یتبیّن ممّا قلناه فی تفسیر هذه الآیة أن «اللام» فی قوله سبحانه: (لیزدادوا إثماً ) «لام العاقبة» ولیست «لام الغایة».
وتوضیح ذلک: إنّ العرب قد تستعمل اللام لبیان أنّ ما بعد اللام مراد للإنسان ومطلوب له کقوله: (لتخرج الناس من الظّلمات إلى النّور ) (1) .
ومن البدیهی أنّ هدایة الناس وخروجهم من الظّلمات إلى النّور مراد له سبحانه.
وقد تستعمل العرب «اللام» لا لبیان أنّ هذا هو مراد ومطلوب للشخص، بل لبیان أنّ هذا نتیجة عمل المرء ومآل موقفه کقوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون لیکون لهم عدوّاً
وحزناً ) (2) ولا شک أنّهم إنّما أخذوه لیکون لهم سروراً وقرّة عین، ولا یختص هذا الأمر باللغة العربیة وآدابها، بل هو مشهور فی غیره من اللغات والآداب.
ومن هنا یتضح الجواب على تساؤل آخر یطرح نفسه هنا وهو: لماذا قال سبحانه: (لیزدادوا إثماً ) الذی معناه ـ بحسب الظاهر ـ أی نرید أن یزدادوا إثماً.
لأن هذا الإشکال والتساؤل إنّما یکون وارداً إذا کانت اللام هنا لام الإرادة والغایة المبیّنة للعلّة والهدف، لا «لام العاقبة» لیکون معنى قوله «لیزدادوا إثماً» هو: لتکون عاقبة أمرهم ازدیادهم الإثم.
وعلى هذا یکون معنى الآیة: نحن نمهلهم لتکون عاقبة أمرهم إزدیاد ذنوبهم وأوزارهم من الإثم، فالآیة لا تدلّ على الجبر مطلقاً، بل هی خیر دلیل على حریة الإنسان واختیاره.