الصّداق دعامة إجتماعیة للمرأة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
التّفسیر سورة النساء / الآیة 5 ـ 6

لمّا کانت المرأة ـ فی العصر الجاهلی ـ لم تحظ بأیة قیمة أو مکانة کان الرجل إذا تزوج امرأة ترک أمر صداقها ـ الذی هو حقها المسلّم ـ إلى أولیائها، فکان أولیاؤها یأخذون صداقها، ویعتبرونه حقّاً مسلّماً لهم لا لها، وربّما جعلوا التزوج بامرأة صداقاً لإمرأة اُخرى، مثل أن یزوج الرجل أخته بشخص على أن یزوج ذلک الشخص أخته بذلک الرجل، وکان هذا هو صداق الزوجتین.

ولقد أبطل الإسلام کل هذه التقالید والأعراف الظالمة، واعتبر الصداق حقّاً مسلّماً خاصاً بالمرأة، وأوصى الرجال مرّات عدیدة وفی آیات الکتاب العزیز برعایة هذا الحق للمرأة.

على أنّه لیس للصداق حدّ معین فی الإسلام، فهو أمر یتبع إتفاق الزوجین، وإن تأکد فی روایات کثیرة على التخفیف فی المهور، ولکن هذا لا یکون حکماً إلزامیاً، بل هو أمر مستحب.

وها هنا یُثار هذا السؤال، وهو إذا کان الرجل والمرأة یستفیدان من الزواج بشکل متساو، وکانت رابطة الزوجیة قائمة على أساس مصالح الطرفین فلماذا یجب على الرجل أن یدفع مبلغاً ـ قلیلا أو کثیراً ـ إلى المرأة بعنوان الصداق والمهر؟ ثمّ ألا ینطوی هذا الأمر على إساءة إلى شخصیة المرأة، ألا یسبغ هذا الأمر صبغة البیع والشراء على مشروع الزواج؟

إنّ هذه الاُمور هی التی تدفع بالبعض إلى أن یعارضوا بشدّة مبدأ المهر ومسألة الصداق، ویقوی هذا الأِتجاه لدى المتغربین خاصّة ما یجدونه من عدم الأخذ بهذا المبدأ فی الزیجات الغربیة، فی حین أن حذف الصداق والمهر من مشروع الزواج لیس من شأنه رفع شخصیة المرأة فقط، بل یعرض وضعها للخطر.

وتوضیح ذلک هو، أنّه صحیح أنّ المرأة والرجل یستفیدان من مشروع الزواج، وإقامة الحیاة الزوجیة على قدم المساواة، ولکن لا یمکن إنکار أنّ الأکثر تضرراً لدى افتراق الزوج عن زوجته هی المرأة، وذلک:

أوّلا: إنّ الرجل ـ بحکم قابلیاته الجسدیة الخاصّة ـ یمتلک ـ عادة ـ سلطاناً ونفوذاً وفرصاً أکثر فی المجتمع، وهذه هی حقیقة ساطعة مهما حاول البعض إنکارها عند الحدیث حول المرأة، ولکن الوضع الاجتماعی وحیاة البشر ـ حتى فی المجتمعات الغربیة والأوروبیة

التی تحظى فیها النساء بما یسمّى بالحرّیة الکاملة ترینا بوضوح ـ وکما هو مشهود للجمیع ـ إنّ الفرص وأزمة الأعمال المربحة جدّاً هی فی الأغلب فی أیدی الرجال.

هذا مضافاً إلى أنّ أمام الرجال إمکانیات أکثر لاختیار الزوجات، وإقامة حیاة عائلیة جدیدة بینما لا تتوفر مثل هذه الإمکانیات للمرأة، فإن النساء الثیّبات ـ خاصّة تلک التی یصبن بهذه الحالة بعد مضی شطر من أعمارهنّ، وفقدان شبابهنّ وجمالهنّ ـ یمتلکن فرصاً أقل للحصول على أزواج لهنّ.

بملاحظة هذه النقاط یتضح أنّ الإمکانات التی تخسرها المرأة بالزواج أکثر من الإمکانات التی یفقدها الرجل بذلک، ویکون الصداق والمهر ـ فی الحقیقة ـ بمثابة التعویض عن الخسارة التی تلحق بالمرأة، ووسیلة لضمان حیاتها المستقبلیة، هذا مضافاً إلى أنّ المهر والصداق خیر وسیلة رادعة تردع الرجل عن التفکیر فی الطلاق والإفتراق.

صحیح أنّ المهر ـ فی نظر القوانین الإسلامیة یتعلق بذمّة الرجل من لحظة إنعقاد الرابطة الزوجیة وقیامها بین الرجل والمرأة، ویحق للمرأة المطالبة به فوراً، ولکن حیث إنّ الغالب هو أن یتخذ الصداق صفة الدَّین المتعلق فی الذّمة یکون لذلک بمثابة توفیر للمرأة تستفید منه فی مستقبلها، کما یعتبر خیر دعامة لحفظ حقوقها، إلى جانب أنّه یساعد على حفظ الرابطة الزوجیة من التبعثر والتمزّق (طبعاً هناک استثناءات لهذا الموضوع، ولکن ما ذکرناه صادق فی أغلب الموارد).

وأمّا تفسیر البعض لمسألة المهر بنحو خاطىء، واعتبار الصداق أنّه من قبیل ثمن المرأة فلا یرتبط بالقوانین الإسلامیة، لأنّ الإسلام لا یعطی للصداق الذی یقدمه الرجل إلى المرأة صفة الثمن کما لا یعطی المرأة صفة البضاعة القابلة للبیع والشراء، وأفضل دلیل على ذلک هو صیغة عقد الزواج الذی یعتبر فیه الرجل والمرأة کرکنین أساسیین فی الرابطة الزوجیة، فی حین یقع الصداق والمهر على هامش هذا العقد، ویعتبر أمراً إضافیاً، بدلیل صحّة العقد إذا لم یرد اسم المهر فیه، ولیس کذلک فی صیغة البیع والشراء وغیر ذلک من المعاملات المالیة إذ بدون ذکر الثمن تبطل هذه المعاملات (طبعاً لابدّ من الإنتباه إلى أن على الزوج ـ إذا لم یذکر الصداق ضمن عقد الزواج ـ أن یدفع إلى المرأة مهر المثل فی صورة الدخول بها).

من کلّ ما قیل نستنتج أنّ المهر بمثابة جبران للخسارة اللاحقة بالمرأة، وبمثابة الدعامة القویة التی تساعد على احترام حقوق المرأة، لا أنّه ثمن المرأة، ولعل التعبیر بالنِّحلة التی هی بمعنى العطیة فی الآیة إشارة إلى هذه النقطة.

 

التّفسیر سورة النساء / الآیة 5 ـ 6
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma