إنّ الله تعالى تحدّث فی الآیة 219 من سورة البقرة عن تحریم الخمر والمیسر، والمیسر هنا بمعنى القمار وقد أُخذ من مادة «یُسْر»، وتعنی السهل تارة وتأتی بمعنى القمار تارة أخرى. والظاهر أنّ المعنى الثانی بدوره یعود إلى المعنى الأول وهو السهل والیسیر، بمعنى أنّ لاعب القمار یروم الوصول إلى مال وثروة بیسر وسهولة، ومن هنا قیل للقمار أنّه «میسر»(1).

وإذا أردنا تقدیم تعریف جامع للقمار فلابدّ من القول إنّ القمار یعنی التضحیة بالمال والشرف من أجل الحصول على أموال الآخرین من خلال الخداع والغش والتزویر، وأحیاناً یکون لغرض الترفیه وقد لا یحصل المرء على أی منهما(2).

ألیس الهدف الذی تتوخاه الشرکات مورد البحث، هو الحصول على أموال الناس بطریق الخداع والاحتیال؟

ألیست غایة الکثیر من المساهمین والمشترکین فی عملیات هذه الشرکات المذکورة هو الحصول على ثروة طائلة بطریق سهل ویسیر حتى لو تمّ ذلک على حساب مصلحة الآخرین وإلحاق الضرر بهم؟

ألا یعدّ التلوث بالقروض الربویة من أجل المشارکة فی هذا القمار العالمی، بمثابة التضحیة بالمال والشرف وحیثیة الإنسان؟

وعندما یتحرک البعض من أجل نیل أرباح طائلة بطرق مشبوهة وإن استلزم ذلک التضحیة بالکثیر من الأفراد والأموال، ألیس أنّ هؤلاء الأشخاص قد ضحّوا بشرفهم، والأشخاص المتضرّرون قد ضحّوا بأموالهم بهذه الطرق غیر المشروعة؟

على هذا الأساس لا شکّ لدینا من أنّ حقیقة التسویق الهرمی لهذه الشرکات لیس أکثر من قمار عالمی وإن کان أصحاب هذا القمار یتبرقعون ویعملون على إخفاء قباحة عملهم تحت ستار من العناوین الموهومة من قبیل: معاملة، هدیة، مصالحة، امتیاز وأمثال ذلک کیما یحققوا لأنفسهم مزیداً من الثراء الفاحش على حساب مصالح الناس وتدهور أحوالهم الاقتصادیة.

1 . انظر: التفسیر الأمثل، ج1، ص 531 فی ذیل الآیة المبحوثة.
2 . المصدر السابق.