لقد تأسست هذه الحرکة عام 1994 م بواسطة ملا محمد عمر فی مدینة «قندهار» الواقعة إلى الجنوب من أفغانستان، وقد امتدت سیطرتها منذ عام 1996 الى عام 2001 لتشمل معظم بلاد أفغانستان.
بدأت حرکة الطالبان بصورة ضعیفة فی بدایة أمرها منذ سنة 1979 إلى 1985 حیث کانت أفغانستان تحت سیطرة القوات الروسیة وکانت تعیش الحرب والفوضى ممّا مهّد ذلک الأرضیة لخلق حرکة الطالبان.
وفی عام 1980 م احتلت الجیوش السوفیتیة أفغانستان وبدأت القوى الإسلامیة فی أفغانستان بالتصدی للقوات المحتلة بدعم أمریکی، ولهذا لم یستمر الاحتلال الروسی لأفغانستان طویلاً.
وبعد انسحاب القوات السوفیتیة من بعض المدن مثل ازبک وتاجیک فی عام 1989 م وجدت مجموعات مسلحة صغیرة الفرصة لنیل امتیازات سیاسیة فی ذلک الوقت، وفی تلک الأیّام برزت قوّات الطالبان بعنوان حرکة إسلامیة جدیدة.
لقد عزم أفراد هذه الحرکة، وهم من أصل «بشتو» على مدّ نفوذهم وسیطرتهم إلى جمیع أنحاء البلاد وتسخیر الحکومة المرکزیة فی کابل العاصمة، وفی هذه المدّة کانت أمریکا تمدّهم بالسلاح والقوة العسکریة.
وفی بدایة تشکیل هذه الحرکة انظم لها آلاف الشباب الذین کانوا یعیشون فی مخیمات اللاجئین وأکثرهم من الیتامى وبدون قیّم.
لقد طرح الطالبان أنفسهم على أساس أنّهم «جیش الصلح» وبذلک ضمنوا لهم تأییداً شعبیاً واسعاً من جماعة البشتو الذین تعبوا من حالة الفوضى والحرب المستمرة فی بلادهم، فی حین أنّ الکثیر من أفراد حرکة الطالبان کانوا قد درسوا فی مدارس الوهابیین المتشددین فی باکستان.
وقد بدأ الطالبان حربهم عام 1994 إلى 1995 م فی المنطقة الجنوبیة والغربیة من أفغانستان وقندهار وسیطروا على هرات وسائر المدن المجاورة، وفی عام 1995 م وصلوا إلى أطراف کابل، ولکن
القوات الحکومیة تمکنت من دحرهم فی ذلک العام، ولکنّ الطالبان استمروا فی السعی لاحتلال کابل إلى أن تمکنوا من ذلک فی عام 1996 م وسیطروا على العاصمة تماماً، وکانت نتیجة هذه المعارک وقوع خمسین ألف قتیل! وقد استطاع «برهان الدین ربانی» و «قُلب الدین حکمت یار» الهرب إلى شمال البلاد، وقام الطالبان بعد احتلالهم العاصمة کابل بإعدام «محمد نجیب الله» رئیس الحکومة السابقة الموالیة للاتحاد السوفیتی.
وفی هذه الفترة قام الطالبان بتطبیق قوانینهم القاسیة وأحکامهم المذهبیة التی تستمد مقوماتها من المذهب الوهابی المتشدد.
وقد أسس ملا محمد عمر الذی یعتبر أعلى عضو فی حرکة الطالبان، شورى مکوّنة من أعضاء الحرکة فی أعلى المراتب، ولکنّ القانون النهائی یجب أن یصدر بإمضاء «ملا محمد» لیقع موقع التنفیذ.
وقد کان الطالبان یبثون نداءاتهم وقوانینهم من رادیو کابل وکذلک بواسطة مکبّرات الصوت المثبتة على الشاحنات، وقاموا بتعطیل دور السینما والمسرح وإجبار الرجال على إقامة الصلوات فی المساجد من خلال القوة والجلد بالسیاط وعطلوا مدارس البنات ومنعوا عمل النساء خارج البیت. وکانت نتیجة ذلک عزل أکثر الموظفین فی المستشفیات فی حین أنّ الکثیر من النساء فی أفغانستان کنّ قد فقدن أزواجهنّ فی الحروب الدامیة وعجزن بذلک عن تأمین نفقات المعیشة.
وقام الطالبان بإنزال العقوبات القاسیة بالمجرمین بدون تشکیل محکمة وذبحهم کالخراف، ولیس مهماً لدیهم من یقتلون، شیعی أو سنّی، إنّهم یذبحون کل مخالف لهم.
وبذلک وجد «اسامة بن لادن» مکاناً آمناً فی أحضان الطالبان، لأنّه قدّم مساعدات کبیرة فی عقد الثمانینات لصالح أفغانستان وضد الاتحاد السوفیتی، وفی نهایة الحرب المذکورة تأسست منظمة «القاعدة» وبذلت جهوداً کبیرة فی تقویة ودعم حرکة الطالبان حیث کان أفرادها یقاتلون مع الطالبان جنباً إلى جنب ضد قوى الائتلاف فی شمال أفغانستان.
وقد أدرک الأمریکیون أنّ «ابن لادن» رجل ارهابی ونابغة من خلال هجومه عام 1998 على سفارة أمریکا فی کینیا وتنزانیا وکانت حصیلة ذلک الهجوم قتل 250 أو 190 شخصاً وأکثر من 1400 جریح.
ویقول الأمریکیون: إنّ الهجوم الارهابی التی تعرضت له أمریکا فی 11 أیلول کان بتوسط ابن لادن، وبدیهی أن تطلبه أمریکا من الطالبان ولکن زعیم الطالبان رفض هذا العرض رفضاً قاطعاً لأنّه کان بنفسه یدور فی فلک «ابن لادن»، وکان یعتقد أنّ مصالحه فی بقاء ابن لادن إلى جانبه.
وفی شهر اکتوبر بدأت أمریکا هجومها ضد الارهاب وخصصت قسماً من هذا الهجوم لحرکة الطالبان والقاعدة، وقد رافقتها بریطانیا فی هذا الهجوم، وفی هذا الوقت تحرکت قوى الإئتلاف فی الشمال لتوجه ضربتها ضد الطالبان بدعم من القوات الامریکیة واستطاعوا
أخیراً العودة إلى کابل والاستیلاء على ا لمدن المهمّة فی أفغانستان وطرد طالبان منها وبالتالی فقدت حرکة الطالبان القدرة على المقاومة تماماً وسلَّمت مدینة «هرات» إلى القوات الغازیة فی ذلک العام نفسه.
عندما وصل الطالبان إلى أوج القدرة والسلطة کانوا یستمدون العون من باکستان والسعودیة وأمریکا، ولکنّ هذا الدعم العسکری والمادی قد توقف بعد حین.
وعلى أساس تخمینات المطّلعین فإنّ حرکة الطالبان فی عام 1995 و1996 کانت بحاجة إلى (70) ملیون دولار سنویاً لضمان استمرار نشاط الحرکة وحیویتها. وقد کتبت صحیفة هندیة «التحلیل الاستراتیجی» أنّ القسم الأکبر من هذه المیزانیة کان یصل إلى حرکة الطالبان من المملکة العربیة السعودیة. وتقول صحیفة «نیوز ویت» فی إحدى تحلیلاتها عن هذا الموضوع: إنّ الریاض تعد أهم منبع مالی لحرکة الطالبان.
وقد التقى «الملا محمد عمر» زعیم حرکة الطالبان فی إحدى سفراته إلى السعودیة بالمسؤولین الکبار فی هذا البلد وعقد معهم عدّة مباحثات وحصل على معونة بمبلغ 10 ملایین دولار لضمان نشاط حرکته وإدامة عملیات العنف والارهاب التی تعزم القیام بها هذه الحرکة، ولکن کما تقدمت الإشارة إلیه فإنّ هذه الدول أعرضت بعد حین عن حرکة الطالبان وألقت بحکومة الطالبان فی مزبلة التاریخ.
على أیّة حال، فبسبب عملیات العنف المتتالیة واللامحدودة لأفراد هذه الحرکة، وقف العالم منهم موقف المتفرج عندما قامت
أمریکا التی تمثل قاعدة العنف والارهاب فی العالم، بالهجوم على أفغانستان، بل إن دول العالم ساهمت فی اسقاطهم، وبالرغم من
المشاکل والصعوبات التی واجهها الشعب الأفغانی من الاستعمار الأمریکی الجدید، إلاّ أنّ الشعب الأفغانی رجّح القوات الأمریکیة على الطالبان، لأنّ الافغانیین یرون أنّ عنف وقسوة الطالبان أشنع وأشد من عنف الأمریکیین وقسوتهم.
وکما تقدم أنّ الطالبان منعوا البنات والنساء من التحصیل العلمی وحاربوا مظاهر الحیاة الجدیدة مهما کانت مفیدة ونافعة باعتبار أنّها «بدعة».
ومن جهة، کان الطالبان یتعاملون مع الشباب الذین یحلقون لُحاهم من موقع التوبیخ وأحیاناً یزجون بهم فی السجون، إلاّ أنّهم، من جهة اُخرى، سمحوا بزراعة المخدرات بشکل واسع وساهموا بشکل فعّال بتصدیرها إلى خارح أفغانستان، وفی نفس الوقت أفتوا بحرمة تدخین التبغ!! والسبب هو عائدات المواد المخدرة الضخمة على البلاد بحیث کانوا یشترون الأسلحة من هذه العائدات المالیة لقتال اخوتهم فی الدین، ولا أحد یفهم جیداً کیفیة الجمع بین هذه الاُمور المتناقضة عملیاً، فالتدخین حرام، وإعفاء اللحیة واجب، وفی نفس الوقت یجوز زراعة وتهریب المواد المخدرة والمحرمة کالهروئین والتریاق!!
والآن نلقی نظرة على جیش الصحابة.
1. جمیع ذلک مقتبسة من الاذاعات العالمیه المعروفة.
