الموت وقانونه العام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 185 سورة آل عمران / الآیة 186

تعقیباً على البحث حول عناد المعارضین وغیر المؤمنین تشیر هذه الآیة إلى قانون «الموت» العام وإلى مصیر الناس فی یوم القیامة، لیکون ذلک تسلیة للنّبی (صلى الله علیه وآله) والمؤمنین، وتحذیراً ـ کذلک ـ للمعارضین العصاة.

فهذه الآیة تشیر ـ أوّلا ـ إلى قانون عام یشمل جمیع الأحیاء فی هذا الکون وتقول: (کل نفس ذائقة الموت ).

والناس، وإن کان أکثرهم یحب أن ینسى مسألة الفناء ویتجاهل الموت، ولکن هذا الأمر حقیقة واقعة إن حاولنا تناسیها والتغافل عنها، فهی لا تنسانا، ولا تتغافل عنّا.

إنّ لهذه الحیاة نهایة لا محالة، ولابدّ أن یأتی ذلک الیوم الذی یزور فیه الموت کل أحد، ولا یکون أمامه ـ حینئذ ـ إلاّ أن یفارق هذه الحیاة.

إنّ المراد من «النفس» فی هذه الآیة هو مجموعة الجسم والروح، وإن کانت النفس فی القرآن تطلق أحیاناً على خصوص «الرّوح» أیضاً.

والتعبیر بالتذوق إشارة إلى الإحساس الکامل، لأنّ المرء قد یرى الطعام بعینیه أو یلمسه بیده، ولکن کل هذه لا یکون ـ والأحرى لا یحقق الإحساس الکامل بالشیء، نعم إلاّ أن یتذوق الطعام بحاسة الذوق فحینئذ یتحقق الإحساس الکامل، وکأن الموت ـ فی نظام الخلقة ـ نوع من الغذاء للإنسان والأحیاء.

ثمّ تقول الآیة بعد ذلک (وإنّما توفّون أجورکم یوم القیامة ) أی إنّه ستکون بعد هذه الحیاة مرحلة اُخرى هی مرحلة الثواب والعقاب، وبالتالی الجزاء على الأعمال، فهنا عمل ولا حساب وهناک حساب ولا عمل.

وعبارة «توفون» التی تعنی إعطاء الجزاء بالکامل تکشف عن إعطاء الإنسان أجر عمله ـ یوم القیامة ـ وافیاً وبدون نقیصة، ولهذا لا مانع من أن یشهد الإنسان ـ فی عالم البرزخ المتوسط بین الدنیا والآخرة ـ بعض نتائج عمله، وینال قسطاً من الثواب أو العقاب، لأنّ هذا الجزاء البرزخی لا یشکل الجزاء الکامل.

ثمّ قال سبحانه: (فمن زحزح عن النّار واُدخل الجنّة فقد فاز ).

وکلمة «زحزح» تعنی محاولة الإنسان لإخراج نفسه من تحت تأثیر شیء، وتخلیصها من جاذبیته تدریجاً.

وأمّا کلمة «فاز» فتعنی فی أصل اللغة «النجاة» من الهلکة، ونیل المحبوب والمطلوب.

والجملة بمجموعها تعنی أنّ الذین استطاعوا أن یحرروا أنفسهم من جاذبیة النّار ودخلوا الجنّة فقد نجوا من الهلکة، ولقوا ما یحبونه، وکأن النّار تحاول بکلّ طاقتها أن تجذب الأدمیین نحو نفسها... حقّاً أنّ هناک عوامل عدیدة تحاول أن تجذب الإنسان إلى نفسها، وهی على درجة کبیرة من الجاذبیة.

ألیس للشهوات العابرة، واللذات الجنسیة الغیر المشروعة، والمناصب، والثروات الغیر المباحة مثل هذه الجاذبیة القویة؟؟

کما أنّه یستفاد من هذا التعبیر أن الناس ما لم یسعوا ویجتهدوا لتخلیص أنفسهم وتحریرها من جاذبیة هذه العوامل المغریة الخداعة فإنّها ستجذبهم نحو نفسها تدریجاً، وسیقعون فی أسرها فی نهایة المطاف.

أمّا إذا حاولوا من خلال تربیة أنفسهم وترویضها، وتمرینها على مقاومة هذه الجواذب والمغریات وکبح جماحها، وبلغوا بها إلى مرتبة «النفس المطمئنة» کانوا من النّاجین الواقعیین، الذین یشعرون بالأمن والطمأنینة.

ثمّ یقول سبحانه فی نهایة هذه الآیة: (وما الحیاة الدّنیا إلاّ متاع الغرور ).

وهذه الجملة تکمل البحث السابق وکأنّها تقول: إنّ هذه الحیاة مجرّد لهو ومتاع تخدع الإنسان من بعید، فإذا بلغ إلیها الإنسان ونال منها ولمسها عن کثب وجدها ـ على الأغلب

ـ فراغاً فی فراغ وخواء فی خواء، وما متاع الغرور إلاّ هذا.

هذا مضافاً إلى أنّ اللذَائذ المادیة تبدو من بعید وکأنّها خالصة من کل شائبة، وخالیة من کلّ ما یکدّرها، حتى إذا اقترب إلیها الإنسان وجدها ممزوجة بکل ألوان العناء والعذاب، وهذا جانب آخر من خداع الحیاة المادیة.

کما أنّ الإنسان ینسى ـ فی أکثر الأحیان ـ طبیعته الفانیة، ولکنه سرعان ما ینتبه إلى أنّها سریعة الزوال، قابلة للفناء.

إنّ هذه التعابیر قد تکررت فی القرآن والأحادیث کثیراً، والهدف منها جمیعاً شیء واحد هو أن لا یجعل الإنسان هذه الحیاة المادیة ولذاتها العابرة الفانیة الزّائلة هدفه الأخیر، ومقصده الوحید النّهائی الذی تکون نتیجته الغرق والإرتطام فی شتى ألوان الجریمة والمعصیة، والإبتعاد عن الحقیقة وعن التکامل الإنسانى، وأمّا الإنتفاع بالحیاة المادیة ومواهبها کوسیلة للوصول إلى التکامل الإنسانی والمعنوی فلیس غیر مذموم فقط، بل هو ضروری وواجب.

سورة آل عمران / الآیة 185 سورة آل عمران / الآیة 186
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma