بِما أنّ الحدیث جَرى مُجدّداً حول مسألة الإتصال بالأرواح، فنحنُ مُضطرّون لأن نطبِّق هذه النقطة، و هى أنّ مسألة الإرتباط بالأرواح أو إحضار الأرواح، ظهرت فِعلا بشکل دُکّان خطر، و لقد عملوا بِساطاً کالبِساط الذی یستخدمه الفوّالون و مُسخّرو الجِن، لِیضلّوا السُّذّج من الناس به.

حَقّاً إنّ أساس مسألة الإرتباط، من وجهة النظر العلمیّة و الفلسفیّة، جدیرٌ بالتصدیق، ولکن کونوا على ثقة، بأنّ فی أوساط آلاف المُدَّعین، لا یُحتمل أنّ أحداً عالِم بِأُصول هذا العلم.

إتّساع متاعب الناس النفسیّة من جهة، و الأراجیف و الدعایات الکاذبة المُزخرفة، لِبعض هؤلاء المُدّعین من جهة أُخرى، سبب لإقبال العدید من السذّج علیهم لعلاج أمراضهم النفسیّة، و هؤلاء (المُدَّعون)، إستغلوا هذا الوضع إستغلالا کبیراً.

هُناک شاب کان یُعانی من متاعب نفسیّة طفیفة، و تاهَ أربعة أشهر خلف هؤلاء، نَقل لی قِصّته التی تبعث على الشّفقة، قِصّة لو سَمعتموها، لتأثَّرتم کثیراً.

فی بعض البلدان عندما تنصب هذه اللّعبة: (لِعبة خَیال الظّل)، سرعان ما یُفکِّر العدید من العلماء، لِتشکیل جَلسة و إحضار هؤلاء المُدَّعین، و یتابعون وضع أولئک عن قُرب، و بعدها یعلنون رأیهم النِّهائی فیها.

لعرض نموذج من ذلک، لاحظوا هذا التّقریر التّالی:

(فى عام 1875 میلادی و بناءً على مقترحات (مندلیف)، فوَّض مجمع الفیزیائیّین التابع لجامعة «سانت بِطرس بورغ»، لجنةً لِلدراسة حول مسألة إحضار الأرواح، لِتعلن نتائج تحقیقاتها.

شارک فی الندوة أحدَ عشر عالماً غیر مندلیف، و فی نهایة الإجتماعات العدیدة و المفاوضات الکثیرة، أعلنوا نتائج عملهم، کالآتی:

بعد التّحقیق و الدراسة و المشاهدات الکثیرة وصلنا إلى هذه النتیجة، و هى: أنّ الظّواهر المُتعلِّقة بالأرواح و بِسبب الحرکات اللاّ إرادیّة أو الخاطِئة شیءٌ مُبهم، و لا یعنی إحضار الأرواح شیئاً غیر الأوهام. و بِهذا فإنّ مِیکانیکیّة أعمال الفِکر المُحرِّکة، لیست باعثةٌ على «إنتقال الفِکرة» فَحسب، بل توجد بعض الظّواهر الروحیّة أیضاً. و خلاصة ذلک أنّه فی بدایة القرن الحالی، تمکِّن فیزیائی أمریکی یدعى (روبرت وود)، بمساعدة الأشعة البنفسجِیَّة من فضح غِشِّ و خُدعة جَلسات إحضار الأرواح.(1)

طبعاً أُجریت التّحقیقات المذکورة أعلاه بشأن المُدَّعین الکاذبین الکثیرین، وحَبَّذا لو عُمل بهذا الموضوع فی مُجتمعنا.

نحن دَعَونا عَلناً عِدَّة مرات هؤلاء المُدَّعین، لِیأتوا ویُظهروا صدق إدّعائهم فی وسط الفُضلاء، ولکنّهم أثبتوا عَجزهم عن ذلک بِعدم الإجابة على هذه الدّعوات المُکرَّرة.

قم - ناصر مکارم الشیرازی

1. علم النفس، تألیف ک. بلا تونف، صفحه/ 38.