عقیدةُ عودة الأرواح، ولیدةُ جَهل الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإتصال بالأرواح بین الحقیقة و الخیال
المعلومات الوافرة؟العامل الأساسی للفشل الإجتماعی

سؤال: یقولون أنّ الإعتقاد بعودة الأرواح، و التی لها جذور تأریخیة، هى ولیدةُ فلسفة خاصّة، و أنّ المُعتقدین بها یدافعون عنها الیوم; لأنّها تَحِلّ مشکلاتهم.

الجَواب: هُناک ظَواهر مُبهمة کانت تنبع منها فی الماضی فرضیّة التّناسخ و عَودة الأرواح، و قد إتّضحت هذه الظواهر الیوم، فی ظِلِّ التّقدم العلمی الواسع، و لم تَعُد الحاجَة لهذه الفرضیّات الخُرافیّة.

توضیح ذلک: إنّ تأریخ العقائد و الأدیان، یشیر إلى أنّ الاعتقاد بالتّناسخ و عودَة الأرواح، من أقدم العقائد التی وُجِدت فی العالم، و تأریخها ینتهی لِعصر «الأساطیر».

و یُحتمل إحتمالا قویّاً أنّ «الهند» و «الصین»، هُما وطنها الأصلی، و الآن ینتشر هذا الإعتقاد فی أوساط وَ ثَنِیّی الهِند، و قد إمتزج بحیاتهم حتّى أصبح من الصّعب التّفکیک بینهما.

 

الإحترام الخاص الذی یولّیه الهِندوس لِلحیوانات و حتّى الحَشرات، ینبع فی الحقیقة من هذا الإعتقاد، إنتشار «أکل النبات» فی الهند و مخالفتهم لأِکل لَحوم الحیوان یرتبط بهذا الإعتقاد أیضاً.

المؤرِّخ الغربی المَشهور «ویل دیورانت» فی کتابه قصة الحَضارة، یقول:

(الهندوس الواقعیّون یمتنعون ما إستطاعوا من قتل الحشرات، و حتّى من هم لَیسوا من أهل الفضیلة، یتعاملون مع الحیوانات کأخوة ضُعفاء صامِتین، و لیس کمخلوقات حقیرة یتحکَّمون بها وفقاً لِما أمرهم الله تَعالى به)!.(1)

الهُنود یُطلقون کلمة «کارما» على التّناسخ و عَودة الأرواح مُطلقاً، سواء کانت فی بدن الإنسان أو الحیوان.

هذا الإعتقاد - کالإعتقاد بالخرافات الکثیرة الأخرى -، کان ولید الجهل و ضعف الإنسان فی تفسیر الظّواهر الطبیعیّة أو الإجتماعیّة المختلفة.

 

بعبارة أوضح: القدُماء کالعَدید من النّاس الیوم، غالِباً ما کانوا یصطدِمون بحوادث، یعجزون عن تفسیرها تفسیراً علمیّاً أو فلسفیّاً صحیحاً، و بما أنّ طبیعة البشر حبُّ الإطّلاع، الذی لا یُرخّص؟ الإنسان بأن یترک سؤالا فی ذهنه دون جواب، فیضطر إلى الوقوع فی التّخیّلات و یُؤلِّف تفسیراً خَیالیّاً لها، و أکثر الخُرافات ظَهرت وَ وُجدت عن هذا الطّریق.

مثلا قد یکون الکثیر منّا سمع، بأنّ بعض «العامّة» یفسرون ما یرونه لیلا عند عَدْوِ الخَیل، من أنّ بریقاً یُضیء تحت حافرها: بأنّ الجِنَّ تُشعل مصابیح تحت أرجلها!، إنّهم لا یفکرون بأنّ هذا العمل، ماذا یفید الجِنّ، و هل أنّ الجِنّ لیس لدیها أعمال إلاّ إضاءة المصابیح تحت أرجل الخیل. أولئک کانوا یرون هذه الظّاهرة الطبیعیّة و یعجزون عن تفسیرها، لذا یلجأون إلى التّخیلات.

أو الحرائق التی تحدث فی بعض المنازل، و لم یَظهر لها سبب فیفسِّرونها بأنّها معلولةٌ لأعمال الجِنّ.

لکن الیوم نعلم جیِّداً أنّ الشّرارة الکهربائیّة تحدث بسبب الإحتکاک القوی لِجسمین مع بَعضهِما، و هى أمرٌ طبیعی، لیس له علاقة بحافر الخیول ولا الظّلمة، و تحلیلُها العِلمی واضحٌ أیضاً، أو إنّنا نعلم أنّ بعض المواد الکیمیاویّة تکون سبباً لِلحرائق، و التی تشتعل بدون سبب و فی ظروف خاصّة، فإذا إقتربتْ منها بعض الأشیاء قَسراً او تلقائیّاً إحترقت.

فی ظِلّ الإکتشافات الفیزیائیّة أو الکیمیاویة، فإنّ هذه الظّاهرة خرجت عن کونها خُرافةً سابقةً. طبعاً نحن لا ننکر وجود کائنات بإسم الجِنّ، (الجِنّ فی الأصل بِمعنى کائِن مُختَف)، لکنّ الجنّ بمعناه الصّحیح و الذی یُؤیِّده العِلم، و الفلسفة و أیضاً، جاء فی القُرآن اکریم، یختلف کثیراً عن الجِنّ ذی الذّیل و ذی الحافِر، الذی خلقته أفکار العامّة و نَسجهُ خیالهم، و لَسنا بِصدد التّعرض لِهذا الموضوع.

مسألة التّناسخ و عودَة الأرواح هى أیضاً من هذا النَّسج، لأنّه:

فی الماضی کان کثیر من الناس یَرون، أنّ فی المُجتمع أفراداً معلولین و أفراداً ناقِصی الخِلقة من الولادة، و یرون أنّ بعض الأفراد یتعذّبون طِوال عُمرهم، بعکس الآخرین فإنّهم مُرفّهین تَماماً، و شَخصاً ذا ثروة لا یستطیع أن یحسِبُها، الآخر لا یملک قوتَ یومه، و یحن الى رغیفِ الخُبز، و شخصاً موفّقاً فی کلّ أعماله الحیاتیّة، و آخَراً یواجِه الفشل فی أغلب الأحیان.

و لاِنّهم لم یکونوا مطّلعین على الأسباب الجسمیّة و النفسیّة و الإجتماعیّة لهذه الأمور، و لم یکونوا متمکنّین من تفسیر هذه اللاّعدالة بالطرق الواقعیّة، فإنّهم یذهبون إلى «تناسخ الأرواح» و الـ «کارما» بسرعة، و یقولون: إنّ هؤلاء الأفراد المَعلولین و النّاقصین و المحرومین و المظلومین، کانوا قد جاءوا فی الماضی إلى هذا العالم، و لابدّ أنّهم فی حیاتهم السّابقة کانوا قد إرتکبوا جرائم، و یجب أن یرَوا کلّ هذا العَذاب، جزاء تلک الجرائم و لیتطهّروا، و هذه هى عَینُ العَدالة!

(و یل دیورانت) فی المجلد الثانی، الصفحة 735 من تأریخه: «مشرق الأرض تاریخ الحضارة»، یقول:

أنّ أساس «الکارما» یفسر لِلشعوب الهندیّة کثیراً من الحقائق المُبهمة، أو الأمور غیر العادلة... أنواع المصائب التی تظلم الکرة الأرضیّة و تلطخ التأریخ. کلّ ذلک العذاب و تلک الآلام، التی تسیر فی دم و لحم الإنسان منذ ولادته و حتّى مثواه الأخیر، کلّ هذا یهوّنه و یُیسِّره أصل «الکارما»، للهندوس الذین یعتقدون به.

هذه المصائب و الجور، و هذا الإختلاف بین النّبوغ و البلاهة، و الفقر و الغِنى، کلّ ذلک نتائج الحیاة السّابقة و وَلید ذلک القانون القدیم، کان یُرى ظُلماً و جَوراً فی میزان عمر الإنسان القصیر، أو اللّحظة من الأزَل. أمّا فی النهایة فقد ظهر أنّه هو عین العدالة و الإنصاف.

الـ «کارما» من جملة الإبداعات الکثیرة، التی أراد الإنسان أن یتحمّل و بمساعدتها المصیبة و الشّر بکلّ صبر و حلم.(2)

إذا کانت الشّعوب الهندیّة أو باقی الشّعوب القدیمة، قد أنشأت فرضیّة عودة الأرواح لتفسیر هذه الظّواهر، فالیوم و فی ظِلّ تقدم «علم الطّب» و «علم النفس» و «العلوم الإجتماعیة» الأخرى، لم تعد حاجة لتلک الفرضیّات الخُرافیّة، لتفسیر هکذا ظواهر; لأِنّنا نعلم:

لو إلتزم الإنسان بالتّعلیمات الصحیّة لسَلامة جِسمه، و راعى الأب و الأم التعلیمات الصحیّة و النّصائح الطبیّة الخاصّة بالجَنین، فسوف لا یأتی إلى الدنیا طِفل ناقِص.

و بعبارة أخرى إنّ وجود الأفراد المُشوّهین و النّاقصین لیس أمراً حَتِمیّاً، فإنّ جهاز خلق الإنسان دقیق إلى الحدّ الذی، لو اُلتُزم بالمراقبة الکاملة و اُستخدمت القوانین الخاصّة به، لکان الناتج سالماً مائة بالمائة.

و علاوةً على ما سبق، فإنّ کثیراً من الفلاحین کانوا یتصوّرون، أنّ قسماً من محصولاتهم الزراعیّة أو فاکهة الأشجار، ستکون حتماً ناقصة و مصابة بالدّیدان، و هذا من لوازم وجودها، و کانوا یقولون: (آفة الشّجرة هى من الشّجرة نفسها)، ولکنّ الدراسات العلمیّة أظهرت أنّه لیس کذلک; و إنّ الفلاح النّموذجی بإستخدام القوانین الزراعیة الصحیحة، سیکون کلّ محصوله سالماً، ولن یکون هناک تفاحةٌ واحدةٌ

مصابةً بالآفة فی کلّ محصوله.

بناءاً على هذا فإنّه اِمّا أن یکون الأب و الأم مقصّرین، أو المجتمع الذی یعیشان فیه، لأنّه یزودهما على الأقل بالتعلیمات الصحیحة أو الصحیّة أو لوازمهما الحیاتیّة، حتّى لا یقع أولادهما بهذه المصیبة، و کما لو أنّ إنساناً ضرب آخر وفقأ عینه، فالإنسان هو المقصّر لا جهاز الخَلق و، أصل الخِلقة، و هذا هو المعیار و الضّابط فی من یُولَد من بطن أُمّه مکفوف البصر، و یستَند التّقصیر فی ذلک الى نفس الفرد أو المجتمع.

و أمّا فی موارد ثراء البعض، و فقر البعض الآخر; فإنّ هذا الموضوع الیوم مَردود إلى: أنّ الأنظمة الإجتماعیّة الخاطِئة و الأنظمة الإقتصادیة الفاسدة، هى التی ینبع منها هذا الإفراط و التّفریط، و لیست مسألة عودة الأرواح و الکارما. و منه المُحتَمل أن یکون إستنباط الهندوس القُدماء سائِغاً; لعدم علمهم بأصول «العلوم الإجتماعیّة»، و «الإقتصاد الحدیث». لکن الیوم فإنّه لا قیمة لکلّ هذه الإستنباطات.


1. قصّة الحضارة، المُجلّد الثّانی، صفحة/ 735.
2. تأریخ (ویل دورانت،) ج 2، ص 735.

 

المعلومات الوافرة؟العامل الأساسی للفشل الإجتماعی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma