بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
أحکام القتل النّاتج عن الخطأسورة النساء / الآیة 93

لقد وردت فی الآیة ـ موضوع البحث ـ اُمور عدیدة یجدر الإنتباه إلیها وهی:

ذکرت الآیة ثلاثة أنواع من التعویض عند حصول قتل عن خطأ، وکل نوع فی حدّ ذاته تعویض عن الخسارة الناجمة عن هذا القتل.

فتحریر رقبة عبد مسلم یعتبر تعویضاً عن خسارة اجتماعیة ناتجة عن القتل الواقع على إنسان مسلم، إذ بعد أن خسر المجتمع فرداً نافعاً من أفراده بسبب وقوع القتل علیه، حصل على تعویض مماثل وذلک بدخول إنسان نافع آخر بین أفراده عن طریق التحریر.

وأمّا التعویض المادی «الدیة» فهو مقابل الخسارة المادیة التی لحقت بأهل القتیل نتیجة فقدهم إیاه، والحقیقة أنّ الدیة لیست ثمناً لدم القتیل المسلم البریء، لأنّ دمه لا تعادله قیمة، بل هی ـ وکما أسلفنا ـ نوع من التعویض عن خسارة مادیة لاحقة بذوی القتیل بسبب فقدانه.

وأمّا الخیار الثّالث الوارد فی حالة تعذر تقدیم التعویض المادی، فیتمثل فی صیام شهرین متتابعین یقوم به القاتل، فهو تعویض أخلاقی ومعنوی لخسارة معنویة لحقت بالقاتل نفسه بسبب إرتکابه لحادث قتل، فالکفّارة تتحقق فی الدرجة الاُولى فی تحریر رقبة مؤمنة، فإن عجز القاتل فصیام شهرین متتابعین ـ ویجب الإنتباه هنا إلى أن تحریر العبید یعتبر بحدّ ذاته عبادة، لما له من أثر معنوی على العبد الذی یتحرر من قیود الرق.

ورود عبارة (إلاّ أن یصدّقوا ) بالنسبة إلى أهل القتیل الذین هم من المسلمین، أی أن یتنازلوا عن «دیّة» قتیلهم، حیث لم ترد هذه العبارة بالنسبة لغیر المسلمین ـ وسبب ذلک واضح، وهو لأنّ الأرضیة للصفح والعفو متوفرة لدى المسلمین حیال أمثالهم، بینما لا تتوفر مثل هذه الأرضیة لدى غیر المسلمین تجاه المسلمین، کما أنّ المسلم یجب أن لا یقبل معروفاً أو منّة من غیر المسلم فی هذه الحالات.

وممّا یجلب الإنتباه أنّ الحالة الثالثة الواردة فی الآیة موضوع البحث، قد قدمت کفارة الدیّة على کفارة التحریر، وهذه الحالة تتناول مسألة القتل الخطأ الواقع على شخص لا ینتمی أهله إلى الإسلام، بینما الحالة الاُولى ـ التی کان القتیل فیها من عائلة إسلامیة ـ تقدمت فیها کفارة التحریر على کفارة الدیّة.

ویمکن الإستنتاج من هذا التقدیم والتأخیر أن مسألة دفع الدیة فی موعد متأخر بالنسبة

للمسلمین فیما بینهم، لا تترک أثراً سلبیاً علیهم ـ فی الغالب ـ بینما لو کان أهل القتیل من غیر المسلمین لوجب التعجیل فی دفع الدیّة ـ أوّلا ـ إتقاءً للفتنة، ولکی لا یفسّر أهل القتیل وقومه مسألة القتل الحاصلة بأنّها نقض للعهد من جانب المسلمین.

لم تحدد الآیة الکریمة مقدار الدیّة أو مبلغها فی أی من الحالات الثلاثة المذکورة، ویستنتج من هذا أنّ مسألة التحدید هذه إنّما أوکلت إلى السنة التی عینت بالفعل مقدارها الکامل بألف مثقال من الذهب، أو بمائة بعیر، أو مائتین من البقر، ویمکن أن یکون ثمن هذه الأنواع مالا إذا حصل إتفاق بین طرفی القضیة، (وبدیهی أن تخصیص الذهب أو نوع من أنواع الماشیة دیة عن القتل، إنّما هو سنّة إسلامیة تستند مبرراتها على الاُمور الطبیعیة لا الوضعیة المتغیرة بتغیر الزمان).

قد یرد هذا الوهم لدى البعض بأنّ القتل الواقع خطأ، یجب أن لا یکون بإزائه غرامة أو عقوبة، لأن القاتل لم یرتکب جریمة عن عمد أو سبق إصرار وإن الخطأ لا عقوبة أو غرامة مالیة علیه.

وجواب هذا ـ أو توضیحه ـ هو أن القتل، دون سواه من الجرائم، تدخل فیه قضیة بالغة الأهمیّة وهی قضیة الدم المراق فیها والحیاة الإنسانیة التی تسلب عضو من أعضاء المجتمع... ولکی یبیّن الإسلام اهتمامه الکبیر بحیاة الأفراد، ویدفع معتنقیه إلى التزام الحیطة والحذر الدقیقین لعدم التورط فی إرتکاب مثل هذه الأخطاء، شدد فی مسألة الغرامة والعقوبة حرصاً منه على حیاة أفراد المجتمع، ولکی لا یصبح الخطأ عذراً یتوسل به من شاء فی إهدار دماء الأبریاء من الناس.

والعبارة الأخیرة من الآیة الکریمة التی هی (توبة من الله... ) قد تکون إشارة إلى أنّ وقوع الخطأ یکون غالباً بسبب التهاون وقلّة الحذر، وأنّ الخطأ إذا کان کبیراً کالقتل ـ یجب التعویض عنه أوّلا وإرضاء أهل القتیل لکی تشمل القاتل أو الخاطىء بعد ذلک التوبة الإلهیّة.

 

أحکام القتل النّاتج عن الخطأسورة النساء / الآیة 93
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma