قبل عشر سنوات(1) وصل إلینا سؤال من قبل أحد المسلمین المقیمین فی النمسا یطلب فیه بیان الحکم الشرعی لنشاطات مؤسسة تعمل فی النمسا تحت عنوان مثیر «کیف تصبح مالکاً لـ 000/30 دولار بدون تعب» وقد بدأت تلک المؤسسة بعملها فی ذلک البلد، وقد ذُکر هذا السؤال وجوابه فی الجزء الأول من الفتاوى الجدیدة لسماحة آیة الله العظمى الشیخ ناصر مکارم الشیرازی (دام ظلّه) الصفحة 150، وقد ذکرنا هذا السؤال والجواب فی الفصل الثانی من هذا الکتاب أیضاً. ومنذ ذلک الوقت تعرفنا على هذا النمط من النشاطات الاقتصادیة الخداعة والمراوغة.

وفی عام 1994 م تمّ انشاء شرکة فی مدینة «مودنا» فی ایطالیا باسم «فیوجرا استراتجی» فی غرفة التجارة والصناعة فی ایطالیا وقد تغیّر اسمها إلى «بنتاکونو» وهو الاسم المعروف حالیاً، وبدأت هذه الشرکة بعملها فی ایطالیا وکذلک فی مناطق مختلفة من العالم.

وبعد أربع سنوات أی فی عام 1998 م، قام البریطانیون، الذین لهم ید طولى فی نهب ثروات الشعوب، بتأسیس شرکة «کوئست اینترنشنال» وقد تمّ تغییر اسمها بعد ذلک إلى «جولدکوئیست» وهی تعمل حالیاً على تضلیل الناس ونهب أموالهم.

وفی عام 2000 م قام البلجیکیون بتأسیس شرکة مماثلة باسم «سبع قطع ألماس» حتى لا یتخلفوا عن قافلة الاُناس المتمدنین الذین یفکرون دائماً بالشباب العاطل عن العمل!! ومن خلال ذلک یتسنى لهم ملء جیوبهم من أموال هؤلاء المساکین.

وقد شرعت شرکات أخرى مماثلة بالعمل مع تغییر الشکل والظاهر وبأطروحات جدیدة فی مختلف بلدان العالم وکمثال على ذلک نشیر إلى شرکة «جولدماین» فی النرویج و«جولدماین استار»، «برایم بانک» و«ای بی ال» التی تشکلت فی عام 2003 م و«کیم برلی»، «برایم اسمیت»، «دایاموند 2000» وأمثال ذلک.

وقد بدأت الشرکات المذکورة، التی تشکلت بشکل عام فی البلدان الأروبیة، بالعمل والنشاط الاقتصادی فی تلک البلدان بالأساس. ولکن لم تمر فترة من الزمان حتى شعر المسؤولون الاقتصادیون فی تلک البلدان بالخطر وشرحوا حقیقة هذه الشرکات المذکورة للناس وللمسؤولین الحکومیین وتبعاً لذلک تمّ منع عمل هذه الشرکات فی بلدانها(2) ووضعوا ضرائب ثقیلة وعقوبات مالیة کبیرة على المتخلفین وعلى أعضاء هذه الشرکات بحیث إنّ بعض هذه العقوبات وصلت إلى أکثر من 000/20 دولار. وبذلک تمّ ایقاف عمل ونشاط هذه الشرکات المشبوهة فی بلدانها، ولکن بالرغم من ذلک صدر الإذن لهذه الشرکات بالعمل فی بلدان أخرى لنهب أموال تلک الشعوب وخاصة بلدان العالم الثالث حیث ازداد نشاط هذه الشرکات فی هذه البلدان، وهذا یبیّن معنى حقوق الإنسان لدى الغربیین!

وقد اتسع نشاط هذه الشرکات تدریجیاً فی البلدان الآسیویة بحیث إنّ بعض هذه الشرکات اتخذت من هذه البلدان مرکزاً أصلیاً للعمل من قبیل «الفلیپین» و«هنک کنک» و«مالیزیا» و«الامارات العربیة» وأمثالها کیما یمکنهم نهب أموال الناس فی هذه البلدان بشکل مریح.

وللأسف فإنّ هذا الفیروس الخطر قد دخل إلى بلدنا العزیز ایران فی عام 2000 م وبفترة قصیرة انتشر هذا المرض فی المدن التی یسکن فیها عضو من أعضاء هذه الشرکات بحیث إنّه صار حدیثاً شائعاً فی المجامیع والطرقات والمطاعم والحدائق العامة والأسواق وحتى فی الباصات وسیارات الأجرة حیث أصبح الناس یتحدثون عن نشاط هذه الشرکات، وکان اقتراح الدخول فی سلک هذه الشرکات والانظمام لعضویتها حدیث الشباب فی مختلف الأماکن، ولعلک أیها القارىء العزیز قد طرح علیک مثل هذا الاقتراح فی الأزقة والشوارع أو فی محل عملک أو فی أسرتک من خلال بعض المعارف والأقرباء.

وللأسف فإنّ بعض المنتفعین فی الداخل الذین کانوا یشهدون النهب والسلب لأموال الناس من قِبل هذه الشرکات الخارجیة لم یتمکنوا من التفرج على هذه العملیات غیر المشروعة وهذه الأرباح الطائلة المحرمة ولم یتمکنوا من التخلص من وساوس الشیطان، ولذلک أقدموا على تأسیس شرکات مشابهة فی داخل البلد وأحیاناً کانوا یضعون لها أسماء مقدّسة لتسهیل عملهم فی نهب أموال الآخرین الذین کانوا یأملون فی الحصول على الربح الوفیر، وقد أقدم بعضهم على بیع لوازم وضروریات المعیشة للمشارکة فی هذا العمل المحرّم أو اقترضوا مبالغ ربویة أیضاً إلى حد أنّ عدد الشرکات التی تعمل على تسویق هذه الشبکة قد وصل فی بعض المدن إلى ثلاثین شرکة. وبالطبع فإنّ الکثیر منها قد تمّ توقیف نشاطها وعملها من قِبل المسؤولین فی الوقت المناسب، وقد أعلن بعضها عن توقف نشاطها بشکل رسمی أیضاً وطلبوا من المشترکین الإقدام على سحب أموالهم ومراجعة مکاتب الشرکة الخاصة لذلک(3).

ولکنّ نشاط هذه الشرکات لم یتوقف بشکل کامل، وکما ذکرنا حال الشرکات الأجنبیة، فإنّ هذه الشرکات الداخلیة استمرت فی نشاطها فی مدن مختلفة وبأسماء متنوعة.

وقد تدخلت القوّة القضائیة فی تعقّب هذه الشرکات فی بعض المدن وتمّ توقیف بعض الشرکات الداخلیة والخارجیة، ولکنّ هذا العمل کان فی الغالب کعلاج الواقعة بعد الوقوع وبعد وصول شکاوى عدیدة من قِبل کثیر من المغرر بهم. وأخیراً فکّر المسؤولون بالتصدی القانونی لهذا الفیروس الخطر الذی تلوثت به أکثر المدن فی ایران، وقد أقدم مجلس الشورى الإسلامی فی تاریخ 4 / 3 /1384 هـ . ش على إصدار لائحة قانونیة لمواجهة هذه الشرکات المذکورة. ونأمل صدور قانون جامع یمنع نشاط هذه الشرکات الاقتصادیة غیر المشروعة رغم أنّ السلطة القضائیة استطاعت بنفس هذه القوانین الموجودة من توقیف الکثیر من هذه الشرکات والحد من نشاطها، ولکنّ هذا المقدار غیر کاف لقلع هذا المرض الخطر من جذوره.

ونأمل أن نشاهد فی المستقبل القضاء على هذه الشرکات المشبوهة بشکل کامل فی جمیع مناطق بلدنا الإسلامی بل جمیع مناطق العالم، ونأمل أن یکون هذا الیوم قریباً إن شاء الله.

1 . إنّ معرفتنا بعمل هذه الشرکات یعود إلى هذا التاریخ، لا أنّ عمر هذا النوع من الفعالیات الاقتصادیة المشبوهة یعود إلى هذا التاریخ لأنّه طبقاً لما ورد فی صحیفة القدس،العدد 2723 فإنّه فی عام 1910 م فی موسکو، وفی عام 1920 فی فرنسا ظهرت شرکات مشابهة تحمل اسم «بهمن» فی روسیا، و«کرة الثلج» فی فرنسا. وقد ذکرت صحیفة الشرق بتاریخ 31/4/1384، بحثاً مفصلاً عن النوع الأول من هذه الفعالیات.
2 . یقول أحد أعضاء اللجنة الاجتماعیة فی مجلس الشورى الإسلامی: «ینبغی الاهتمام بجدّیة بهذا الأمر، ولنفترض أنّ هذه الحرکة المشکوکة تنطلق من أیاد مشبوهة ترید المساس بالنظام الإسلامی وایجاد مشاکل داخلیة فی هذه البرهة من الزمان، لأنّ الشرکة الأصلیة کانت تتحرک لعدّة سنوات بنشاطات مشکوکة وقد تمّ منعها عن العمل فی الکثیر من البلدان، ولکننا نرى الیوم أنّها دخلت إلى البلاد من طریق الحدود». (صحیفة القدس، العدد 3724 بتاریخ 1/9/1379). ویقول أحد خبراء علوم الاجتماع: «إنّ عملیات هذه الشرکات أمثال جولدکوئیست التی تشبه القمار تهدف إلى ایجاد الارباک والخلل فی الاقتصاد الوطنی وتحاول اقتلاعه من الجذور. ولهذا السبب فإنّ عمل هذه الشرکات قد منع فی أکثر البلدان الصناعیة المتقدمة». (صحیفة کیهان، بتاریخ 29/7/1383).
3 . ورد إعلان بعض هذه الشرکات فی قسم الوثائق والاسناد.