العدالة الإجتماعیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 135 سورة النساء / الآیة 136

على غرار الأحکام التی وردت فی الآیات السابقة حول تطبیق العدالة مع الأیتام والزوجات تذکر الآیة الأخیرة ـ موضوع البحث ـ مبدأ أساسیاً وقانوناً کلیاً فی مجال تطبیق العدالة فی جمیع الشؤون والموارد بدون استثناء، وتأمر جمیع المؤمنین بإقامة العدالة (یا أیّها الذین آمنوا کونوا قوامین بالقسط ).

ویجب الإنتباه إلى أنّ کلمة «قوامین» هی جمع لکلمة «قوّام» وهی صیغة مبالغة من «قائم» وتعنی «کثیر القیام» أی إنّ على المؤمنین أن یقوموا بالعدل فی کل الأحوال والأعمال وفی کل العصور والدهور، لکی یصبح العدل جزءاً من طبعهم وأخلاقهم، ویصبح الانحراف عن العدل مخالفاً ومناقضاً لطبعهم وروحهم.

والإتیان بکلمة «القیام» فی هذا المکان، یحتمل أن یکون بسبب أنّ الإنسان حین یرید القیام بأی عمل، یجب علیه أن یقوم على رجلیه بصورة عامّة ویتابع ذلک العمل، وعلى هذا الأساس فإنّ التعبیر هنا بالقیام کنایة عن العزم والإرادة الرّاسخة والإجراء لإنجاز العمل، حتى لو کان هذا العمل من باب حکم القاضی الذی لا یحتاج إلى القیام لدى ممارسة عمله.

ویمکن أن یکون التعبیر بالقیام جاء لسبب آخر، وهو أنّ کلمة «القائم» تطلق عادة على شیء یقف بصورة عمودیة على الأرض دون أن یکون فیه انحراف إلى الیمین أو الشمال، وعلى هذا فإنّ المعنى المراد منه فی الآیة یکون تأکیداً لضرورة تحقیق العدالة دون أقل انحراف إلى أی جهة کانت.

ولتأکید الموضوع جاءت الآیة بکلمة «الشهادة» فشددت على ضرورة التخلی عن کل الملاحظات والمجاملات أثناء أداء الشهادة، وأن یکون هدف الشهادة بالحق هو کسب مرضاة الله فقط، حتى لو أصبحت النتیجة فی ضرر الشاهد أو أبیه أو أمه أو أقاربه (شهداء لله ولو على أنفسکم أو الوالدین والأقربین ).

وقد شاع هذا الأمر فی کل المجتمعات، وبالأخص المجتمعات الجاهلیة، حیث کانت الشهادة تقاس بمقدار الحبّ والکراهیة ونوع القرابة بین الأشخاص والشاهد، دون أن یکون للحق والعدل أثر فیما یفعلون.

وقد نقل عن ابن عباس حدیث یفید أنّ المسلمین الجدد کانوا بعد وصولهم إلى المدینة یتجنبون الإدلاء بالشهادة لإعتبارات القرابة والنسب، إذا کانت الشهادة تؤدّی إلى الاضرار بمصالح اقربائهم، فنزلت الآیة المذکورة محذرة لمثل هؤلاء (1).

ولکن ـ وکما تشیر الآیة الکریمة ـ فإنّ هذا العمل لا یتناسب وروح الإیمان، لأنّ المؤمن الحقیقی هو ذلک الشخص الذی لا یعیر اهتماماً للاعتبارات فی مجال الحق والعدل، ویتغاضى عن مصلحته ومصلحة أقاربه من أجل تطبیق الحق والعدل.

وتفید هذه الآیة أنّ للأقارب الحق فی الإدلاء بالشهادة لصالح ـ أو ضد ـ بعضهما البعض، شرط الحفاظ على مبدأ العدالة (إلاّ إذا کانت القرائن تشیر إلى وجود انحیاز أو تعصب فی الموضوع).

وتشیر الآیة بعد ذلک عوامل الانحراف عن مبدأ العدالة، فتبیّن أنّ ثروة الأغنیاء یجب أن لا تحول دون الإدلاء بالشهادة العادلة، کما أنّ العواطف والمشاعر التی تتحرک لدى الإنسان من أجل الفقراء، یجب أن تکون سبباً فی الإمتناع عن الادلاء بالشهادة العادلة حتى ولو کانت نتیجتها لغیر صالح الفقراء، لأنّ الله أعلم من غیره بحال هؤلاء الذین تکون نتیجة الشهادة العادلة ضدهم، فلا یستطیع صاحب الجاه والسلطان أن یضرّ بشاهد عادل یتمتع بحمایة الله، ولا الفقیر سیبیت جوعاناً بسبب تحقیق العدالة، تقول الآیة فی هذا المجال: (إن یکن غنیاً أو فقیراً فالله أولى بهما ).

وللتأکید أکثر تحکم الآیة بتجنّب إتّباع الهوى، لکی لا یبقى مانع أمام سیر العدالة وتحقیقها إذ تقول الآیة: (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) (2).

ویتّضح من هذه الجملة ـ بجلاء ـ أنّ مصدر الظلم والجور کلّه، هو إتّباع الهوى، فالمجتمع الذی لا تسوده الأهواء یکون بمأمن من الظلم والجور.

ولأهمیّة موضوع تحقیق العدالة، یؤکّد القرآن هذا الحکم مرّة اُخرى، فیبیّن أنّ الله ناظر وعالم بأعمال العباد ـ فهو یشهد ویرى کل من یحاول منع صاحب الحق عن حقّه، أو تحریف الحق، أو الإعراض عن الحق بعد وضوحه، فتقول الآیة: (وإن تلوو (3) أو تعرضوا فإن الله کان بما تعملون خبیراً ).

وجملة (أن تلووا ) تشیر ـ فی الواقع ـ إلى تحریف الحق وتغییره، بینما تشیر جملة «تعرضوا» إلى الإمتناع عن الحکم بالحق، وهذا هو ذات الخبر المنقول عن الإمام الباقر (علیه السلام) (4).

والطریف أن الآیة اختتمت بکلمة (خبیراً ) ولم تختتم بکلمة «علیماً» لأنّ کلمة «خبیر» تطلق بحسب العادة على من یکون مطلعاً على جزئیات ودقائق موضوع معین، وفی هذا دلالة على أنّ الله یعلم حتى أدنى انحراف یقوم به الإنسان عن مسیر الحق والعدل بأی عذر أو وسیلة کان، وهو یعلم کل موطن یتعمد فیه إظهار الباطل حقاً، ویجازی على هذا العمل.

وتثبت الآیة اهتمام الإسلام المفرط بقضیة العدالة الاجتماعیة، وإنّ مواطن التأکید المتکررة فی هذه الآیة تبیّن مدى هذا الإهتمام الذی یولیه الإسلام لمثل هذه القضیة الانسانیة الاجتماعیة الحساسة، وممّا یُؤسف له کثیراً أن نرى الفارق الکبیر بین عمل المسلمین وهذا الحکم الإسلامی السامی، وإن هذا هو سرّ تخلف المسلمین.


1. تفسیر المنار، ج 5، ص 455.
2. یمکن أن تکون عبارة «تعدلوا» اشتقاقاً إمّا من مادة «العدالة» أو من مادة «العدول» فإن کانت من مادة «العدالة» یکون معنى الجملة القرآنیة هکذا: فلا تتبعوا الهوى لأن تعدلوا أی لکی تستطیعوا تحقیق العدل، وأما إذا کانت من مادة «العدول» یکون المعنى هکذا: فلا تتبعوا الهوى فی أن تعدلوا أی لا تتبعوا الهوى فی سبیل الانحراف عن الحق.
3. إن عبارة (تلووا ) مشتقة من المصدر «لی» على وزن «طی» وتعنی المنع والإعاقة وقد وردت فی الأصل بمعنى اللّی والبرم.
4. تفسیر التبیان، ج 5، ص 356.

 

سورة النساء / الآیة 135 سورة النساء / الآیة 136
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma