ثمانیة احکام فی آیة واحدة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 2 التعاون فی أعمال الخیر

لقد بیّنت هذه الآیة عدداً من الأحکام الإلهیّة الإسلامیة المهمّة، وهی من الأحکام الأواخر التی نزلت على النّبی (صلى الله علیه وآله) وکلها أو أغلبها تتعلق بحج بیت الله، وهی على الوجه التالی:

الطلب من المؤمنین بعدم انتهاک شعائر الله، ونهیهم عن المساس بحرمة هذه الشعائر المقدسة، کما تقول الآیة الکریمة: (یا أیّها الذین آمنوا لا تحلُّوا شعائر الله... ) واختلف المفسّرون حول المراد بکلمة «الشعائر» الواردة هنا، وبالنظر إلى الأجزاء الاُخرى من هذه الآیة، وإلى السنة التی نزلت فیها وهی السنة العاشرة للهجرة التی أدّى فیها النّبی (صلى الله علیه وآله) آخر حجّة إلى مکّة المکرمة هی حجّة الوداع، یتّضح أنّ المراد بهذه الکلمة مناسک الحج التی کلّف المسلمون باحترامها کلّها، ویؤکّد هذا الرأی مجیء کلمة «الشّعائر» فی القرآن الکریم مقترنة بالحدیث عن مناسک الحج دائم (1).

 

 

دعت الآیة إلى احترام الأشهر الحرم وهی شهور من السنة القمریة، کما نهت عن الدخول فی حرب فی هذه الشهور، حیث قالت: (ولا الشهر الحرام... ).

حرمت الآیة المساس بالقرابین المخصصة للذبح فی شعائر الحج، سواء ما کان منها ذا علامة وهو المسمّى بـ «الهدی» (2) أو تلک الخالیة من العاملات والتی تسمّى بـ «القلائد» (3) أی نهت عن ذبحها وأکل لحومها حتى تصل إلى محل القربان للحج وتذبح فیه، فقالت الآیة: (ولا الهدی ولا القلائد ).

أوجبت الآیة توفیر الحریة التامّة لحجاج بیت الله الحرام أثناء موسم الحج، الذی تزول خلاله کل الفوارق القبلیة والعرقیة واللغویة والطبقیة، ونهت عن مضایقة المتوجهین إلى زیارة بیت الله الحرام ابتغاء لمرضاته، أو حتى الذین توجهوا إلى هذه الزیارة وهم یحملون معهم أهدافاً اُخرى کالتجارة والکسب الحلال لا فرق فیهم بین صدیق أو غریم، فما داموا کلهم مسلمین وقصدهم زیارة بیت الله، فهم یتمتعون بالحصانة کما تقول الآیة الکریمة: (ولا آمین البیت الحرام یبتغون فضلا من ربّهم ورضواناً ).

یعتقد بعض المفسّرین والفقهاء أنّ الجملة القرآنیة المذکورة أعلاه ذات معنى عام وتشمل غیر المسلمین، أی المشرکین أیضاً إن هم جاءوا لزیارة بیت الله الحرام یجب أن یتعرضوا للمضایقة من قبل المسلمین.

ولکن نظراً لنزول آیة تحریم دخول المشرکین إلى المسجد الحرام فی سورة التوبة التی نزلت فی العام التاسع للهجرة، ونزول سورة المائدة فی أواخر عمر النّبی الکریم (صلى الله علیه وآله) أی فی العام العاشر للهجرة وهی سورة لم یطرأ النسخ على أیّ من الأحکام الواردة فیها ـ بحسب روایات الطائفتین الشیعة والسنّة ـ لذلک یستبعد أن یکون هذا التّفسیر صحیحاً، والحق أنّ الحکم المذکور خاص بالمسلمین وحدهم.

لقد خصصت هذه الآیة حکم حرمة الصید بوقت الإحرام فقط، وأعلنت أنّ الخروج من حالة الإحرام إیذان بجواز الصید للمسلمین ـ حیث تقول الآیة الکریمة: (وإذا حللتم فاصطادوا ).

 

 

منعت هذه الآیة الکریمة المسلمین من مضایقة اُولئک النفر من المسلمین الذین کانوا قبل إسلامهم یضایقون المسلمین الأوائل فی زیارة بیت الله الحرام ویمنعونهم من أداء مناسک الحج، وکان هذا فی واقعة الحدیبیة، فمنع المسلمون من تجدید الأحقاد ومضایقة اُولئک النفر فی زمن الحج بعد أن أسلموا وقبلوا الإسلام لهم دیناً، تقول الآیة الکریمة: (ولا یجرمنّکم شئنان قوم إن صدوکم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ) (4).

ومع أنّ هذا الحکم قد نزل فی مجال زیارة بیت الله الحرام، لکنه ـ فی  الحقیقة ـ یعد حکماً عاماً، وقانوناً کلیاً یدعو المسلمین إلى نبذ «الحقد» وعدم إحیاء الأحداث السابقة فی أذهانهم بهدف الإنتقام من مسببیها.

ولمّا کانت خصلة الحقد إحدى عناصر ظهور وبروز النفاق والفرقة لدى المجتمعات یتّضح لنا ـ منذ ذلک ـ جلیاً أهمیّة هذا الحکم الإسلامی فی التصدی والوقوف بوجه استعار نار النفاق بین المسلمین وبالأخص فی زمن کان نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) یوشک على وداع المسلمین والرحیل عنهم.

تؤکّد الآیة ـ جریاً على سیاق البحث الذی تناولته وبهدف إکماله ـ على أنّ المسلمین بدلا من أن یتحدوا للإنتقام من خصومهم السابقین الذین أسلموا ـ وأصبحوا بحکم إسلامهم أصدقاء ـ علیهم جمیعاً أن یتحدوا فی سبیل فعل الخیرات والتزام التقوى، وأن لا یتعاونوا ـ فی سبیل الشر والعدوان تقول الآیة: (وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).

ولکی تعزز الآیة الأحکام السابقة وتؤکّدها تدعو المسلمین فی الختام إلى اتّباع التقوى وتجنّب معصیة الله، محذره من عذاب الله الشدید، فتقول: (واتقوا الله إنّ الله شدید العقاب ).


1. البقرة، 158; الحجّ، 32 و36.
2. «الهدى» جمع «هدیة» وهو یعنی هنا المواشی التی تهدى لتکون قرابین إلى بیت الله الحرام.
3. «القلائد» جمع «قلادة» وهی الشیء الذی یوضع حول رقبة الإنسان أو الحیوان، وتعنی هنا المواشی التی تعلم بالقلائد لذبحها فی مراسم الحج.
4. تفید أقوال أهل اللغة والتّفسیر أنّ کلمة «جرم» تعنی فی الأصل قطع الثمار أو قطفها من الأغصان قبل الأوان، وتطلق ـ أیضاً على کل عمل مکروه، کما تطلق على الآخرین بالقیام بعمل غیر محبوب ـ وهنا فإنّ عبارة (لا یجرمنکم ) تعنی لا یحملنکم على القیام بعمل غیر صائب.

 

سورة المائدة / الآیة 2 التعاون فی أعمال الخیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma