لقد وعدنا لقارىء الکریم فیما سبق أن نستعرض بعض ما ورد فی کتاب «السید محمد بن علوی» العجیب.
إنّ السید محمد بن علوی عالم شجاع عاش فی مکّة وقد حاز على کرسی التدریس فیها، وهو مورد احترام علماء مکّة الکبار ورجال الحکومة فی السعودیة، وقد توفی فی الأعوام الأخیرة وعاشت المنطقة أجواء الحزن والتأثر الشدید لفقده.
وکان یلقب نفسه «خادم العلم الشریف بالبلد الحرام»، وکان «مالکیاً» ومن ذریة فاطمة الزهراء(علیها السلام) ویلقب نفسه «بالحسنی».
وکانت دائرة درسه فی المسجد الحرام من أوسع وأکثر حلقات الدروس عدداً وخلّف تصانیف کثیرة فی العلوم الإسلامیة، وکان العلوی مخالفاً جدّاً للوهابیین المتعصبین حیث کتب أخیراً کتابه «مفاهیم یجب أن تصحّح» فی نقد أفکار وعقائد هذه الجماعة.
وقد شرع فی هذا الکتاب بنقد علمی ومؤدب «کما یظهر من
عنوان الکتاب» لأهم الدعائم الفکریة لهذه الجماعة المتعصبة مستنداً فی جمیع مقولاته على الآیات القرآنیة والأحادیث النبویة الشریفة الواردة فی المصادر المعتبرة لأهل السنّة، وکذلک اعتمد على کتب ومصادر لا یستطیع الوهابیون المتشددون انکارها.
وقد استطاع العلوی فی هذا الکتاب استعراض سلسلة من المفاهیم والتصورات الخاطئة التی تدور أذهان هذه الجماعة حولها بحیث أدّت بهم إلى اتهام الکثیر من المسلمین بالکفر واستباحة نفوسهم وأموالهم وسببت فی اهتزاز عامل التوحد بین المسلمین، وقد نجح المؤلف فی بیان ضرورة إصلاح هذ المفاهیم وأدّى دوره بأحسن وجه.
هذا الکتاب ولعدّة وجوه لیس له نظیر:
1 ـ إنّ هذا الکتاب طبع عشر مرات فی مدّة عشر سنوات، بل فی إحدى السنوات طبع أربع مرات واستقبل استقبالاً واسعاً فی أکثر البلدان الإسلامیة حتى فی العربیة السعودیة.
2 ـ إنّ الکثیر من علماء اهل السنة الکبار فی مصر، المغرب، السودان، البحرین، الباکستان، الامارات، کتبوا تقریظاً لهذا الکتاب وأثنوا على آراء «بن علوی» وشجاعته وقد ذکرت هذه التقاریظ فی 70 صفحة من بدایة الکتاب وتمثل 23 تقریظاً ممّا یحکی عن نوع من الإجماع على صحة ما ورد فی مواضیع هذا الکتاب بحیث إنّ هذه التقاریظ تمثل لوحدها کراساً شیقاً.
3 ـ بالرغم من أنّ هذا الکتاب قد طبع فی دبی، ورغم وجود
المراقبة الشدیدة من قبل السلفیین المتعصبین على سوق الکتاب فی العربیة السعودیة وعدم سماحهم بنشر أی کتاب یتضمن نقداً لأفکارهم وآرائهم، إلاّ أنّ هذا الکتاب متوفر فی سوق مکّة وقد
حصلنا على نسخة منه هناک.
وهذا یشیر إلى أنّ الشریحة الجدیدة للوهابیین «کما تقدم سابقاً» تخالف أفکار السلفییین المتعصبین وترى ضرورة اعادة النظر فی هذه الأفکار والرؤى.