بحثان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
الکلمة الطیبة أفضل من الصدقة مع المنّة سورة البقرة / الآیة 264 ـ 265

تبیّن هذه الآیة منطق الإسلام فی قیمة الأشخاص الاجتماعیّة وکرامتهم، وترى أن أعمال الذین یسعون فی حفظ رؤوس الأموال الإنسانیة، ویعاملون المحتاجین باللّطف ویقدّمون لهم التوجیه اللاّزم، ولا یفشون أسرارهم، أفضل وأرفع من إنفاق اُولئک الأنانیّین ذوی النظرة الضیّقة الذین إذا قدّموا عوناً صغیراً یتبعونه تجریح الناس المحترمین وتحطیم شخصیّاتهم. فی الحقیقة إنّ أمثال هؤلاء الأشخاص ضررهم أکثر من نفعهم، فهم إذا أعطوا ثروة عرضوا ثروات للإبادة والضیاع.

یتّضح ممّا قلناه إنّ لتعبیر (قول معروف ) مفهوماً واسعاً یشمل کلّ أنواع القول الطیّب والتسلیة والتعزیة والإرشاد.

 

وذهب بعضهم إلى أن المراد هو الأمر بالمعروف (1) ولکن هذا المعنى لایتناسب مع الآیة ظاهراً.

«المغفرة» بمعنى العفو بإزاء خشونة المحتاجین، اُولئک الذین طفح کیل صبرهم بسبب تراکم الإبتلاءات علیهم، فتزلّ ألسنتهم أحیاناً بالخشن من القول ممّا لا یودُونه قلبیاً، هؤلاء بعنفهم هذا إنّما یریدون أن ینتقموا من المجتمع الذی ظلمهم وغمط حقوقهم، فأقلّ ما یمکن للأشخاص الأثریاء فی مقابل حرمان هؤلاء المحرومین هو أن یتحمّلوا منهم اندفاعاتهم اللّفظیة التی هی شرر النار التی تستعر فی قلوبهم فتنطلق على ألسنتهم.

لاشکّ أنّ تحمّل عنفهم وخشونتهم والعفو عنها یخفّف عنهم ضغط عُقدِهم النفسیة، وبهذا تتّضح أکثر أهمیّة هذه الأوامر الإلهیّة.

یرى بعض أنّ «المغفرة» یقصد بها هنا المعنى الأصلی، وهو الستر والإخفاء، أی ستر أسرار المحتاجین الذین لهم کرامتهم مثل غیرهم، غیر أنّ هذا التفسیر لا یتعارض مع ما قلناه، لأنّنا إذا فسّرنا المغفرة بمعناها الأوسع فهی تشمل العفو کما تشمل الستر والإخفاء أیضاً.

جاء فی تفسیر «مجمع البیان» عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إذا سأل السائل فلا تقطعوا علیه مسألته حتى یفرغ منها، ثمّ ردّوا علیه بوقار ولین إمّا ببذل یسیر أو ردّ جمیل، فإنّه قد یأتیکم من لیس بإنس ولا جان ینظرونکم کیف صنیعکم فیما خوّلکم الله تعالى» (2) .

فی هذا الحدیث یبیّن رسول الله (صلى الله علیه وآله) جانباً من آداب الإنفاق.

إن العبارات القصیرة التی تأتی فی ختام الآیات عادةً وتورد بعض صفات الله تعالى ترتبط حتماً بمضمون الآیة نفسها. وعلى هذا فمن الممکن أن یکون المقصود من (والله غنیّ حلیم ) هو: أنّ الإنسان ظالم بالطبع، ولذلک فإنّه إذا نال منصباً وحصل ثروةً حسِب نفسه غنیاً ولم یعد بحاجة إلى الآخرین، وقد تحدو به هذه الحالة إلى استعمال الخشونة والتهجّم ضدّ المحرومین والمحتاجین، لذلک یقول القرآن إنّ الغنیّ بذاته هو الله، فالله هو وحده الغنیّ الذی لایحتاج شیئاً، أمّا إحساس البشر بإنّه غنیّ فسراب خادع لا ینبغی أن یؤدّی إلى الطغیان والتعالی على الفقراء، ثمّ إنّ الله حلیم بالنسبة للذین لا یشکرون، فعلى المؤمنین أن یکونوا کذلک أیضاً.

وقد تکون الآیة إشارة إلى أنّ الله غنیّ عن إنفاقکم، وأنّ ما تنفقونه إنّما هو لخیرکم أنفسکم، فلا تمنّوا على أحد. ثمّ إنّ الله حلیم باتجاه خشونتکم ولا یتعجّل معاقبتکم لعلّکم تستیقظون وتصلحوا أنفسکم.


1. ذکره فی تفسیر البحر المحیط، ج 2، ص 307 بعنوان، قیل.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 1 و2، ص 375; وتفسیر القرطبی، ج 3، ص 310.

 

الکلمة الطیبة أفضل من الصدقة مع المنّة سورة البقرة / الآیة 264 ـ 265
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma