2ـ فلسفة الغسل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
1ـ فلسفة الوضوء والتیممسورة المائدة / الآیة 7

قد یسأل البعض لماذا أمر الإسلام بغسل کامل الجسم لدى حصول «الجنابة» فی حین أن عضواً معیناً واحداً یتلوث أو یتسخ فی هذه الحالة؟

فهل هناک فرق بین البول الخارج من ذلک العضو، وبین «المنی» الخارج منه أثناء الجنابة بحیث یجزی غسل العضو وحده فی حالة التبول، بینما یجب غسل الجسم کله بعد خروج المنی من العضو؟

لهذا السّؤال جوابان، مجمل ومفصل، وهما کما یلی: فالجواب المجمل یتلخص فی أن خروج المنی من الإنسان لا ینحصر أثره فی العضو الذی یخرج منه، أی أنّه لیس کالبول والفضلات الاُخرى.

والدلیل على هذا القول هو تأثر الجسم کله أثناء خروج المنی من العضو بحیث تطرأ على خلایا الجسم کلها حالة من الإسترخاء والخمول، وهذه الحالة هی الدلیل على تأثیر الجنابة على أجزاء الجسم کلها، وقد أظهرت بحوث العلماء المتخصصین ـ فی هذا المجال ـ أن هناک سلسلتین عصبیتین نباتیتین فی جسم الإنسان، هما السلسلة السمبثاویة (الأعصاب المحرکة) والسلسلة شبه السمبثاویة (الاعصاب الکابحة) تمتدان فی کافة أجزاء الجسم وأجهزته الداخلیة، وتتولى السلسلة السمبثاویة تحفیز أجهزة الجسم على العمل وتسریع عملها، بینما السلسلة شبه السمبثاویة تعمل عکس الاُولى، فتحدّ عمل أجهزة الجسم وتبطئها فالاُولى تلعب دور جهاز دفع البنزین فی السیارة من أجل تحریکها والاُخرى یکون دورها دور الکابح فیها لإیقافها عن الحرکة، وبالتوازن الحاصل فی عمل هاتین السلسلتین العصبیتین تعمل جمع أجهزة جسم الإنسان بصورة متوازنة أیضاً.

وقد تحدث فی جسم الإنسان ـ أحیاناً ـ فعالیات تعیق استمرار هذا التوازن فیطغى عمل أحد السلسلتین العصبیتین على عمل الجملة الاُخرى، ومن هذه الفعالیات وصول الإنسان إلى الذروة فی اللذة الجنسیة، أی ما یسمى بحالة «الاُورکازم» التی تقترن بخروج المنی من عضو الإنسان، وفی هذه الحالة یطغى عمل السلسلة العصبیة شبه السمبثاویة الکابح على عمل السلسلة العصبیة الاُخرى التی هی السمبثاویة الدافعة فیختل التوازن بصورة سلبیة فی جسم الإنسان، وقد ثبت بالتجربة أن الشیء الذی یمکنه إعادة التوازن بین عمل تلک السلسلتین العصبیتین، هو وصول الماء إلى جسم الإنسان، ولما کانت حالة

«الأورکازم» التی یصل إلیها الإنسان لدى «الجنابة» تؤثر بصورة محسوسة على أجهزة جسم الإنسان وتخل بتوازن السلسلتین العصبیتین المذکورتین، لذلک أمر الإسلام بأن یباشر الإنسان غسل کل جسمه بعد کل مقاربة جنسیة، أو لدى خروج «المنی» منه، حیث یعود بهذا الغسل التوازن بین عمل السلسلتین العصبیتین السمبثاویة وشبه السمبثاویة فی کل أجزاء الجسم، فتعود لها حالتها الطبیعیة فی الحرکة والحیاة (1).

وبدیهی أنّ فائدة الغسل لا تنحصر فی الذی تحدثنا عنه قبل قلیل، بل إنّ الغسل یعتبر أیضاً نوعاً من العبادة التی لها آثار أخلاقیة لا تنکر، ولهذا السبب یبطل الغسل إن لم یکن مقترناً بنیّة الطاعة والتقرب إلى الله سبحانه، لأنّ الحقیقة هی أنّ الجسم والروح کلیهما یتأثران أثناء خروج «المنی» من الإنسان أو لدى حصول المقاربة الجنسیة ـ فالروح تجری بذلک وراء الشهوات المادیة ویدفع الجسم إلى حالة الخمول والرکود.

وغسل الجنابة یعتبر غسلا للجسم بما یشمله من عملیة إیصال الماء إلى جمیع أجزائه، ویعتبر غسلا للروح بما یحتویه من نیة الطاعة والتقرب إلى الله، أی إنّ لهذا الغسل أثرین مادی وروحی، یدفع الأثر المادی منه الجسم إلى استعادة حالة النشاط والفعالیة، ویدفع الأثر الروحی الإنسان للتوجه إلى الله وإلى المعنویات.

أضف إلى ذلک کلّه أنّ وجوب غسل الجنابة فی الإسلام هو أیضاً من أجل إبقاء جسم الإنسان المسلم طاهراً، کما هو رعایة للجانب الصحی فی حیاة الإنسان، وقد یوجد الکثیر من الناس ممن لا یعتنون بنظافة أجسامهم لکن هذا الأمر والواجب الإسلامی یجبرهم على غسل أجسامهم بین فترة واُخرى ولا یقتصر التهاون فی غسل الجسم على إنسان العهود القدیمة، بل حتى فی عصرنا الحاضر هناک الکثیر ممن لا یعتنون بغسل أجسامهم، بل یتهاونون فی هذا الأمر الحیاتی المهم (وطبیعی أن حکم غسل الجنابة حکم عام، وقانون کلی یشمل حتى الشخص الذی غسل جسمه قبل حصول الجنابة بقلیل).

إنّ الجوانب الثلاثة المذکورة فیما سبق ـ توضح بمجموعها سبب وجوب الغسل لدى خروج المنی من الإنسان سواء کان فی أثناء النوم أو الیقظة وکذلک بعد المقاربة الجنسیة (حتى لو لم تؤد إلى خروج المنی).

 

 

وقد أوضحت الآیة ـ فی آخرها ـ أنّ الأوامر الإلهیة لیس فیها ما یحرج الإنسان أو یوجد العسر له، بل إنها أوامر شرعت لتحقق فوائد ومنافع معینة للناس، فقالت الآیة (ما یرید الله لیجعل علیکم من حرج ولکن یرید لیطهرکم ولیتم نعمته علیکم لعلّکم تشکرون ).

وتؤکد هذه العبارات القرآنیة الأخیرة أنّ جمیع الأحکام والأوامر الشرعیة الإلهیّة والضوابط الإسلامیة هی فی الحقیقة لمصلحة الناس ولحمایة منافعهم، ولیس فیها أی هدف آخر، وإنّ الله یرید بالأحکام الأخیرة الواردة فی الآیة ـ موضوع البحث ـ أن یحقق للإنسان طهارته الجسمانیة والروحیة معاً.

ویجب هنا الإنتباه إلى أن جملة (ما یرید الله لیجعل علیکم من حرج ) مع أنّها وردت فی أواخر الآیات التی اشتملت على أحکام الغسل والوضوء والتیمم، إلاّ أنّها تبیّن قانوناً عامّاً معناه أنّ أحکام الله لیست تکالیف شاقّة أبداً، ولو کان فی أی حکم شرعی العسر والحرج لأی فرد لسقط التکلیف عن هذا الفرد بناء على الاستثناء الوارد فی الجملة القرآنیة الأخیرة من الآیة موضوع البحث، ولهذا لو کان الصوم یشکل مشقة وعناء على أی فرد بسبب مرض أو شیخوخة أمّا ما شابه ذلک، لسقط أداؤه عن هذا الفرد وارتفع التکلیف عنه، بناء على هذا الدلیل نفسه.

ولا یخفی ـ أیضاً ـ أنّ هناک من الأحکام الإلهیّة ما یظهر فیها الصعوبة والمشقة بذاتها مثل حکم الجهاد، إلاّ أنّه ولدى مقارنة المصالح التی تتحقق بالجهاد مع الصعوبات والمشاق التی فیه، تترجح کفّة المصالح وأهمیّتها فلا تکون المشاق أمامها شیئاً یذکر، وقد سمی القانون الذی أثبتته الجملة القرآنیة الأخیرة بقانون «لا حرج» وهو مبدأ أساسی یستخدمه الفقهاء فی أبواب مختلفة ویستنبطون منه أحکاماً کثیرة.


1. ونقرأ فی روایة عن الإمام الثامن علی بن موسى الرض (علیه السلام) قوله: «إنّ الجنابة خارجة من کل جسده فلذلک وجب علیه تطهیر جسده کله» وفی هذه الروایة إشارة للبحث الذی تناولناه أعلاه، من وسائل الشیعة، ج 1، ص466.

 

1ـ فلسفة الوضوء والتیممسورة المائدة / الآیة 7
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma