مباحث فی العقیدة، وفیها بیان فساد مقاییس التکفیر والتضلیل، حیث یقول بصراحة: «یخطىء کثیر من الناس (ومقصوده السلفیون المتعصبون) أصلحهم الله فی فهم حقیقة الأسباب التی تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتوجب علیه الحکم بالکفر، فتراهم یسارعون إلى الحکم على المسلم لمجرّد المخالفة حتى لم یبق من المسلمین على وجه الأرض إلاّ القلیل...».
ویعتقد المؤلف إنّ هذا المذهب لا یرى هذا الافراط والشدّة فی عملیة الاتهام والحکم على الآخرین، ثم یورد الحدیث النبوی المعروف: «سُبـابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ کُفْرٌ»، ویشدد النکیر على من یسبّ المسلمین ویدعو لحربهم وینطلق فی بیان حدود الإیمان والکفر من خلال الأدلة القویة ویثبت خطأ السلفیین المتعصبین.
والملفت للنظر أنّه یستخدم أحیاناً عبارات حادّة فی مقابل المخالفین بیدَ أنّه لا یجانب الأدب فی محاجّتهم ومناقشتهم.
وعلى سبیل المثال ینقل عن المخالفین فی مورد خوارق العادات أنّهم یقولون:
«إنّ الناس یطلبون من الأنبیاء والصالحین المیّتین ما لا یقدر علیه إلاّ الله وذلک الطلب شرک».
وجوابه: إنّ هذا سوء فهم لما علیه المسلمون من قدیم الدهر وحدیثه فإنّ الناس إنّما یطلبون منهم أن یتسببوا عند ربّهم فی قضاء ما طلبوه من الله عزّوجلّ بأن یخلقه سبحانه بسبب تشفعهم ودعائهم کما صحَّ ذلک فی الضریر وغیره ممن جاء طالباً مستغیثاً متوسلاً به إلى الله، وقد أجابهم إلى طلبهم وجبر خواطرهم وحقق مرادهم بإذن الله ولم یقل لواحد منهم: أشرکت.
وهکذا کل من طلب منه من خوارق العادات کشفاء الداء العضال
بلا دواء وانزال المطر من السماء حین الحاجة إلیه ولا سحاب، وقلب الأعیان ونبع الماء من الأصابع وتکثیر الطعام وغیر ذلک... ثم قال مضیفاً: «أفیکون هؤلاء أعلم بالتوحید بما یخرج عن التوحید
من رسول الله (صلى الله علیه وآله) وأصحابه، هذا ما لا یتصوره جاهل فضلاً عن عالم»(1).
وهکذا نرى أنّ عباراته فی مقابل المخالفین زاخرة بالأدب والابتعاد عن العبارات الموهنة والجارحة فی مقابل ما نجده لدیهم من عبارات التکفیر والتفسیق والاهانة للمخالفین.
1. مفاهیم یجب أن تصحّح، ص 181.
