی عندما کنت أعمل فی سلک القضاء مع أحد أصدقائی تحدّثنا عن عمل الشرکات الاقتصادیة المذکورة، فأشار صدیقی إلى هذا المطلب، وقال: «إنّ معلم ابنی هو أحد أعضاء هذه الشرکات وحسب الظاهر کان یتصدر القائمة، أی رئیس مجموعة من الأعضاء وکان یحصل على مبالغ کبیرة یتمّ دفعها لحسابه المصرفی. وقد کان هذا المعلم یعمل على ترغیب الطلاّب للمشارکة فی هذه الشرکة المذکورة، وقد أعلن لهم أنّه غیر مستعد بعد الآن للاستمرار فی التعلیم والتربیة وسوف یترک هذه المهنة لأنّه حصل على عمل جدید ینال من خلاله أضعاف ما یناله من مهنة التعلیم!».
ومضافاً إلى تلوّث المشارکین بهذه النشاطات الاقتصادیة غیر المشروعة، فإنّ الأشخاص الذین یرتبطون بهم سوف یفقدون روحیة العمل والمثابرة والنشاط، لأنّ الأرباح الطائلة بدون تقدیم أی خدمة أو تعب بإمکانها أنّ توسوس لهم وتحبط من نشاطهم فی حرکة الحیاة والواقع.
وقد ورد فی تقریر سری لإدارة المخابرات والأمن فی إحدى المحافظات عن عمل إحدى هذه الشرکات مورد البحث فی نشاطها فی تلک المحافظة ما یلی:
«لقد خلقت معاملات هذه الشرکة جوّاً ملتهباً فی فضاء المدینة وأدّت إلى فقدان العمّال والموظفین الدافع النفسی للاستمرار فی عملهم، مضافاً إلى أنّ استمرار هذه الظاهرة والحصول على المال بدون تعب (أی بدون أن یکون نتیجة خدمة أو منفعة یؤدّیها الفرد للمجتمع) بإمکانه أن یسدّد ضربات قویة لاقتصاد المجتمع».
والخلاصة إنّ الأضرار الناشئة من القمار والأعمال المماثلة له بلغت إلى حدّ أنّ الکثیر من البلدان غیر الإسلامیة قد منعت من مزاولته بشکل قانونی بالرغم من تلوّثهم عملاً بهذا النوع من النشاط المشبوه، على سبیل المثال فإنّ بریطانیا قد منعت هذا العمل بشکل قانونی عام 1853، والاتحاد السوفیتی فی عام 1854، وأمریکا فی عام 1855، وألمانیا فی عام 1873.
واللافت للنظر أنّ المؤسسات والشرکات محل البحث لا تتمتع بإذن قانونی فی بلدانها ولا یسمح لها بالعمل فی هذه البلدان، ولهذا السبب فإنّه فی السنوات الأخیرة لم نستلم من البلدان الاروبیة حتى ولا سؤال أو رسالة أو أمیل واحد یتصل بهذا النوع من النشاطات الاقتصادیة، فی حین أننا کنّا فی السابق نستلم العدید من الأسئلة المختلفة من تلک البلدان الغربیة فیما یتصل بهذه الأمور.
والأعجب من ذلک أنّ بعض الدول الاروبیة مضافاً إلى منعها نشاط الشرکات المذکورة فی تلک البلدان فإنها قامت بتحذیر شعوبها بشدّة من التورط بمثل هذه الأعمال ووضعت غرامة نقدیة ثقیلة على مَن یشترک فی عضویة هذه الشرکات، تقدّر بأکثر من 000/20 دولار.
ونظراً لما تقدّم فهل یصدق أی انسان عاقل بأنّ هذه الشرکات الغربیة جاءت لإسداء المعونة لشعوب العالم الثالث المحرومة من خلال حذف الوسطاء والدلالین وایجاد فرص عمل للشباب العاطلین وأمثال ذلک؟
1 . التفسیر الأمثل، ج 20، ص 78 .
2 . صحیفة کیهان، بتاریخ 27/7/83، وتقول فی هذا المجال: «إنّ الفعالیّات الاقتصادیة من هذا القبیل والتی تعرف فی العالم بعنوان الفعالیّات الهرمیة و الشجریة، تم منعها منذ أکثر من عشر سنوات فی البلدان الاقتصادیة المتقدمة کآمریکا، آلمانیا، بریطانیا و فرنسا، وذلک بسبب الضربات القاصمة التی وجهتها هذه الشرکات لاقتصاد هذه الدول».
