الإنفاق وترشید الشخصیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 261الإنفاق ومشکلة الفوارق الطبقیّة

تعتبر مسألة الإنفاق إحدى أهمّ المسائل التی أکدّ علیها الإسلام والقرآن الکریم، والآیة أعلاه هی أوّل آیة فی مجموعة الآیات الکریمة من سورة البقرة التی تتحدّث عن الإنفاق، ولعلّ ذکرها بعد الآیات المتعلّقة بالمعاد من جهة أنّ أحد الأسباب المهمّة للنجاة فی الآخرة هو الإنفاق فی سبیل الله، وذهب البعض إلى أنّ الآیات لها إرتباط بآیات الجهاد المذکورة قبل آیات المعاد والتوحید فی هذه السورة.

تقول الآیة الشریفة: (مثل الذین ینفقون أ موالهم فی سبیل الله کمثل حبّة أنبتت سبع سنابل فی کلّ سنبلة مائة حبّة ) فیکون المجموع المتحصّل من حبّة واحدة سبعمائة حبّة، وتضیف الآیة بأنّ ثواب هؤلاء لاینحصر بذلک (والله یضاعف لمن یشاء ).

وذلک بإختلاف النیّات ومقدار الإخلاص فی العمل وفی کفیّته وکمیّته. ولا عجب فی هذا الثواب الجزیل لأنّ رحمة الله تعالى واسعة وقدرته شاملة وهو مطّلع على کلّ شیء (والله واسع علیم ).

ویرى بعض المفسّرین أنّ المراد من الإنفاق فی الآیة أعلاه هو الإنفاق للجهاد فی سبیل الله فقط لأنّ هذه الآیة فی الواقع تأکیدٌ لما مرّ فی الآیات التی تحدّثت عن قصة عزیر وإبراهیم وطالوت، ولکنّ الانصاف أنّ مفهوم الآیة أوسع من ذلک ومجرّد إرتباطها بالآیات السابقة لا یمکن أن یکون دلیلاً على تخصیص هذه الآیة والآیات التالیة لأنّ عبارة (فی سبیل الله )لها مدلول واسع یشمل کلّ مصارف الخیر، مضافاً إلى أنّ الآیات التالیة أیضاً ورد فیها بحث

الإنفاق بسورة مستقلّة، وقد إشیر کذلک فی الروایات الإسلامیة إلى عموم معنى الإنفاق فی هذه الآیة (1) .

والجدیر بالذکر أنّ هذه الآیة تشبّه الأشخاص الذین ینفقون فی سبیل الله بالبذرة المبارکة التی تزرع فی أرض خصبة فی حین أنّ التشبیه عادةً یجب أن یکون بین الإنفاق نفسه والبذرة أی أعمالهم لا أنفسهم، ولذلک ذهب الکثیر من المفسّرین أنّ فی الآیة حذفٌ مثل کلمة (صدقات) قبل کلمة (الذین ینفقون) أو کلمة (زارع) قبل کلمة الحبّة وأمثال ذلک.

ولکن لیس هناک أی دلیل على وجود الحذف والتقدیر فی هذه الآیة، بل إنّ تشبیه المنفقین بحبّات کثیرة البرکة تشبیه رائع وعمیق وکأنّ القرآن یرید أن یقول: إنّ عمل کلّ إنسان إنعکاس لوجوده، وکلّما إتّسع العمل إتّسع فی الواقع وجود ذلک الإنسان.

وبعبارة اُخرى: أنّ القرآن لا یفصل عمل الإنسان عن وجوده، بل یرى أنّهما مظهران مختلفان لحقیقة واحدة، ووجهان لعملة واحدة، لذلک فإنّ الآیة قابلة للتفسیر من دون أن نفترض فیها حذفاً وتقدیراً، فالآیة إشارة إلى حقیقة أنّ شخصیة الإنسان الصالح تنمو وتکبر معنویّاً بأعماله الصالحة، فمثل هؤلاء المنفقین کمثل البذور الکثیرة الثمر التی تمدّ جذورها وأغصانها إلى جمیع الجهات وتفیض ببرکتها على کلّ الأرجاء.

والخلاصة أنّه فی کلّ مورد للتشبیه مضافاً إلى وجود أداة التشبیه لابدّ من وجود ثلاثة اُمور اُخرى:

المشبّه، والمشبّه به، ووجه التشبیه، ففی هذا المورد المشبّه هو الإنسان المنفق، والمشبّه به هو البذور الکثیرة البرکة، ووجه التشبیه هو النموّ والرشد، ونحن نعتقد أنّ الإنسان المنفق ینمو ویرشد معنویّاً واجتماعیّاً من خلال عمله ذاک ولایحتاج إلى أیّ تقدیر حینئذ.

وشبیه هذا المعنى ورد کذلک فی الآیة 265 من هذه السورة، وهناک بحث بین المفسّرین فی التعبیر بقوله (أنبتت سبع سنابل فی کلّ سنبلة مئة حبّة ) حیث أشارت الآیة إلى أنّ حبّة واحدة تصیر سبعمائة حبّة أو أکثر، وأنّ هذا التشبیه لا وجود خارجی له فهو تشبیه فرضی (لأنّ حبّة الحنطة لا تبلغ فی موسم الحصاد سبعمائة حبّة أبداً)، أو أنّ المقصود هو نوعٌ خاصّ من الحبوب (کالدخن) التی تعطی هذا القدر من الناتج، ویلفت النظر أنّ الصحف کتبت أخیراً أنّ بعض مزارع القمح أنتجت فی السنوات الممطرة سنابل طویلة یحمل بعضها نحواً من اربعمائة آلاف حبّة، وهذا یدلّ على أنّ تشبیه القرآن واقعی وحقیقی.

جملة (یضاعف) من مادّة (ضعف) ویعنی مقدار المرتین أو المرّات وبالنظر إلى ما ذکرنا آنفاً من وجود حبوب تعطی عدّة آلاف من المحصول نعرف بأنّ هذا التشبیه هو تشبیه واقعی أیضاً.


1. الطبرسی فی تفسیر مجمع البیان، ج 1 و2، ص 437، بعد أن یذکر المفهوم الآیة معناً واسعاً یقول: وهو المروی عن أبی عبدالله (علیه السلام).

 

سورة البقرة / الآیة 261الإنفاق ومشکلة الفوارق الطبقیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma