الشهادة على الفحشاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 15 ـ 16 العقوبات الإسلامیة السهل الممتنع

تعنی لفظة «الفاحشة» حسب اللّغة: العمل أو القول القبیح جدّاً ـ کما أسلفنا ـ، ویستعمل فی الزنا لقبحه الشدید، وقد وردت هذه اللفظة فی 13 مورداً من القرآن الکریم، وقد استعملت تارةً فی «الزّنا» واُخرى فی «اللواط» وتارةً فی الأفعال الشدیدة القبح على العموم.

والآیة الاُولى ـ من هاتین الآیتین ـ تشیر کما فهم أکثر المفسرین ـ إلى جزاء المرأة المحصنة التی تزنی. فتقول: (واللاتی یأتین الفاحشة من نسائکم فاستشهدوا علیهنّ أربعة منکم فإن شهدوا فامسکوهنّ فی البیوت حتى یتوفاهنّ الموت ).

وما یدل على أنّ الآیة المبحوثة تعنی زنا المحصنة ـ مضافاً إلى القرینة المذکورة فی الآیة اللاّحقة ـ التعبیر بـ «من نسائکم» أی زوجاتکم، لأنّ التعبیر بهذه اللفظة عن الزوجات قد تکرر فی مواضع عدیدة من القرآن الکریم، وعلى هذا یکون جزاء المحصنة التی ترتکب الزنا فی هذه الآیة هو الحبس الأبدی.

ولکنه تعالى أردف هذا الحکم بقوله: (أو یجعل الله لهنّ سبیلا ) فإذن لابدّ أن یستمر هذا الحبس فی حقهنّ إلى الأبد حتى یأتی أجلهنّ، أو یعین لهنّ قانون جدید من جانب الله سبحانه.

ویستفاد من هذه العبارة أنّ هذا الحکم (أی الحبس الأبدی للمحصنة الزانیة) حکم مؤقت، ولهذا ذکر من بدایة الأمر أنّه سوف ینزل فی حقهنّ قانون جدید، وحکم آخر فی المستقبل (وبعد أن تتهیأ الظروف والأفکار لمثل ذلک) حینئذ سیتخلص النساء اللاّتی شملهنّ ذلک الحکم (أی الحکم بالحبس أبداً) من ذلک السجن إذا کن على قید الحیاة طبعاً، ولا یشملهنّ حکم جزائی آخر، ولیس الخلاص من السجن إلاّ بسبب إلغاء الحکم السابق، وأما عدم شمول الحکم الجدید لهنّ فلأنّ الحکم الجزائی لا یشمل الموارد التی سبقت مجیئه، وبهذا یکون الحکم والقانون الذی سیصدر فی ما بعد ـ مهما کان ـ سبباً لنجاة هذه السجینات، على أنّ هذا الحکم الجدید یشمل حتماً کل الذین سیرتکبون هذا المنکر فی ما بعد. (فلاحظ بدقّة هذه النقطة).

وأمّا ما احتمله البعض من أنّ المراد من قوله تعالى: (أو یجعل الله لهنّ سبیلا ) هو أنّ الله سبحانه قد جعل الرجم للمحصنات الزانیات فی ما بعد، یجعل وبذلک سیکون للسجینات سبیلا إلى النجاة والخلاص من عقوبة السجن، فهو احتمال مردود، لأنّ لفظة «لهنّ سبیلاً» لا تتلاءم أبداً مع مسألة الأعدام، فعبارة «لهنّ» تعنی ما یکون نافع لهنّ ولیس الإعدام سبیلا لنجاتهنّ، والحکم الذی قرّره الله فی الإسلام للمحصنات الزانیات فی ما بعد هو الرجم (وقد ورد هذا الحکم فی لسان السنّة النبویة الشریفة أی الأحادیث قطعاً، وإن لم ترد فی القرآن الکریم أیة إشارة إلیها).(1)

من کلّ ما قلناه اتّضح أنّ الآیة الحاضرة لم تنسخ قط، لأنّ النسخ إنّما یکون فی الأحکام التی تردّ مطلقة من أوّل الأمر لا التی تذکر مؤقتة ومحدودة کذلک، والحکم المذکور فی الآیة الحاضرة (أی الحبس الأبدی) من القسم الثّانی، أی أنّه حکم مؤقت محدود، وما نجده فی بعض الرّوایات من التصریح بأنّ الآیة الحاضرة قد نسخت بالأحکام التی وردت فی عقوبة مرتکبی الفاحشة، فالمراد منه لیس هو النسخ المصطلح، لأنّ النسخ فی لسان الروایات والأخبار یطلق على کل تقیید وتخصیص (فلاحظ ذلک بدقّة وعنایة).

ثمّ لابدّ من الإلتفات إلى ناحیة مهمّة، وهی أنّ الحکم بحبس هذا النوع من النساء فی «البیوت» من صالحهنّ من بعض الجهات، لأنّه أفضل ـ بکثیر ـ من سجنهنّ فی السجون العامّة المتعارفة، هذا مضافاً إلى أن التجربة قد دلّت أنّ للسجون والمعتقلات العامّة أثراً سیئاً وعمیقاً فی إفساد المجتمع، إذ إنّ هذه المراکز تتحول ـ شیئاً فشیئاً ـ إلى معاهد کبرى لتعلیم شتى ألوان الجریمة والفساد بسبب أنّ المجرمین سیتبادلون فیها ـ من خلال المعاشرة واللقاء وفی سعة من الوقت وفراغ من الشغل ـ تجاربهم فی الجریمة.

ثمّ إنّ الله سبحانه یذکر بعد ذلک حکم الزنا عن غیر إحصان إذ یقول: (واللّذان یأتیانها منکم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما إنّ الله کان تواباً رحیماً ) ویقصد أنّ الرجل غیر المحصن أو المرأة غیر المحصنة إن أتیا بفاحشة الزنا فجزاؤهما أن یؤذیا».

والآیة وإن کانت لا تذکر قید «عدم الإحصان»، صراحة، إلاّ أنّها حیث جاءت بعد ذکر حکم المحصنة وذکر عقوبتها التی تختلف عن هذه العقوبة التی هی أخف من العقوبة المذکورة فی الآیة السابقة، أستفید منها أنّها واردة فی حق الزنا عن غیر إحصان، وإنّها بالتالی عقوبة الزانی غیر المحصن والزانیة غیر المحصنة اللّذین لا یدخلان فی عنوان الآیة السابقة، وبالتالی حیث إنّ الآیة السابقة إختصّت ـ بالقرینة التی ذکرت ـ بالزانیة المحصنة استنتجنا أنّ هذه الآیة تبیّن حکم الزنا عن غیر إحصان.

کما أنّ هناک نقطة واضحة أیضاً، وهی أنّ الحکم المذکور فی هذه الآیة (أی الإیذاء) عقوبة کلیة، یمکن أن تکون الآیة الثانیة من سورة النور التی تذکر أن حدّ الزنا هو 100 جلدة لکل واحد من الزانی والزانیة تفسیراً وتوضیحاً لهذه الآیة وتعییناً للحکم الوارد فیها، ولهذا لا یکون هذا الحکم منسوخاً أیضاً.

ففی تفسیر العیاشی روی عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی تفسیر هذه الآیة أنّه قال: «یعنی البکر إذا أتت الفاحشة التی أتتها هذه الثیب فاذوهما».(2)

وعلى هذا یکون المراد من «اللذان» ـ وإن کان للإشارة إلى مثنى مذکر ـ هو الرجل والمرأة أی من باب التغلیب.

هذا وقد احتمل جماعة من المفسرین أن یکون الحکم الوارد فی هذه الآیة وارداً فی مجال «اللواط» واعتبروا الحکم فی الآیة السابقة وارداً فی مجال «المساحقة»، ولکن رجوع الضمیر فی «یأتیانها» إلى «الفاحشة» فی الآیة السابقة یفید أنّ العمل المستلزم لهذا الحکم الصارم فی هذه الآیة هو من نوع العمل المذکور فی الآیة السابقة لا من نوع آخر، ولهذا فإنّ

 

اعتبار أنّ هذه الآیة واردة فی شأن اللواط، والآیة السابقة واردة فی شأن المساحقة خلاف الظاهر، (وإن کان کلا العملین اللواط والمساحقة یشترکان فی عنوان کلی، وهو المیل إلى الجنس الموافق) وعلى هذا تکون کلتا الآیتین واردتین فی حدّ الزنا وحکمه.

هذا مضافاً إلى أنّنا نعلم أنّ عقوبة «اللواط» فی الإسلام هی القتل والإعدام ولیست الإیذاء والجلد، ولیس ثمّة أی دلیل على انتساخ الحکم المذکور فی الآیة الحاضرة.

ثمّ إنّ الله سبحانه بعد ذکر هذا الحکم یشیر إلى مسألة التوبة والعفو عن مثل هؤلاء العصاة، فیقول: (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما أنّ الله کان تواباً رحیماً ).

وهذا التعلیم هو فی الحقیقة یفتح طریق العودة ویرسم خط الرجعة لمثل هؤلاء العصاة، فإن على المجتمع الإسلامی أن یحتضن هؤلاء إذا تابوا ورجعوا إلى الطّهر والصواب وأصلحوا، ولن یطردوا من المجتمع بعد هذا بحجّة الفساد والإنحراف.

هذا ویستفاد من هذا الحکم أیضاً ـ أنّه یجب أن لا یعیر العصاة الذین رجعوا إلى جادة الصواب وتابوا وأصلحوا على أفعالهم القبیحة السابقة، وأن لا یلاموا على ذنوبهم الغابرة، فإذا کان الحکم الشرعی والعقوبة الإلهیّة یسقطان بسبب التوبة والإنابة، فإنّ من الاُولى أن یغض الناس الطرف عن سوابقهم، وهذا بنفسه جار فی من نفذ فیه الحدّ الشرعی ثمّ تاب بعد ذلک، فإنّه یجب أن تشمله مغفرة المسلمین وعفوهم.


1. بحارالانوار، ج 9، ص 69; ونهج البلاغة، الخطبة 127.
2. تفسیر العیاشی، ج 1، ص 227.

 

سورة النساء / الآیة 15 ـ 16 العقوبات الإسلامیة السهل الممتنع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma