3 ـ التعصب الشدید والمفرط

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
على مفترق طریقین
الوهابیون المعتدلون المثقفوناتلاف أثمن الآثار التاریخیة للإسلام

إنّ «التعصب» یطلق فی عرفنا السائد على «حالة من الالتزام الشدید بالمعتقد» سواءً کان هذا الأمر یتعلق بالمبدأ والمعاد أو بمسألة أخلاقیة أو بنوع من الآداب وتقالید لقوم أو قبیلة، بل یشمل الدفاع عن شخص معین أیضاً.

ویستفاد من کلمات أمیر المؤمنین على بن ابیطالب(علیه السلام) فی نهج البلاغة فی الخطبة القاصعة أنّ مفهوم التعصب فی الماضی یقترب من مفهومه فی العصر الحاضر ولکنّ الإمام(علیه السلام) ذکر معنیین للتعصب، التعصب الممدوح والإیجابی، والتعصب المذموم والسلبی.

أمّا بالنسبة إلى التعصب السلبی فمصداقه البارز تعصب ابلیس حیث منعه من السجود لآدم، ویرى الإمام علی(علیه السلام) أنّ إبلیس إمام المتعصبین ویقول: «فَعَدُوُّ اللّهِ إِمَامُ الْمتَعَصِّبِینَ، وَ سَلَفُ الْمُسْتَکْبِرِینَ...»(1)، وبالنسبة للتعصب الممدوح یقول: «فَإِنْ کانَ لاَبُدَّ مِنَ الْعَصَبِیَّةِ فَلْیَکُنْ تَعَصُّبُکُمْ لِمَکَارِمِ الْخِصَالِ، وَ مَحَامِدِ الاَْفْعَالِ...»(2).

إنّ التعصب المذموم یقترن عادة بجمود الفکر وضیق الاُفق والحکم المسبق وغیر المنطقی فی المسائل ویؤدّی بالتالی، لا سیما فی عصرنا الحاضر، إلى التخلف وتکریس الکراهیة والخصومة بین الأفراد.

ومن معالم هذا النوع من التعصب المواقف الحادة والخشنة للشخص وأحیاناً تکون مع سفک الدماء ونهب الأموال وتحقیر الغیر واستخدام الکلمات الموهنة والجارحة.

إنّ هؤلاء المتعصبین لا یقیمون وزناً لأفکار الآخرین ولا یجدون فی أنفسهم رغبة فی استماع أدلة المخالفین ویعیشون مع التکبر والغرور والأنانیة المزمنة.

وجمیع ما تقدم آنفاً من سمات التعصب نجدها فی کلمات «الوهابیین المتشددین» وسلوکیاتهم، وفی بعض کتب أئمتهم، مع الأسف، حیث تقدم ذکر بعض النماذج منها والتی یفتون فیها بإباحة دماء المسلمین وأموالهم ویتهمونهم بالشرک جمیعاً الاّ من تبعهم.

إنّ الشخص الذی یخاطب العلماء والمفکرین من الطرف المخالف بـ «الجهال» وبقوله «أیّها المشرک» ویعتبر کل من لا یقبل کلامه کافراً مهدور الدم، کیف یکون مستعداً للحوار الهادیء والنقاش المنطقی ویکون مصداقاً لقوله تعالى (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ

إنّ القرآن الکریم یرى فی المتعصبین الذین لا یجدون فی أنفسهم رغبة بالاستماع إلى الطرف المقابل أنّهم اُناس غیر صالحین، حیث تقول الآیات الشریفة: (...فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِکَ الَّذِینَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِکَ هُمْ أُوْلُوا الاَْلْبَابِ )(3).

ومفهوم هذه الآیة أنّ الأشخاص الذین یتحرکون فی الجهة المخالفة لهذا لمنهج لیسوا من اُولی الألباب!

وینطلق القرآن الکریم فی توبیخ وذم الأشخاص الذین یضعون أصابعهم فی آذانهم لکی لا یسمعوا کلام الأنبیاء ویستعرض لنا شکوى نوح(علیه السلام) من قومه حیث قال: (وَإِنِّی کُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِی آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِیَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَکْبَرُوا اسْتِکْبَاراً)(4).

کان أی نقد علمی لعقائد الوهابیة فی السابق ممنوعاً فی أجواء مکة والمدینة وفی جمیع أنحاء الحجاز، ولم یکن الوهابیون المتشددون لیسمحوا بطرح ونشر أی نقد علمی حتى لو کان مقترناً بالتقدیر والاحترام وکانوا یمنعون دخول أی کتاب حتى من البلاد الإسلامیة مثل مصر و من الازهر «ومع الأسف فإنّ هذه الظاهرة موجودة لحد الآن» وإذا شوهدت موارد خلاف هذا الأصل فهی موارد استثنائیة ونادرة.

وبدیهی أنّ هؤلاء، مع استمرار هذا الوضع، لا یمکنهم الخروج من حالة الجمود والتحجر ولا یمکنهم الإستفادة من أشکال النقد المنطقی الذی یبعث على حرکة الفکر.

والملاحظة الملفتة للنظر هنا أنّ مکتبات مخالفیهم مثل الشیعة ملیئة من کتب هولاء و لا یخافون من مثل هذه الکتب على مذهبهم فی حین أنّه قلّما توجد کتب الشیعة فی مکتبات العربیة السعودیة «وأحیاناً لا یوجد ولا کتاب واحد» کیف الحال بالکتب التی تتعرض بالوهابیة، فلماذا یخاف هؤلاء إلى هذه الدرجة من النقد؟! إنّ وجدان القارىء المحترم سیجیب عن هذا السؤال، إنّ مثل هذه الظاهره تنشأ من التعصبات غیر المقبولة فی أی زمان فکیف بعصرنا الحاضر، ولهذا ینبغی على حماة هذه التعصبات أن یجمعوا متاعهم ویلتحقوا بمتحف التاریخ.

إنّ الشبّان من الوهابیین لهم الحق فی أن یسألوا من أکابرهم هذا السؤال وهو: لماذا لا یوجد لدیهم کتب سائر المذاهب الإسلامیة وخاصة الکتب التی تنتقد الوهابیة نقداً علمیاً ومنطقیاً؟

ولکن کما سبقت الإشارة إلى أنّ هذه التعقیدات والتعصبات الجافة قلّما تجد طریقها إلى الجماعة المعتدلة والمثقفة من الوهابیین حیث أعلنوا استعدادهم للحوار المنطقی الهادف مع الآخرین، وهذه ظاهرة مبارکة.


 
1. نهج البلاغة، الخطبة 237.
2. نهج البلاغة، الخطبة 237.
3. سورة الزمر، الآیتان 17 و 18.
4. سورة نوح، الآیة 7.

 

الوهابیون المعتدلون المثقفوناتلاف أثمن الآثار التاریخیة للإسلام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma