الحوادث المرة میدان تربیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
دراسة نتائج غزوة اُحدمزاعم جوفاء

أجل، إنّ لمعرکة «اُحد» وما لحق بالمسلمین فیها من هزیمة نتائج وآثاراً، ومن نتائجها وآثارها الطبیعیة أنّها کشفت عن نقاط الضعف فی الجماعة والثغرات الموجودة فی کیانها، وهی وسیلة فعالة ومفیدة لغسل تلک العیوب والتخلّص من تلک النواقص والثغرات، ولهذا قال سبحانه: (ولیمحّص (1) الله الّذین آ منوا ) أی أنّ الله أراد ـ فی هذه الواقعة ـ أن یتخلص المؤمنون من العیوب ویریهم ما هم مبتلون به من نقاط الضعف، إذ یجب لتحقیق الإنتصارات فی المستقبل أن یمتحنوا فی بوتقة الاختبار، ویزنوا فیها أنفسهم کما ـ قال الإمام علی (علیه السلام): «فی تقلب الأحوال یعلم جواهر الرجال». (2)

 

ولهذا قد یکون لبعض الهزائم والنکسات من الأثر فی صیاغة المجتمعات الإنسانیة وتربیتها ما یفوق أثر الانتصارات الظاهریة.

والجدیر بالذکر أنّ مؤلف تفسیر المنار نقل عن اُستاذه مفتی مصر الأکبر الشیخ محمد عبده أنّه رأى النّبی (صلى الله علیه وآله) فی المنام فقال له: «رأیت النّبی (صلى الله علیه وآله) لیلة الخمیس الماضیة (غرة ذی القعدة سنة 1320) فی الرؤیا منصرفاً مع أصحابه من اُحد وهو یقول: «لو خیّرت بین النصر والهزیمة لاخترت الهزیمة» أی لما فی الهزیمة من التأدیب الإلهی للمؤمنین وتعلیمهم أن یأخذوا بالاحتیاط ولا یغتروا بشیء یشغلهم عن الإستعداد وتسدید النظر (3) .

وأمّا نتیجة هذه التربیة والصیاغة التی یتلقاها المؤمنون فی خضم المحن والمصائب واتون الحوادث المرّة فهو حصول القدرة الکافیة لدحر الشرک والکفر دحراً ساحقاً وکاملاً، وإلى هذا أشار بقوله: (ولیمحق (4) الکافرین ).

فإنّ المؤمنین بعد أن تخلصوا ـ فی دوامة الحوادث ـ من الشوائب یحصلون على القدرة الکافیة للقضاء التدریجی على الشرک والکفر، وتطهیر مجتمعهم من هذه الأقذار والشوائب، وهذا یعنی أنّه لابدّ أولاً من تطهیر النفس ثمّ تطهیر الغیر. أی التطهر ثمّ التطهیر.

وفی الحقیقة کما أنّ القمر ـ مع ما هو علیه من النور والبهاء الخاصین به ـ یفقد نوره شیئاً فشیئاً أمام وهج الشمس وبیاض النهار حتى یغیب فی ظلمة المحاق فلا یعود یرى إلاّ عندما تنسحب الشمس من الاُفق، کذلک یأفل نجم الشرک وأهله وتتضاءل قوّة الکفر وأشیاعه کلّما إزداد صفاء المسلمین المؤمنین، وخلصوا من رواسب الضعف والإعوجاج والانحراف.

فهناک علاقة متقابلة بین تمحیص المؤمنین وإرتقائهم فی مدارج الخلوص والطهر، ومراتب الصفاء والتقوى، وبین إنزیاح الکفر والشرک وإندثار معالمها وآثارهما عن ساحة الحیاة الاجتماعیة.

هذه هی الحقیقة الکبرى والخالدة التی یلخصها القرآن فی هاتین الجملتین اللتین تشکل الاُولى منها المقدمة والثانیة النتیجة.

ثمّ إنّه یفیدنا القرآن درساً من واقعة «اُحد» فی تصحیح خطأ فکری وقع فیه المسلمون فیقول: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا یعلم الله الذین جاهدوا منکم ویعلم الصابرین ) أی هل تظنون أنّکم تنالون أوج السعادة المعنویة بمجرّد اختیارکم لإسم المسلم، أو بمجرّد أنّکم حملتم العقیدة الإسلامیة فی الفکر دون أن تطبقوا ما یتبعها من التعالیم؟

  لو کان الأمر کذلک لکان هیناً جدّاً، ولکن لیس کذلک حتماً، فإنّه ما لم تطبق التعالیم التی تتبع تلک المعتقدات، فی واقع الحیاة العملیة لم ینل أحد من تلک السعادة العظمى شیئاً.

وهنا بالذات یجب أن تتمیز الصفوف، ویعرف المجاهدون الصابرون عن غیرهم.


1.«التمحیص» والمحص أصله: تخلیص الشیء ممّا فیه من عیب.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 217.
3. تفسیر المنار، ج 4، ص 46، ذیل الآیة مورد البحث.
4. «المحق» النقصان ومنه المحاق لآخر الشهر إذا انمحق الهلال وامتحق وقلّ ضیاؤه.

 

دراسة نتائج غزوة اُحدمزاعم جوفاء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma