التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 3 الإعتدال فی تناول اللحوم

لقد تمّت الإشارة فی بدایة السورة إلى الحلال من لحوم المواشی،  وورد ـ أیضاً ـ أنّ هناک استثناءات تحرم فیها لحوم المواشی، حیث ذکرتها الآیة الأخیرة ـ موضوع البحث ـ فی أحد عشر مورداً تکرر ذکر بعضها فی آیات قرآنیة اُخرى على سبیل التأکید.

والمحرمات التی وردت فی هذه الآیة، (حرمت علیکم ) بحسب الترتیب الذی جاءت علیه کما یلی:

أوّلا: (المیتة ).

ثانیاً: (الدم ).

ثالثاً: (ولحم الخنزیر ).

رابعاً: الحیوانات التی تذبح باسم الأصنام، أو باسم غیر اسم الله، کما کان یفعل الجاهلیّون، (وما اهل لغیر اللّه به ) وقد تحدثنا عن هذه اللحوم الأربعة المحرمة فی الجزء الأوّل من تفسیرنا هذا.

خامساً: الحیوانات المخنوقة، سواء کان الخنق بسبب الفخ الذی تقع فیه أو بواسطة

الإنسان أو بنفسها، وکان الجاهلیون یخنقون الحیوانات أحیاناً للإنتفاع بلحومها وقد أشارت الآیة إلى هذا النوع باسم (والمنخنقة ).

وورد فی بعض الروایات أنّ المجوس کان من عادتهم أن یخنقوا الحیوانات التی یریدون أکلها، ولهذا یمکن أن تشملهم الآیة أیض (1).

سادساً: الحیوانات التی تموت نتیجة تعرضها للضرب والتعذیب، أو التی تموت عن مرض وسمّیت فی الآیة بـ (والموقوذة ) (2).

ونقل القرطبی فی تفسیره أن عرب الجاهلیة اعتادوا على ضرب بعض الحیوانات حتى الموت إکراماً لأصنامهم وتقرباً لها. (3)

سابعاً: الحیوان الذی یموت نتیجة السقوط من مکان مرتفع، وقد سمی هذا النوع فی الآیة بـ (والمتردیة ).

ثامناً: الحیوان الذی یموت جراء نطحه من قبل حیوان آخر، وقد سمت الآیة هذا النوع من الحیوانات بـ (والنطیحة ).

تاسعاً: الحیوان الذی یقتل نتیجة هجوم حیوان متوحش علیه، وسمی هذا النوع فی الآیة بـ (وما أکل السبع ).

وقد یکون جزءاً من فلسفة تحریم هذه الأنواع من الحیوانات، هو عدم نزفها المقدار الکافی من الدم لدى الموت أو القتل، لأنّه ما لم تقطع عروق رقابها لا تنزف الدم بمقدار کاف، ولما کان الدم محیطاً مناسباً جدّاً لنمو مختلف أنواع الجراثیم، وبما أنّه یتفسخ حین یموت الحیوان قبل الأجزاء الاُخرى من الجسد، لذلک یتسمم لحم الحیوان ولا یمکن أن یعد هذا اللحم من اللحوم السلیمة، وغالباً ما یحصل هذا التسمم عندما یموت الحیوان على أثر مرض أو من جراء التعذیب أو نتیجة تعرضه لملاحقة حیوان متوحش آخر.

من جانب آخر فإنّ الشرط المعنوی للذبح لا یتحقق فی أی نوع من تلک الحیوانات، أی شرط ذکر اسم الله وتوجیه الحیوان صوب القبلة لدى الذبح.

لقد ذکرت الآیة شرطاً واحداً لو تحقق لأصبحت لحوم الحیوانات المذکورة حلالا، وهذا الشرط هو أن یذبح الحیوان قبل موته وفق الآداب والتقالید الإسلامیة، لیخرج الدم منه بالقدر الکافی فیحل بذلک لحمه، ولذلک جاءت عبارة (إلاّ ما ذکیتم ) بعد موارد التحریم مباشرة.

ویرى بعض المفسّرین أنّ هذا الاستثناء یخص القسم الأخیر فقط، أی ذلک الذی جاء تحت عنوان: (وما أکل السبع ) لکن أغلب المفسّرین یرون أنّ الاستثناء یشمل جمیع الأنواع المذکورة، والنظریة الأخیرة أقرب للحقیقة من غیرها.

وهنا قد یسأل البعض: لماذا لم تدخل جمیع أنواع الحیوانات المحرمة فی الآیة فی إطار «المیتة» التی ذکرت کأوّل نوع من المحرمات الأحد عشر فی الآیة، ألیست المیتة فی مفهومها تعنی کل الأنواع المذکورة؟

والجواب هو: إنّ المیتة لها معان واسعة من حیث المفهوم الفقهی الشرعی، فکل حیوان لم یذبح وفق الطریقة الشرعیة یدخل فی إطار مفهوم المیتة، أمّا المعنى اللغوی للمیتة فیشمل ـ فقط ـ الحیوان الذی یموت بصورة طبیعیة. ولهذا السبب فإن الأنواع المذکورة فی الآیة ـ غیر المیتة ـ لا تدخل من الناحیة اللغویة ضمن مفهوم المیتة، وهی محتاجة إلى البیان والتوضیح.

عاشراً: کان الوثنیون فی العصر الجاهلی ینصبون صخوراً حول الکعبة لیست على أشکال أو هیئات معینة، وکانوا یسمون هذه الصخور بـ «النصب» حیث کانوا یذبحون قرابینهم أمامها ویمسحون الصخور تلک بدم القربان.

والفرق بین النصب والأصنام هو أنّ النصب لیست لها أشکال وصور بخلاف الأصنام، وقد حرم الإسلام لحوم القرابین التی کانت تذبح على تلک النصب، فجاء حکم التحریم فی الآیة بقوله تعالى: (وما ذُبح على النّصب ).

وواضح أنّ تحریم هذا النوع من اللحوم إنّما یحمل طابعاً معنویاً ولیس مادیاً، وفی الحقیقة فإنّ هذا النوع یعتبر من تلک القرابین التی تدخل ضمن مدلول العبارة القرآنیة: (وما اُهلّ لغیر الله به ) وقد ذکر تشخیصاً فی الآیة بسبب رواجه لدى عرب الجاهلیة.

أحد عشر: وهناک نوع آخر من اللحوم المحرمة، وهو اللحوم التی تذبح وتوزع بطریقة القمار، وتوضیح ذلک هو أنّ عشرة من الأشخاص یتراهنون فیما بینهم فیشترون حیواناً ویذبحونه، ثمّ یأتون بعشرة سهام کتب على سبعة منها عبارة «فائز»، وعلى الثلاثة الاُخرى کتبت عبارة «خاسر»، فتوضع فی کیس وتسحب واحدة واحدة باسم کل من الأشخاص

العشرة على طریقة الإقتراع، فالأشخاص الذین تخرج النبال السبعة الفائزة باسمائهم یأخذون قسماً من اللحم دون أن یدفعوا ثمناً لما أخذوه من اللحم، أمّا الأشخاص الثلاثة الآخرون الذین تخرج النبال الخاسرة بأسمائهم فیتحملون ثمن الحیوان بالتساوی، فیدفع کلّ واحد منهم ثلث قیمة الحیوان دون أن یناله شیء من لحمه.

وقد سمى الجاهلیون هذه النبال بـ «الأزلام» وهی صیغة جمع من «زلم» وقد حرم الإسلام هذا النوع من اللحوم، لا بمعنى وجود تأصل الحرمة فی اللحم، بل لأنّ الحیوان کان یذبح فی عمل هو أشبه بالقمار، (وأن تستقیموا بالأزلام ) ویجب القول هنا أن تحریم القمار وأمثاله لا ینحصر فی اللحوم فقط، بل إن القمار محرم فی کل شیء وبأیّ صورة کان.

ولکی تؤکّد الآیة موضوع التحریم وتشدد على حرمة تلک الأنواع من اللحوم تقول فی الختام: (ذلکم فسق ). (4)


1. وسائل الشیعة، ج 16، ص 273.
2.«الموقوذة» من مادة «وقذ» یعنی المضروبة بعنف حتى الموت.
3. تفسیر القرطبی، ج 6، ص 48.
4. بالرغم من أنّ «ذلکم»، اشارة لمفرد، إلاّ أنّه لمّا کان یحتوی على ضمیر الجمع، وقد فرض المجموع بمثابة الشیء الواحد، فلا اشکال فی هذا الاستعمال.

 

سورة المائدة / الآیة 3 الإعتدال فی تناول اللحوم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma