أحکام القتل النّاتج عن الخطأ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولبحوث

لقد أطلقت الآیة السابقة أیدی المسلمین فی المنافقین الذین کانوا یشکّلون خطراً کبیراً على الإسلام، وسمحت لهم حتى بقتل أمثال هؤلاء المنافقین، ولکن تفادیاً لاستغلال هذا الحکم استغلالا سیّئاً، ولسد الطریق أمام الأغراض الشخصیة التی قد تدفع صاحبها إلى قتل إنسان بتهمة أنّه منافق، وأمام أی تساهل فی سفک دماء الأبریاء، بیّنت هذه الآیة والتی تلیها أحکام قتل الخطأ وقتل العمد، لکی یکون المسلمون على غایة الدقّة والحذر فی مسألة الدّماء التی تحظى باهتمام بالغ فی الإسلام، تقول الآیة الکریمة: (وما کان لمؤمن أن یقتل مؤمناً إلاّ خطأً ).

هذه الآیة تقرر فی الواقع حقیقة من الحقائق، فالمؤمن لا یسمح لنفسه إطلاقاً أن یسفک دماً بریئاً، لأنّ المشاعر الإیمانیة تجعل من الجماعة المؤمنة أعضاء جسد واحد، وهل یقدم عضو فی جسد على قطع عضو آخر إلاّ خطأ! من هذه الحقیقة یتّضح أنّ مرتکب جریمة القتل متهم أوّلا فی إیمانه.

وعبارة «إلاّ خطأً» لا تعنی السماح بإرتکاب قتل الخطأ! لأنّ مثل هذا القتل لا یکون عن قرار مسبق، ولا یکون مرتکبه حین الإرتکاب على علم بخطأه أنّها ـ إذن ـ تقریر لحقیقة عدم إرتکاب المؤمن مثل هذه الجریمة إلاّ عن خطأ.

ثمّ تبیّن الآیة الکریمة غرامة قتل الخطأ، وتقسمها إلى ثلاثة أنواع:

فالنّوع الأوّل: هو أن یحرر القاتل عبداً مسلماً، ویدفع الدیّة عن دم القتیل إلى أهله إذا کان القتیل ینتمی إلى عائلة مسلمة (ومن قتل مؤمناً خطأً فتحریر رقبة مؤمنة ودیة مسلّمة إلى أهله ) فإذا وهب أهل القتیل الدیّة وتصدقوا بها له فلیس على القاتل أن یدفع شیئاً: (إلاّ أن یصدّقوا ).

والنّوع الثّانی: من غرامة قتل الخطأ یکون فی حالة ما إذا کان القتیل مسلماً، ولکن من عائلة معادیة للإسلام ویجب فی هذه الحالة عتق عبد مسلم ولا تدفع الدیّة إلى أهل القتیل (فإن کان من قوم عدو لکم وهو مؤمن فتحریر رقبة مومنة )، لأنّ الإسلام یرفض تعزیز الحالة المالیة لأعدائه، بالإضافة إلى ذلک فإنّ الإسلام قد قطع الصلة بین هذا الفرد وعائلته المعادیة للإسلام، فلا معنى إذن لجبران الخسارة.

أما النّوع الثّالث: من غرامة القتل الناتج عن الخطأ، فیکون فی حالة کون القتیل من عائلة غیرمسلمة لکن بینها وبین المسلمین عهداً ومیثاقاً، فی مثل هذه الحالة أمر بدفع دیّة القتیل إلى أهله، کما أمر ـ أیضاً ـ بتحریر عبد من العبید المسلمین احتراماً للعهود والمواثیق تقول الآیة: (وإن کان من قوم بینکم وبینهم میثاق فدیة مسلّمة إلى أهله وتحریر رقبة مؤمنة ).

واختلف المفسّرون فی قتیل الحالة الثالثة، هل یجب أن یکون من المسلمین، أم أن الحکم یشمل غیرهم من الکفّار الذمیین؟ (1)

وظاهر الآیة والروایات التی وردت فی تفسیرها تدل على أنّ المقصود فیها هو القتیل «المسلم».

کما اختلف المفسّرون فی جواز دفع الدیّة إلى أهل القتیل غیر المسلمین، حیث إنّ الدیّة تعتبر جزءاً من الإرث، والکافر لا یرث المسلم، ولکن ظاهر الآیة یدل على وجوب دفع الدیة إلى أهل مثل هذا القتیل، وذلک تأکیداً من الإسلام لاحترامه للعهود والمواثیق.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ الدیّة تدفع فی هذه الحالة إلى المسلمین من ورثة القتیل دون الکافرین منهم معتمدین على أنّ الکافر لا یرث المسلم وأنّ الدیّة هی جزء من الإرث، وقد وردت إشارات إلى هذا المعنى فی بعض الروایات أیضاً.

بینما ظاهر الآیة یدل على أن الورثة لیسوا من المسلمین، وذلک حین تقول: (من قوم بینکم وبینهم میثاق...) لأن العهود والمواثیق کانت فی ذلک الزمان بین المسلمین وبین غیرهم، ولم تکن بین المسلمین أنفسهم ـ حینذاک ـ عهود أو مواثیق، (وهنا یجب الإمعان والتدقیق کثیراً فی الأمر).

وتستطرد الآیة فی بیان الحکم فتتطرق إلى اُولئک النفر من المسلمین الذین یرتکبون القتل عن خطأ، ولا یسعهم ـ لفقرهم ـ دفع المال دیة عن القتیل، کما لا یسعهم شراء عبد لتحریر رقبته غرامة عن إرتکابهم للقتل الخطأ، وتبیّن حکم هؤلاء، وتعلن أنّهم یجب أن یصوموا شهرین متتابعین غرامة عن القتل الخطأ الذی إرتکبوه، بدلا من الدیّة وتحریر الرقبة، وقد اعتبرت ذلک نوعاً من تخفیف الجزاء على الذین لا یطیقون الغرامة المالیة وتوبة منهم إلى الله، علماً أنّ جمیع أنواع الغرامات التی ذکرت فی الآیة عن القتل الخطأ، إنّما هی توبة وکفارة للذنب المرتکب فی هذا المجال، والله یعلم بخفایا الاُمور وقد أحاط علمه بکل شیء حیث تقول الآیة: (فمن لم یجد فصیام شهرین متتابعین توبة من الله وکان الله علیماً حکیماً ).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 3، ص 157، ذیل الآیة مورد البحث.

 

سبب النّزولبحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma