الإسلام والهجرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
الهجرة حکم اسلامی بنّاءسورة النساء / الآیة 101

إنّ الإسلام ـ إستناداً إلى هذه الآیة وآیات کثیرة اُخرى ـ یأمر المسلمین بکل صراحة بالهجرة من المحیط الذی یعانون فیه ـ لأسباب خاصّة ـ من عدم التمکن من أداء واجباتهم إلى محیط ومنطقة آمنة، وسبب هذا الأمر واضح، لأنّ الإسلام لا یُحدّ بمکان ولا یقید بمحیط معین خاص، ولهذا فإنّ التمسک المفرط بالمحیط ومحل التولد والعلاقات المختلفة الاُخرى لا تقف فی نظر الإسلام حائلا دون هجرة المسلمین.

ولذلک نرى انفصام کل هذه العلاقات فی الصدر الأوّل للإسلام ومن أجل حمایة الإسلام وتقدمه، وفی هذا المجال یقول أحد المؤرخین الغربیین: إنّ القبیلة والعائلة هما الشجرة الوحیدة التی تنبت فی الصحراء، ولن یستطیع أحد الحیاة دون اللجوء إلیها، إلاّ أنّ محمّد (صلى الله علیه وآله) قد قلع هذه الشجرة التی نمت بلحم ودم عائلته، وفعل ذلک من أجل ربّه وخالقه (فقد فصم النّبی (صلى الله علیه وآله) علاقته بقریش فی سبیل الإسلام) (1).

علاوة على ما ذکر فإن من بین جمیع الموجودات الحیّة، حین تتعرض حیاة أی واحداً أو مجموعة منها إلى الخطر، نراها تضطر إلى ترک مکان تواجدها والهجرة منه إلى مأوى وملجأ أمن آخر، والکثیر من أبناء البشر الأقدمین عمدوا إلى الهجرة من مکان ولادتهم ـ بسبب تغیر الظروف الجغرافیة فیه ـ إلى نقاط اُخرى من العالم من أجل مواصلة الحیاة، ولیس البشر وحدهم الذین مارسوا الهجرة، بل هناک من بین الحیوانات أنواع کثیرة عرفت بالحیوانات المهاجرة، مثل الطیور التی تضطر أحیاناً إلى الدوران حول الأرض تقریباً من أجل إیجاد مأوى تواصل فیه حیاتها، وبعض هذه الطیور تهاجر من القطب الشمالی إلى القطب الجنوبی، وأحیاناً تقطع مسافة حوالی 18 ألف کیلومتر للوصول إلى المکان الذی ترید العیش فیه.

وهذه الشواهد هی خیر دلیل على أنّ الهجرة هی إحدى القوانین الخالدة للحیاة، فهل یصح أن یکون الإنسان أقل حظاً من الحیوان فی هذا المجال؟

وحین تتعرض، حیاته المعنویة، وکیانه وأهدافه المقدسة التی هی أثمن وأغلى من حیاته المادیة إلى الخطر، فهل یستطیع هذا الإنسان البقاء فی مکان الخطر متشبثاً بالأرض والمولد وغیر ذلک متحملا ألوان الذل والإهانة والحرمان وسلب الحریات، والأهم من ذلک کلّه زوال أهدافه التی یعیش من أجلها؟!

أو أنّ علیه أن یختار قانون الطبیعة فی الهجرة، ویترک ذلک المکان، ویختار مکاناً آخر یتیسر فیه المجال لنموه المادی والمعنوی؟

الطریف فی هذا الأمر أنّ الهجرة ـ أی تلک الهجرة التی کانت لأجل حفظ النفس وحمایة الشریعة الإسلامیة ـ تعتبر مبدأ ـ أو بدایة ـ التاریخ الإسلامی، وهی بذلک تعد البنیة الأساسیة لکل الأحداث السیاسیة والاعلامیة والاجتماعیة للمسلمین.

فلننظر لماذا انتخبت هجرة الرّسول (صلى الله علیه وآله) مبدأ ـ أو بدایة ـ للتاریخ الإسلامی؟

إنّ هذا الموضوع جدیر بالملاحظة، لأنّنا نعلم أنّ أی مجموعة بشریة صغرت أو کبرت، تتخذ لنفسها مبدأ أو بدایة تاریخیة تحسب منه تاریخها، فالمسیحیون مثلا اتّخذوا بدایة تاریخهم السنة التی ولد فیها عیسى (علیه السلام)، أمّا المسلمون فمع وجود أحداث مهمّة کثیرة وقعت لهم قبل الهجرة، مثل یوم ولادة النّبی (صلى الله علیه وآله)، ویوم البعثة المحمّدیة الشریفة، وفتح مکّة، ووفاة الرّسول (صلى الله علیه وآله)، لکنهم لم یتخذوا أی واحد من الأحداث مبدأ أو بدایة لتاریخهم، بل اعتبروا حادثة الهجرة وحدها بدایة للتاریخ الإسلامی.

إنّ التاریخ یقول إنّ المسلمین بدأوا یفکرون بتعیین بدایة تاریخهم الذی له أهمیّة عامّة وشاملة فی زمن الخلیفة الثانی الذی توسعت فی عهده رقعة البلاد الإسلامیة ـ وأنّ المسلمین بعد البحث الکثیر فی هذا الأمر، اختاروا رأی علی بن أبی طالب (علیه السلام) بإتّخاذ حادثة الهجرة النبویة الشریفة مبدأ وبدایة للتاریخ الإسلامی (2).

والحقیقة أنّ هذا الاختیار کان هو المتعیّن، لأنّ الهجرة کانت أهم والمع حدث أو برنامج حصل للإسلام، وکانت الهجرة مبدأ فصل جدید مهم فی التاریخ الإسلامی، فالمسلمون حین وجودهم فی مکّة کانوا یمارسون تعلم شؤونهم الحیاتیة وفق دینهم الجدید (الإسلام) ولم تکن لدیهم فی هذه الحالة ـ على ما یبدو ـ أی قدرة سیاسیة واجتماعیة، ولکنهم بعد الهجرة شکلوا مباشرة الدولة الإسلامیة التی تقدمت بسرعة فائقة ـ فی کل المجالات ـ ولو أنّ المسلمین لم یذعنوا لأمر الرّسول (صلى الله علیه وآله) فی اختیار الهجرة وفضّلوا البقاء فی مکّة، لما تیسر عند ذلک للإسلام أن یمتد خارج حدود مکّة، بل حتى کان من الممکن أن یقبر الإسلام فی مکّة ویمحى أثره.

ویتّضح لنا أنّ الهجرة لم تکن حکماً خاصاً بزمن الرّسول (صلى الله علیه وآله)، بل إنّها تجب على المسلمین متى ما تعرضوا لظروف مشابهة لتلک الظروف التی اضطرت النّبی وأصحابه (صلى الله علیه وآله)إلى ترک مکّة والهجرة إلى المدینة.

والقرآن یعتبر الهجرة فی الأساس جوهراً لوجود الحریة والرفاه، وقد أشارت الآیة ـ موضوع البحث ـ إلى هذا الأمر، کما أنّ الآیة 41 من سورة النحل تشیر من جانب آخر إلى هذه الحقیقة، إذ تقول: (والذین هاجروا فی الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم فی الدّنیا حسنة ).

وتجدر الإشارة ـ أیضاً ـ إلى هذه النقطة، وهی أنّ الهجرة فی نظر الإسلام لا تقتصر على الهجرة المکانیة والخارجیة، بل یلزم قبل ذلک أن تتحقق لدى الفرد المسلم هجرة باطنیة فی نفسه، یترک بها کل ما ینافی الأصالة والکرامة الإنسانیة، لکی یتیسر له بهذا السبیل إلى الهجرة المکانیة ـ إذن فالهجرة الباطنیة ضروریة قبل أن یبدأ الإنسان المسلم هجرته الخارجیة ـ وإذا لم یکن هذا الإنسان بحاجة إلى الهجرة الخارجیة، یکون قد نال درجة المهاجرین بهجرته الباطنیة.

والإساس فی الهجرة هو الفرار من «الظلمات» إلى «النور» ومن الکفر إلى الإیمان، ومن الخطأ والعصیان إلى إطاعة حکم الله، لذلک نجد فی الحدیث ما یدل على أنّ المهاجرین الذین هاجروا بأجسامهم دون أن تتحقق الهجرة فی بواطنهم وأرواحهم، لیسوا فی درجة المهاجرین، وعلى عکس هؤلاء فإنّ من تتحقق لدیه الهجرة الباطنیة الروحیة ولم یتمکن أو لم یحتج إلى الهجرة الخارجیة فهو فی عداد المهاجرین حقاً.

وعن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) قوله: «ویقول الرجل هاجرت، ولم یهاجر، إنّما المهاجرون الذین یهجرون السیئات ولم یأتوا بها». (3)

وعن النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «من فر بدینه من أرض إلى أرض وإن کان شبراً من الأرض، استوجب الجنّة وکان رفیق محمّد وإبراهیم (علیهما السلام)» (4). لأنّ هذین النّبیین هما قادة وأئمّة مهاجری العالم.


1. محمّد خاتم الأنبیاء، ج 1.
2. تاریخ الطبری، ج 2، ص 112، ویجب التنبیه إلى وجود رسائل من أیّام الرّسول (صلى الله علیه وآله)، مذیلة بالتاریخ الهجری. راجع کتاب (مکاتیب الرّسول) للأحمدی.
3. سفینة البحار، ج 2، ص 697 مادة (هجر).
4. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 541.

 

الهجرة حکم اسلامی بنّاءسورة النساء / الآیة 101
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma