من هو السّفیه؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
التّفسیرأموالکم قوام لکم

قال الرّاغب فی المفردات: «السّفه خفّة فی البدن (یحصل بسببها عدم التعادل فی المشی) ومنه قیل زمام سفیه أی کثیر الاضطراب، واستعمل فی خفّة النفس لنقصان العقل فی الاُمور الدّنیویة، والاُخرویة».

ولکنّ من الواضح أنّ المراد من السّفه فی الآیة الحاضرة هو عدم الرشد اللازم فی الاُمور الإقتصادیة بحیث لا یستطیع الشخص من تدبیر شؤونه الاقتصادیة وإصلاح ماله على الوجه الصحیح، ولا یتمکن من ضمان منافعه فی المبادلات والمعاملات المالیة، أی أنّه عرضة للغبن والضرّر، ویدل على هذا المعنى ما جاء فی الآیة الثانیة إذ یقول سبحانه: (فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إلیهم أموالهم ).

وعلى هذا الأساس فإنّ الآیة الحاضرة وإن کانت تبحث حول الیتامى، لکنّها تتضمّن حکماً کلیاً وقانوناً عامّاً لجمیع الموارد، وهو أنّه لا یجوز لأحد مطلقاً أن یعطی أموال من یتولى أمره، أو ترتبط به حیاته بنوع من الإرتباط، إلیه إذا کان سفیهاً غیر رشید، ولا فرق فی هذا الحکم بین الأموال الخاصّة والأموال العامّة (وهی أموال الحکومة الإسلامیة) ویشهد على هذا الموضوع ـ مضافاً إلى سعة مفهوم الآیة ـ وخاصّة کلمة «السّفیه» روایات منقولة عن أئمّة الدین فی هذا الصدد.

ففی روایة عن الإمام الصّادق (علیه السلام) نقرأ أنّ شخصاً یدعى إبراهیم بن عبد الحمید یقول: سألت أبا عبدالله عن قول الله: (ولا تؤتوا السفهاء أموالکم ) قال: «کلّ من یشرب المسکر فهو سفیه (1) فلا تعطوهم أموالکم».

وفی روایة اُخرى نجد النهی عن اختیار شارب الخمر لجعله أمیناً على الأموال.

وخلاصة القول أنّنا نجد توصیف شارب الخمر بالسفه فی أحادیث کثیرة وموارد متعددة، وهذا التعبیر إنّما هو لأنّ شارب الخمر فقد رأس ماله المادی ورأس ماله المعنوی، وأی سفیه أشدّ من أن یعطی الإنسان ماله، وعقله أیضاً، ویبتاع الجنون ... ویضحی فی هذا السبیل بکل طاقاته البدنیة والروحیة، ویتسبب فی أضرار إجتماعیة کثیرة وکبیرة.

ثمّ إنّنا نلاحظ أن روایة اُخرى تصف کلّ من لا یوثق به بالسفیه، وتنهى عن تسلیم الأموال الخاصّة والعامّة إلیه، فعن یونس بن یعقوب قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قوله: (ولا تؤتوا السّفهاء أموالکم )قال: «من لا تثق به (2)».

ومن هذه الرّوایات یتبیّن أنّ للفظة السفیه معنى واسعاً، وأنّ النهی یشمل تسلیم الأموال الخاصّة والعامّة إلیهم، غایة ما فی الأمر أن هذا النهی یکون فی بعض الموارد نهی تحریم، وفی بعض الموارد الاُخرى التی لا تشتد فیها درجة السفه یکون نهی کراهة.

وهنا یأتی سؤال وهو، إذا کانت هذه الآیة فی مورد أموال الیتامى فلماذا قال تعالى: (أموالکم ) ولم یقل «أموالهم»؟

یمکن أن تکون النکتة والسرّ فی هذا التعبیر هو بیان مسألة اجتماعیة واقتصادیة مهمّة فی المقام وهی أنّ الإسلام یعتبر الأفراد فی المجتمع بمثابة فرد واحد بحیث لا یمکن أن تنفصل مصالح الفرد عن مصالح الآخرین، وهکذا تکون خسارة فرد عین خسارة الآخرین، ولهذا السبب أتى القرآن فی هذا المقام بضمیر المخاطب بدل ضمیر الغائب إذ قال: «أموالکم» ولم یقل «أموالهم»، یعنی أنّ هذه الأموال ـ فی الحقیقة ـ لیست مرتبطة بالیتامى فقط، بل هی مرتبطة بکم أیضاً، فإذا لحق بها ضرّر، یکون ذلک الضرّر قد لحق بکم بصورة غیر مباشرة أیضاً، ولهذا یجب أن تحرصوا فی حفظها کل الحرص.

ثمّ إنّ هناک تفسیراً آخر لهذا التعبیر وهو أن المقصود من «أموالکم»، هو أموال نفس الأولیاء لا أموال الیتامى، فیکون المعنى إذا أردتم مساعدة الأیتام الذین لم یرشدوا ربّما أعطیتهم شیئاً من أموالکم ـ تحت تأثیر العاطفة والإشفاق ـ إلیهم، واخترتموهم لبعض الأعمال التی لا یقدرون علیها فلا تفعلوا ذلک، بل علیکم أن تعملوا شیئاً آخر مکان هذا العمل غیر العقلائی، وهو أن تقوموا بالإنفاق على مأکلهم وملبسهم ومسکنهم حتى یبلغوا سن الرشد، فإذا بلغوا هذه المرتبة، وحصلت لدیهم البصیرة الکافیة أعطوهم ماشئتم، وانتخبوهم لما تریدون من الأعمال.

وهذا فی الواقع درس اجتماعی کبیر یُعلمه القرآن لنا حیث ینهانا عن تشغیل من لا یقدر على بعض الأعمال فیها، وذلک بدافع مساعدتهم وتحت تأثیر الإشفاق والعاطفة، لأنّ هذه الأعمال وإن کانت تنطوی على بعض الأرباح القلیلة، ولکنّها من الممکن أن تجرّ على المجتمع أضراراً وویلات کبیرة، فلابدّ إذن من إدارة اُمور هذه الطائفة من المجتمع عن طریق تقدیم الهبات إلیهم أو تشغیلهم فی اُمور سهلة وصغیرة.

من هنا یتّضح أنّ بعض قاصری النظر یختارون الضعفاء والقصّر لبعض المسؤولیات التبلیغیة والدینیة إرفاقاً بهم وإشفاقاً علیهم وهذا لا شک من أضرّ الأعمال، وأکثرها بعداً عن العقل والمنطق الصحیح.


1. تفسیر البرهان، ج 1، فی ذیل الآیة مورد البحث; وسائل الشیعة، ج 19، ص 368.
2.تفسیر البرهان، ج 1، ذیل الآیة مورد البحث وهکذا فی تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 442.

 

التّفسیرأموالکم قوام لکم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma