بعض الأحکام الفقهیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 43 بحوث

تستفاد من الآیة الحاضرة عدّة أحکام إسلامیة هی:

حرمة الصّلاة فی حال السکر، أی لا یجوز للسکارى أن یقربوا الصّلاة لبطلان صلاتهم فی حالة السکر، وفلسفة ذلک واضحة، فإنّ الصلاة حدیث العبد إلى ربّه ومناجاته ودعاؤه، ولابدّ أن یتمّ کل هذا فی حالة الوعی الکامل، والسکارى أبعد ما یکونون عن هذه الحالة: (یا أیّها الذین آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سکارى حتى تعلموا ما تقولون ).

وهنا یمکن أن یطرح أحد سؤالا هو: ألیس مفهوم الآیة هو المنع من شرب المسکرات إذا بقی أثرها وسکرها إلى وقت الصلاة، وهو ینطوی على دلیل جوازه فی سائر الحالات؟

والإجابة على هذا السؤال تأتی ـ بإذن الله ـ مفصّلة عند تفسیر الآیة 90 من سورة المائدة، إلاّ أنّ الجواب الإجمالی هو: إنّ الإسلام استخدم لتطبیق الکثیر من أحکامه أسلوب «التغییر التدریجی» فمثلا مسألة تحریم تعاطی الخمور هذه طبقها الإسلام فی مراحل، فهو أوّلا أعطاه صفة المشروب غیر المحبّذ فی قبال «الرزق الحسن» (کما فی الآیة 67 من سورة النحل «ورزقاً حسناً») ثمّ منع من الإقتراب إلى الصلاة إذا کان السکر الناشىء منها لا یزال باقیاً (کما فی الآیة الحاضرة) ثمّ قارن بین منافعه ومضاره ورجحان مضاره ومساوئه، کما فی

سورة البقرة الآیة 219، وفی المرحلة الأخیرة نهى عن الخمر بصورة قاطعة وصریحة، کما فی سورة المائدة الآیة 90.

وأساساً لیس هناک من سبیل لتطهیر المجتمع من جذور مفسدة اجتماعیة أو خلقیة متجذرة فی أعماق المجتمع واقتلاعها من الجذور أفضل من هذا الاُسلوب، وأجدى من هذا الطریق، وهو أن یهیأ الأفراد تدریجاً، ثمّ یتمّ الإعلان عن الحکم النهائی.

کما أنّه لابدّ من الإلتفات إلى نقطة مهمّة، هی أنّ الآیة الحاضرة لا تجیز بأی وجه من الوجوه شرب الخمر، بل هی تتحدث فقط عن مسألة الإقتراب إلى الصلاة فی حال السکر، بینما التزمت الصمت بالنسبة إلى حکم شرب الخمر فی غیر هذا المورد حتى یحین موعد المرحلة النهائیة للحکم.

هذا مع الإلتفات إلى أنّ أوقات الصلوات الخمس خاصّة فی ذلک الزمان الذی کانت العادة فیه إقامة الصلوات الخمس فی أوقاتها، بحکم أنّها کانت متقاربة کان الإتیان بالصلاة فی حال الوعی یقتضی أن ینصرف الأشخاص عن تناول المسکرات فی الفترات الواقعة بین أوقات الفرائض انصرافاً کلیاً، لأنّ السکر کان یستمر غالباً إلى حین حلول وقت الفریضة وعلى هذا کان الحکم المذکور فی الآیة الحاضرة أشبه بالحکم النهائی والتحریم الأبدی المطلق.

کما أنّ هناک موضوعاً لابدّ من التذکیر به، وهو أنّ الآیة الحاضرة فسّرت فی روایات عدیدة فی کتب الشیعة والسنة بسکر النوم، یعنی لا تقربوا الصلاة ما لم تطردوا النوم عن عیونکم کاملة لتعلموا ما تقولون.

ولکن یبدو للنظر أن هذا التّفسیر مستفاد من مفهوم: (حتى تعلموا ما تقولون ) وإن لم یدخل فی مصداق «السکارى» (1).

وبعبارة اُخرى، یستفاد من جملة: (حتى تعلموا ما تقولون ) المنع عن الصلاة فی کل حالة لا یتمتع فیها الإنسان بالوعی الکامل، سواء کان بسبب حالة السکر، أو بسبب ما تبقى من النوم.

کما أنّه یستفاد من هذه الجملة أیضاً أنّ الأفضل عدم إقامة الصلاة عند الکسل أو قلّة التوجه، لأنّ الحالة السابقة توجد فی هذه الصورة بشکل ضعیف، ولعلّه لهذا السبب جاء فی ما روی عن الإمام الباقر (علیه السلام) من أنّه قال: «لا تقم إلى الصلاة متکاسلا، ولا متناعساً ولا متثاقلا وقد نهى الله عزّ وجلّ المؤمنین أن یقوموا إلى الصلاة وهم سکارى ...» (2).

بطلان الصلاة فی حال الجنابة الذی أشیر إلیه بعبارة (ولا جنباً ) ثمّ استثنى سبحانه من هذا الحکم بقوله: (إلاّ عابری سبیل ) أی إذا فقدتم الماء فی السفر جاز لکم أن تقیموا الصلاة (شریطة أن تتیمموا کما یجیء فی ذیل الآیة).

غیر أن هناک تفسیراً آخر جاء لهذه الآیة فی الروایات والأخبار (3)، هو أنّ المقصود من الصلاة فی الآیة هو محل الصلاة ـ أی المسجد ـ أی لا تدخلوا المساجد وأنتم على جنابة، ثمّ استثنى العبور فی المسجد بقوله: (إلاّ عابری سبیل ) یعنی یجوز لکم العبور فی المسجد وأنتم على جنابة وإن لم یجز لکم المکث واللبث فیه.

ویستفاد من بعض الروایات أنّ جماعة من المسلمین، وصحابة النّبی کانوا قد بنوا بیوتهم حول المسجد النّبوی بحیث تفتح أبوابها فی المسجد، فسمح لهم بأن یعبروا من المسجد وهم على جنابة دون أن یتوقفوا فیه.

ولکن لابدّ أن ننتبه إلى أنّ هذا التّفسیر یستلزم أن تکون لفظة الصلاة فی الآیة الحاضرة قد أتت بمعنیین: أحدهما الصلاة نفسها، والآخر محل الصلاة، لوجود بیان حکمین مختلفین فی الآیة: أحدهما المنع والنهی عن الإقتراب إلى الصلاة فی حالة السکر، والآخر الاجتناب عن دخول المساجد فی حالة الجنابة (طبعاً لا مانع ولا ضیر فی استعمال لفظة واحدة فی معنیین أو أکثر کما قلنا فی علم الأصول، ولکنّه خلاف الظاهر، وهو لا یجوز بدون قرینة، نعم یمکن أن تکون الروایات المذکورة قرینة على ذلک).

جواز الصلاة، أو عبور المسجد بعد الإغتسال، هو المبین بقوله: (حتى تغتسلوا ).

التیمم لذوی الأعذار، ثمّ تشیر الآیة إلى حکم التیمم لذوی الأعذار فتقول: (وإن کنتم مرضى أو على سفر ) وفی هذه العبارة من الآیة قد اجتمعت ـ فی الحقیقة ـ کل موارد التیمم، فالمورد الأوّل هو ما إذا کان فی استعمال الماء ضرر على البدن، والمورد الآخر هو ما إذا تعذر على الإنسان الحصول على الماء (أم لم یمکن استعماله) وبقوله: (أو جاء أحد منکم من الغائط أو لا مستم النساء ) إشارة إلى علل الإحتیاج إلى التیمم وأسبابه، ومعناه إذا أحدثتم حدثاً أو جامعتم النساء (فلم تجدوا ماء ) أی لم تقدروا على تحصیل الماء أو استعماله (فتیمموا صعیداً طبیاً ).

ثمّ إنّه سبحانه یبیّن طریقة التیمم بقوله: (فامسحوا بوجوهکم وأیدیکم ).

وفی ختام الآیة یشیر إلى حقیقة أنّ الحکم المذکور ضرب من التخفیف عنکم، لأنّ الله کثیر الصفح کثیر الستر لذنوب عبادة (إنّ الله کان عفواً غفوراً ).


1. تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 483; وتفسیر القرطبی، ج 3، ص 1171.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 483، وقد جاء نظیر هذا المضمون فی صحیح البخاری أیضاً.
3. وسائل الشیعة، ج 1، ص 486.

 

سورة النساء / الآیة 43 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma