معرفة نقاط الضّعف والقوّة معاً

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سؤال مزعج سورة آل عمران / الآیة 199

ثمّ إن هناک سبباً آخر لتقدم ونجاح بعض الکفار والفاسقین، وتأخر بعض المؤمنین، وهو أنّ الطائفة الاُولى رغم خلّوهم من عنصر الإیمان یتحلّون ـ أحیاناً ـ ببعض نقاط القوّة التی یحققون فی ظلّها ما یحققون من المکاسب، ویحرزون ما یحرزون من النجاحات، فیما تعانی الطائفة الثانیة من نقاط ضعف توجب تأخرهم وانحطاطهم.

فنحن نعرف أشخاصاً ـ رغم انقطاعهم عن الله ـ یتّسمون بالجدّیة الکبیرة فی أعمالهم، ویتحلّون بالاستقامة والعزم، والتنسیق والتعاون فیما بینهم، والمعرفة بقضایا العصر

ومتطلباته، ومقتضیاته ومستجداته، ومن الطبیعی أن یحقق هؤلاء مکاسب کبیرة ویحرزوا انتصارات ونجاحات فی حیاتهم المادیة، وما هم فی هذا الأمر ـ فی الحقیقة ـ إلاّ مطبّقون لتعالیم الدین وبرامجه من دون إسنادها إلى الدین وإعطائها صفته وصبغته.

وفی المقابل، هناک أشخاص متدیّنون أوفیاء للعقائد الدینیة، لکنهم بسبب غفلتهم عن تعالیم الدین الحیویة یعانون من الجبن والإحجام، ویفتقرون إلى الشهامة والاستقامة ویفقدون عنصر الثبات والاستمرار والإتحاد والتعاون، وطبیعی أن یصاب هذا الصنف من الناس بإخفاقات متلاحقة وهزائم متتابعة، ولکن هذه الهزائم والإخفاقات لیست أبداً بسبب إیمانهم بالله، بل هی بسبب ما بهم من نقاط الضعف، وما بأنفسهم من عوامل الهزیمة، وموجبات السقوط والإخفاق.

إنّهم یتصورون (وبالأحرى یظنون) بأنّهم سیتنصرون بمجرّد الصلاة والصوم فی جمیع المجالات، وینجحون فی جمیع المواقف، فی حین جاء الدین بسلسلة من البرامج والمناهج العملیة الحیویة للتقدم والنجاح فی الحیاة، یستلزم تجاهلها الفشل والسقوط والهزیمة.

إنّ لکلّ شیء سبباً، ولکل نجاح مفتاحه الخاص، ووسیلته الخاصّة، وقد أتى الدِّین بکل ذلک، وبیّنه فی تعالمیه وتوصیاته، فلا یمکن أن یتحقق نجاح بغیر هذه التعالیم وبغیر هذه الوسائل.

وخلاصة القول: إنّه لدى کل طائفة من هاتین الطائفتین نقاط ضعف، ونقاط قوّة، ولکل واحدة منها آثارها ونتائجها الطبیعیة، غایة ما فی الأمر أنّه قد تلتبس هذه الآثار وتشتبه على المرء عند التقییم والمحاسبة.

مثلا: هناک کافر یتمتع لسعیه وجهاده واستمراره فی أعماله بالحیاة ویحقق فی هذا المجال النجاح تلو النجاح، ولکنّه إذ یفتقد عنصر الإیمان بالله فإنّه یفتقر إلى نعمة الطمأنینة النفسیة وفضیلة المشاعر الطاهرة، والأهداف الإنسانیة العالیة.

یبقى أن نعرف أنّ ما ذکرناه من العوامل الثلاث لتقدم الکفّار ونجاحهم، وتأخر بعض المؤمنین وفشلهم لا تصدق فی مکان واحد، بل لکل واحد منها مورده ومجاله الخاص.

ثمّ إنّ الله سبحانه بعد أن بیّن مصیر الکفّار فی الآیة السابقة، بیّن هنا ـ فی الآیة التی تلت تلک الآیة ـ مصیر المؤمنین، إذ قال: (لکن الذین اتقوا ربّهم لهم جنات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها ) أی إنّ الذین اتبعوا موازین الحق والعدل فی الوصول إلى المکاسب المادیة، أو

أنّهم بسبب إیمانهم تعرضوا للحصار الاقتصادی والاجتماعی ولکنهم مع ذلک بقوا ملتزمین بالتقوى، فإنّه تعالى سیعوّضهم عن کل ذلک بجنات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها (نزلاً من عند الله وما عند الله خیر للأبرار ).

و«النّزل» فی اللغة هو ما یعدّ للضیف من الکرامة والبر، وقال البعض: أنّه أول ما یقدم إلى الضّیف النازل من شراب أو فاکهة.

وعلى هذا یکون معنى الآیة أنّ الجنات المذکورة مع کل ما فیها من المواهب المادیة هی أوّل ما یقدَّم یوم القیامة إلى المؤمنین المتقین، وأمّا الضیافة المهمّة والعلیا فهی النعم والمواهب المعنویة التی عبّر عنها سبحانه بقوله: (وما عند الله خیر للأبرار ).

 

سؤال مزعج سورة آل عمران / الآیة 199
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma