التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 12 سورة المائدة / الآیة 13

لقد أشارت هذه الآیة أوّلا إلى قضیة الوفاء بالعهد، وقد تکررت هذه الإشارة فی مناسبات مختلفة فی آیات قرآنیة عدیدة، وربّما کانت إحدى فلسفات هذا التأکید المتکرر على أهمیّة الوفاء بالعهد وذم نقضه، هی إعطاء أهمیّة قصوى لقضیة میثاق الغدیر الذی سیرد فی الآیة 67 من هذه السورة.

والآیة فی بدایتها تشیر إلى العهد الذی أخذه الله من بنی إسرائیل على أن یعملوا بأحکامه، وإرسالة إلیهم بعد هذا العهد اثنی عشر زعمیاً وقائداً لیکون کل واحد منهم زعیماً لطائفة واحدة من طوائف بنی إسرائیل الإثنتی عشر ـ حیث تقول الآیة الکریمة: (ولقد أخذ الله میثاق بنی إسرائیل وبعثنا منهم إثنی عشر نقیباً ).

والأصل فی کلمة «نقیب» إنّها تعنی الثقب الکبیر الواسع، وتطلق بالأخص على الطرق المحفورة تحت الأرض، وسبب استخدام کلمة نقیب للدلالة على الزعامة، لأنّ زعیم کل جماعة یکون علیماً بأسرار قومه، وکأنّه قد صنع ثقباً کبیراً یطلع من خلاله على أسرارهم، کما تطلق کلمة نقیب أحیاناً على الشخص الذی یکون بمثابة المعرف للجماعة، وحین تطلق کلمة «مناقب» على الفضائل والمآثر، یکون ذلک لأنّ الفضائل لا تعرف إلاّ عن طریق البحث والتنقیب فی آثار الشخص.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ کلمة «نقیب» الواردة فی الآیة موضوع البحث إنّما تعنی ـ فقط ـ العارف بالأسرار، لکننا نستبعد هذا الأمر استناداً لما یدلنا علیه التاریخ والحدیث وهو أن نقباء بنی إسرائیل هم زعماء الطوائف الإسرائیلیة، جاء فی تفسیر «روح المعانی» عن ابن عباس قوله:

«إنّهم کانوا وزراء ثمّ صاروا أنبیاء بعد ذلک». أی إنّهم کانوا وزراء للنّبی موسى (علیه السلام) ثمّ نالوا منزلة النّبوة بعده (1).

ونقرأ فی أحوال النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّه حین قدم أهل المدینة فی لیلة العقبة لدعوته (صلى الله علیه وآله) إلى منطقة العقبة، أمر الرّسول (صلى الله علیه وآله) أهل المدینة لینتخبوا من بینهم اثنی عشر نقیباً على عدد نقباء بنی إسرائیل، وبدیهی أنّ مهمّة هؤلاء کانت زعامة قومهم ولیس فقط إخبار النّبی بتقاریر عن أوضاعهم (2).

لقد وردت روایات عدیدة من طرق السنة، وهی تلفت الإنتباه ـ لما فیها من إشارة إلى خلفاء النّبی الأئمّة الإثنی عشر (علیهم السلام) وبیان أن عددهم یساوی عدد نقباء بنی إسرائیل ـ ننقل هنا قسماً من هذه الروایات:

ینقل «أحمد بن حنبل» ـ وهو أحد أئمّة السنّة الأربعة، عن «مسروق» أنّه سأل عبد الله بن مسعود: کم عدد الذین سیحکمون هذه الاُمّة؟ فرد ابن مسعود قائلا: «لقد سألنا رسول الله (صلى الله علیه وآله) فقال: «اثنی عشر کعدّة نقباء بنی إسرائیل» (3).

وجاء فی تاریخ «ابن عساکر» نقلا عن ابن مسعود، أنّهم سألوا النّبی عن عدد الخلفاء الذین سیحکمون هذه الاُمّة، فقال (صلى الله علیه وآله): «إنّ عدّة الخلفاء بعدی عدة نقباء موسى» (4).

وورد فی «منتخب کنز العمال» عن جابر بن سمرة قوله: «سیحکم هذه الاُمّة اثنا عشر خلیفة بعدد نقباء بنی إسرائیل» (5).

وجاء مثل هذا الحدیث أیضاً فی کتاب (ینابیع المودة) فی الصفحة 445 وکذلک فی کتاب (البدایة والنهایة)، ج 6 فی الصفحة 247 أیضاً.

 

 

 

وتشیر الآیة بعد ذلک إلى وعد الله لبنی إسرائیل حیث تقول: (وقال الله إنّی معکم ).

وإنّ هذا الوعد سیتحقق إذا التزم بنوإسرائیل بالشروط التالیة:

أن یلتزموا بإقامة الصّلاة کما تقول الآیة: (لئن أقمتم الصّلاة ).

وأن یدفعوا زکاة أموالهم: (وآتیتم الزکاة ).

أن یؤمنوا بالرسل الذین بعثهم الله ویحترموا وینصروا هؤلاء الرسل، حیث تقول الآیة (وآمنتم برسلی وعزرتموهم ) (6).

وبالإضافة إلى الشروط الثلاثة المذکورة أعلاه، أن لا یمتنع بنوإسرائیل عن القیام ببعض أعمال الإنفاق المستحب التی تعتبر نوعاً من معاملات القرض الحسن مع الله سبحانه وتعالى حیث تقول الآیة: (وأقرضتم الله قرضاً حسناً ).

ثمّ أردفت الآیة الکریمة ببیان نتائج الوفاء بالشروط المذکورة بقوله تعالى: (لأکفّرن عنکم سیئاتکم ولأدخلنّکم جنّات تجری من تحتها الأنهار ).

کما بیّنت الآیة مصیر الذین یکفرون ولا یلتزمون بما أمر الله حیث تقول: (فمن کفر بعد ذلک منکم فقد ضل سواء السبیل ).

لقد أوضحنا فی الجزء الثّانی من تفسیرنا هذا لماذا اصطلح القرآن المجید على الإنفاق، أنّه قرض لله سبحانه؟

ویبقى فی هذا المجال ـ أیضاً ـ سؤال أخیر وهو لماذا تقدمت مسألتا الصّلاة والزکاة على الإیمان بموسى (علیه السلام)، فی حین أنّ الإیمان یجب أن یسبق العمل؟

ویجیب بعض المفسّرین على هذا السؤال بقولهم: إن المراد بعبارة «الرّسل» الواردة فی الآیة هم الأنبیاء الذین جاءوا بعد النّبی موسى (علیه السلام) ولیس موسى نفسه، لذلک فإنّ الأمر الوارد هنا بخصوص الإیمان بالرسل یحمل على أنّه أمرّ لمّا یستقبل من الزمان، فلا یتعارض لذلک وروده بعد الأمر بالصّلاة والزکاة، کما یحتمل ـ أیضاً ـ أن یکون المراد بعبارة «الرسل» هم «نقباء» بنی إسرائیل حیث أخذ الله المیثاق من بنی إسرائیل بأن یکونوا أولیاء معهم، (ونقرأ فی تفسیر «مجمع البیان» أنّ بعضاً من المفسّرین القدماء، احتملوا أن یکون نقباء بنی إسرائیل رسلا من قبل الله، ویؤید هذا الإحتمال الرأی الأخیر الذی ذهبنا إلیه). (7)


1. تفسیر روح المعانی، ج 6، ص 78.
2. سفینة البحار، ج 2، ص 607، فی مادة (نقیب).
3. مسند أحمد، ج 1، ص 398.
4. فیض القدیر فی شرح الجامع الصغیر، ج 2، ص 459.
5. منتخب کنز العمال فی حاشیة مسند أحمد، ج 5، ص 312.
6. إنّ عبارة ( عزرتموهم )مشتقة من مادة «تعزیر» أی المنع أو العون، أمّا حین تسمى بعض العقوبات الإسلامیة بالتعزیر فذلک لأنّ هذه العقوبات تکون فی الحقیقة عوناً للمذنب لکی یرتدع عن مواصلة الذنب، وهذا دلیل على أنّ العقوبات الإسلامیة لا تتسم بطابع الإنتقام بل تحمل طابعاً تربویاً لذلک سمّیت بالتعزیر.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 3، ص 295، ذیل الآیة مورد البحث.

 

سورة المائدة / الآیة 12 سورة المائدة / الآیة 13
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma