القصاص والعفو

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 45 سورة المائدة / الآیة 46

تشرح هذه الآیة الکریمة قسماً آخر من الأحکام الجنائیة والحدود الإلهیّة التی وردت فی التّوراة، فتشیر إلى ما ورد فی هذا الکتاب السماوی من أحکام وقوانین تخصّ القصاص، وتبیّن أنّ من یقتل انساناً بریئاً فإنّ لأولیاء القتیل حقّ القصاص من القاتل بقتله، نفساً بنفس. حیث تقول الآیة فی هذا المجال: (وکتبنا علیهم فیها أن النفس بالنفس ).

کما بیّنت أنّ من یصیب عین انسان آخر ویتلفها، یستطیع هذا الإنسان المتضرر فی عینه أن یقتصّ من الفاعل ویتلف عینه، إذ تقول الآیة فی هذا المجال: (والعین بالعین ).

وکذلک الحال بالنسبة للأنف والأذن والسن والجروح الاُخرى، (والأنف بالأنف والاُذن بالاُذن والسن بالسن والجروح قصاص ).

وعلى هذا الأساس فإنّ حکم القصاص یطبّق بشکل عادل على المجرم الذی یرتکب أحد الجرائم المذکورة، دون الإلتفات إلى عنصره أو قومیّته أو طبقته الاجتماعیة أو طائفته، ولا مجال أبداً لاستخدام التمایز القومی أو الطبقی أو الطائفی لتأخیر تطبیق حکم القصاص على الجانی.

وبدیهی أنّ تطبیق حکم القصاص على المعتدی شأنه شأن الأحکام الإسلامیة الاُخرى، مقیّد بشروط وحدود ذکرتها کتب الفقه، ولا یختصّ هذا الکلام ولا ینحصر ببنی

إسرائیل وحدهم، لأنّ الإسلام ـ أیضاً ـ جاء بنظیره کما ورد فی آیة القصاص فی سورة البقرة ـ الآیة 178.

وقد أنهت هذه الآیة التمایز غیر العادل الذی کان یمارس فی ذلک الوقت حیث ذکرت بعض التفاسیر أنّ تمایزاً غریباً کان یسود بین طائفتین من الیهود، هما بنو النضیر وبنو قریظة الذین کانوا یقطنون المدینة المنورة فی ذلک العصر، لدرجة أنّه إذا قتل أحد أفراد طائفة بنی النضیر فرداً آخر من طائفة بنی قریظة فالقاتل لا ینال القصاص، بینما فی حالة حصول العکس فإنّ القاتل الذی کان من طائفة بنی قریظة کان ینال القصاص إن هو قتل واحداً من أفراد طائفة بنی النضیر.

ولمّا امتد نور الإسلام إلى المدینة سأل بنو قریظة النّبی (صلى الله علیه وآله) عن هذا الأمر، فأکّد النّبی (صلى الله علیه وآله)أن لا فرق فی الدماء بین دم ودم... فاعترضت قبیلة بنی النضیر على حکم النّبی محمّد (صلى الله علیه وآله)وإدّعت أنّ حکمه یحطّ من شأنهم، فنزلت الآیة الأخیرة وبیّنت أنّ هذا الحکم غیر مختصّ بالاسلام، بل حتى الدیانة الیهودیة أوصت بتطبیق قانون القصاص بصورة عادلة (1).

ولکی لا یحصل وَهْمٌ أنّ القصاص أو المقابلة بالمثل أمر إلزامی لا یمکن الحیدة عنه، استدرکت الآیة بعد ذکر حکم القصاص فبیّنت أنّ الذی یتنازل عن حقّه فی هذا الأمر ویعفو ویصفح عن الجانی، یعتبر عفوه کفّارة له عن ذنوبه بمقدار ما یکون للعفو من أهمیة (فمن تصدق به فهو کفارة له ). (2)

ویجب الإنتباه إلى أنّ الضمیر الوارد فی کلمة (به) یعود على القصاص، وکأنّ الآیة جعلت التصدّق بالقصاص عطیة أو منحة للجانی واستخدام عبارة «التصدق» والوعد الذی قطعه الله للمتصدّق، یعتبر عاملا محفّزاً على العفو والصفح، لأنّ القصاص لا یمکنه أن یعید للإنسان ما فقده مطلقاً، بل یهبه نوعاً من الهدوء والإستقرار النفسی المؤقت، بینما العفو الذی وعد به الله للمتصدّق، بإمکانه أن یعوّضه عمّا فقده بصورة اُخرى، وبذلک یزیل عن قلبه ونفسه بقایا الألم والاضطراب، ویعتبر هذا الوعد خیر محفّز لمثل هؤلاء الأشخاص.

 

 

وقد ورد عن الحلبی قال سألت أبا عبداللّه (علیه السلام) (الإمام الصادق) عن قول اللّه عزّوجلّ: (فمن تصدق به فهو کفارة له... ) قال: «یکفّر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى» (3).

وتعتبر هذه الجملة القرآنیة فی الحقیقة خیر جواب مفحم للذین یزعمون أنّ القصاص لیس بقانون عادل، ویدّعون أنّه یشجّع روح الإنتقام والمثلة.

والذی یفهم من الصیاغة العامّة للآیة هو أنّ جواز القصاص إنّما هو لإخافة وإرعاب الجناة وبالنتیجة لضمان الأمن لأرواح الناس الأبریاء، کما أنّ الآیة فتحت باب العفو والتوبة، وبذلک أراد الإسلام أن یحول دون إرتکاب مثل هذه الجرائم باستخدام الروادع والحوافز کالخوف والأمل، کما استهدف الإسلام من ذلک ـ أیضاً ـ الحیلولة دون الإنتقام للدم بالدم بقدر الإمکان، إذا استحق الأمر ذلک.

وفی الختام تؤکّد الآیة قائلة: (ومن لم یحکم بما أنزل الله فاُولئک هم الظّالمون ).

وأىّ ظلم أکبر من الإنجرار وراء العاطفة الکاذبة، وترک القاتل دون أن ینال قصاصه العادل بحجّة أنّ الدم لایُغسل بالدم، وفسح المجال للقتلة للتمادی بارتکاب جرائم قتل اُخرى، وبالنهایة الإساءة عبر هذا التغاضی إلى أفراد أبریاء، وممارسة الظلم بحقّهم نتیجة لذلک.

ویجب الإنتباه إلى أنّ التّوراة المتداولة حالیاً قد اشتملت على هذا الحکم أیضاً، وذلک فی الفصل الواحد والعشرین من سفر الخروج، حیث جاء فیها أنّ النفس بالنفس والعین بالعین والسن بالسن والید بالید والرجل بالرجل والحرق بالحرق والجرح بالجرح والصفعة بالصفعة (سفر الخروج، الجمل 23 و24 و25).


1. تفسیر القرطبی، ج 3، ص 2188.
2. لقد أورد الکثیر من المفسّرین احتمالا آخر، وهو أنّ الضمیر الوارد فی کلمة «له»یعود على شخص الجانی، بحیث یصبح المعنى أنّ الذی یتنازل عن حقه یرفع بذلک القصاص عن الجانی ویکون ذلک کفارة لعمل الجانی، إلاّ أنّ ظاهر الآیة یدل على التّفسیر الذی أشرنا إلیه أعلاه.
3. أصول الکافی، ج 7، ص 358; وتفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 637.

 

سورة المائدة / الآیة 45 سورة المائدة / الآیة 46
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma