5 ـ الجمود والتصدی لکل ظاهرة جدیدة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
على مفترق طریقین
وجود قبر النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)تضاد آخر

إنّ تحرُّک مؤسس المذهب الوهابی ینطلق للتصدی لکل بدعة، وهذا الأمر من الجهة المبدئیة لا تنکره سائر الفرق الإسلامیة، لأنّ جمیع الفرق والمذاهب ترفض البدع فی الدین بشکل عام(1).

ولکنّ هذا الرجل ارتکب خطأً فاحشاً فی تفسیر معنى البدعة ولهذا تحرک لمواجهة کل شیء جدید.

والآن لنقف على معنى البدعة وما هو المقصود منها؟ هل أنّ کل ظاهرة جدیدة وکل ابداع جدید یعدُّ بدعة؟ ولذلک یجب التصدی لجمیع مظاهر التمدن البشری واتخاذ موقف سلبی منها، «کما نجد هذا المعنى فی کلمات الأوائل من أتباع الوهابیه»، ومن هنا فإنّهم ذهبوا إلى أنّ الدراجة الهوائیة مرکب الشیطان وکانوا یجتنبون رُکوب الدراجة، وقد هجموا على أسلاک الهاتف فی قصر الملک السعودی الذی یوصله بمرکز الجیش وقطعوه ارباً ارباً!!

قبل سنوات کانت أجهزة التصویر محرمة فی السعودیة ومنعت السلطات من بیعها وشرائها فی أسواق مکة والمدینة، کما شاهدناه فى سفر الحج قبل سنین ولم یأذن ملا عمر الوهابی ورئیس الطالبان أن یلتقطوا له صورة واحدة اطلاقاً وکذلک منع من تعیین النساء والبنات حتى فی المدارس الخاصة بهنّ، ولحدّ الآن نجد أنّ قیادة السیارة محرمة على النساء عندهم حتى مع الحجاب الکامل، أمّا الاحتفال بمیلاد النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)وأمثال ذلک فإنّه بدعة وحرام لدیهم، ولم یکتفوا بعدم إقامة الاحتفال بذکرى میلاد النبی الأکرم فحسب(صلى الله علیه وآله)بل تحرکوا لتوبیخ جمیع المسلمین من السنّة والشیعة الذین یحتفلون بذکرى المولد النبوی ویرونه أمراً عقلائیاً وإنسانیاً(2).

وبدیهی أنّ مفهوم «البدعة» یختلف فی معناه لدى الفقهاء الکبار وعلماء الاُصول.

«البدعة» لها مفهوم خاص، وهو أن یضع الشخص ما لیس من الدین فی الدین، ویعمل هذا العمل من موقع أنّه أمر شرعی وعمل دینی ولهذا قالوا فی تعریف البدعة: «البِدْعَةُ إِدْخـالُ مـا لَیسَ مِنَ الدِّینِ فِی الدِّینِ»(3).

وقد عرّفت البدعة فی «البحر الرائق» لمؤلفه ابن نجیم المنصری، ج 3، ص 419: «غلب استعمالها على ما هو (إیجاد) نقص فی الدین أو زیادة»، وجاء فی کتاب «فیض القدیر»، لمؤلفه المناوی، ج 1، ص 96: «الحدث فی الدین بعد الإکمال». وجمیع هذه التعاریف ترجع إلى معنى واحد.

 

ومعلوم أنّه لا یوجد إنسان یستخدم الاختراعات الجدیدة کالدراجة، والهاتف، أجهزة التصویر، الکامبیوتر وأمثالها، على أساس أنّها أمر دینی واجب أو مستحب بل یستخدمها کأمر عرفی مثل سائر أنواع الأطعمة والملابس وأشکال البناء المتغیّرة بتغیر الزمان والثقافة حیث ترتدی حلّة جدیدة فی کل عصر.

وبعبارة اُخرى إنّ بعض الأعمال التی نقوم بها هی «أعمال عرفیة» لا ترتبط بالشرع المقدّس من قبیل الأمثلة المذکورة آنفاً: التنوع فی الملبس، المرکب، الأطعمة، الآداب والرسوم ووسائل المعیشة والبیت وغیر ذلک.

إنّ «البدعة» بمعنى التجدید المفید فی هذه الاُمور یعدّ عملاً جیداً وعلامة على التقدم الحضاری للمجتمع البشری، وعلى هذا الأساس لا تکون الدراجة مرکب الشیطان ولا جهاز التصویر عین الشیطان، ولا جهاز الهاتف مفسدة للدین، ولا إقامة مراسم الاحتفال لتخلید ذکرى رموز الدین، والتی تعدّ أمراً عرفیاً، معصیة وإثماً. فهذا یشید إقامة احتفال بمناسبة ولادة أحد أفراد الاُسرة وأحیاناً یقام الاحتفال بصورة جماعیة لعالم دینی کبیر، وأعلى منه إقامة احتفال بمناسبة المیلاد النبوی الشریف وسائر أئمّة الدین.

 

إننا لا نمتلک أی دلیل على حرمة مثل هذه الأعمال سوى سوء فهم من معنى البدعة وعدم التعرف على مفهومها الفقهی وعدم الاحاطة بمعرفة الاُمور العرفیة و تمییزها عن التکالیف الشرعیة.

ولو ترکنا البحث عن القُبب والأضرحة على قبور أولیاء الدین حیث یتعلق بموضوع خاص آخر، وبحثنا عن مسألة القبور العادیة فی العربیة السعودیة حیث نرى أبشع المظاهر وأقبح السلوکیات تجاه الموتى، فنرى أمامنا صحراء قاحلة وملیئة بالصخور والأشواک حتى أنّک لا تجد حجراً صافیاً على أی قبر من القبور، فی حین أنّ بناء القبر بشکل بسیط یعدّ أمراً عرفیاً متداولاً بین جمیع الشعوب والأقوام البشریة وقامت علیه سیرة العقلاء فی العالم حیث یهتمون باظهار قبور موتاهم بما یناسب شأنهم واحترامهم، وأحیاناً یغرسون الشجر والأزهار والنباتات المختلفة فی المقبرة لتبعث البهجة والانبساط لدى أهل المیت.

ونراهم أیضاً یعظّمون قبور الشعراء وکبار العلم والأدب فیهم ویبنون على قبورهم ما یناسب شأنهم کل بحسب حاله.

فهذا السلوک، عند العقلاء هو عمل إنسانی وعرفی ولیس من البدعة ولا من الشرک وعبادة الأوثان بل أداء فروض الاحترام والأدب الإنسانی، فی حین أنّ البدعة المحرمة هی إضافة شیء لتعالیم الدین لیس منها.

فی هذا الزمان نرى الاحتفال بمناسبة مرور مائة عام على وفاة الشاعر الفلانی أو المخترع الفلانی یعدّ أمراً متداولاً فی أجواء

المجتمع البشری، وهذا العمل یثیرالشوق والرغبة فی نفوس الشبّان تجاه العلم والأدب ویؤدی إلى مزید من التمدن والتطور الحضاری والعلمی، فهل یقول عاقل إنّ هذا الأمر بدعة أو شرک أو إضافة للدین بما لیس فیه؟

والحال أننا لو قمنا بتکریم أولیاء الدین بهذه الصورة وأقمنا لهم هذه المجالس، فإنّ ذلک یتسبب فی اهتمام عامة الناس بتعالیمهم وأفکارهم ویعمل على توثیق وشدّ العلاقة بین الناس وأولیاء الدین، فأین هذا العمل من البدعة أو الشرک؟ إنّه أمر عرفی ومقبول لدى العقلاء.

والجدیر بالذکر وجود بعض المستجدات العرفیة أحیاناً عند الوهابیین انفسهم إلى جانب الاُمور الدینیة من دون أن تختلط بالمسائل الشرعیة أو تکون بدعة محرمة، على سبیل المثال نرى حالیاً فی المسجد الحرام ومسجد النبی منارات عظیمة کثیرة لم تکن قطعاً فی زمان النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، أو نرى محراب النبی وهو زاخر بالنقوش الجمیلة والکثیر من أیات القرآن الکریم «ویقول البعض جمیع القرآن الکریم منقوشة بخط جمیل على جدران المسجد النبوی» وحتى اسم النبی(صلى الله علیه وآله) وجمیع أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) وبعض عظماء الإسلام مرسومة على واجهة أحد جدران المسجد النبوی فی باحته.

فی حین أنّ کل هذه الاُمور لم تکن موجودة فی زمان النبی(صلى الله علیه وآله). فهل تعدّ هذه الاُمور بدعة وحراماً؟ إذا کان کذلک فلماذا سمح

الوهابیون المتسلطون على تلک الأماکن المشرفة ببقائها ولم یتحرکوا لازالتها وتخریبها؟ وإن لم یکن کذلک فلماذا یعترضون على موارد مشابهة بحجة أنّها بدعة؟

من الواضح أنّه لا نجد احداً ممن ساهموا فی ابداع هذه الاُمور قصد أنّ هذا العمل من الدین، بل الغرض مراعاة بعض الاُمور العرفیة التی تنبع من الذوق السلیم للإنسان.

إنّ الأشخاص الذین یعیشون الجمود الفکری ویعترضون على هذه الآداب الاجتماعیة للمسلمین وغیر المسلمین لیس لهم موطىء قدم فی العالم المعاصر ولابد أن یجدوا طریقهم إلى متحف التاریخ، إلاّ بأن یتحرک المتعدلون منهم لإصلاح هذا الخلل وجبران هذا الانحراف الکبیر.

واکرر أنّ البدعة الممنوعة والمحرمة شیء آخر، وهی أن أقوم بعمل معین على أساس أنّه من تعالیم الدین فی حین أنّه لم یرد فی النصوص الدینیة العامة والخاصة شیء من ذلک.

مثلاً أن نضیف شیئاً على الصلاة أو الصوم أو مناسک الحج وأمثال ذلک، أو نقول إنّ الشرع قد أمرنا أن نقیم احتفالاً فی اللیلة الفلانیة بمناسبة میلاد النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله).

ومع الأسف فإنّ جمود هذه الجماعة وقلّة اطّلاعها على علوم الإسلام أدّى إلى اختلاط هذین الأمرین: الابداعات العرفیة، والبدع الشرعیة و نتج ما نتج.

 


 
1. نقرأ فی حدیث عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «أَهْلُ البِدَعِ شَرُّ الخَلقِ وَالخَلِیقَةِ». (کنز العمال، ح 10951) وقد جاء فی حدیث آخر عن الإمام علی(علیه السلام) قال: «مَا أُحْدِثَتْ بِدعَةٌ إِلاّ تُرِکَ بِهـا سُنَّةٌ». (شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج9، ص 93) وهناک أحادیث کثیرة اُخرى فی هذا المضمار من کتب الفریقین.
2. فتاوى اللجنة الدائمة البحوث العلمیّة و الافتاء، ج 3، ص 18 .
3. غنائم الأیّام، ج 1، ص 277.
وجود قبر النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)تضاد آخر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma