غزوة حمراء الأسد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 172 ـ 174التّربیة الإلهیّة وعطاؤها السّریع

قلنا إنّ جیش أبی سفیان المنتصر أسرع بعد إنتصاره فی معرکة «اُحد» على الجیش الإسلامی یحثّ السیر فی طریق العودة إلى مکّة حتى إذا بلغ أرض «الروحاء» ندم على فعله، وعزم على العودة إلى المدینة للإجهاز على ما تبقى من فلول المسلمین، واستئصال جذور الإسلام حتى لا تبقى له ولهم باقیة.

ولما بلغ هذا الخبر إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) أمر مقاتلی اُحد أن یستعدوا للخروج إلى معرکة اُخرى مع المشرکین، وخصّ بأمره هذا الجرحى والمصابین حیث أمرهم بأن ینضموا إلى الجیش.

یقول رجل من أصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله) کان قد شهد اُحداً: شهدت اُحداً وأخ لی فرجعنا جریحین، فلما أذّن مؤذن رسول الله (صلى الله علیه وآله) بالخروج فی طلب العدو قلنا: لا تفوتنا غزوة مع رسول الله (صلى الله علیه وآله)، فوالله مالنا دابّة نرکبها وما منّا إلا جریح ثقیل، فخرجنا مع رسول الله (صلى الله علیه وآله)وکنت أیسر جرحاً من أخی، فکنت إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهینا مع رسول الله (صلى الله علیه وآله) إلى «حمراء الأسد».

فلما بلغ هذا الخبر أبا سفیان وأدرک صمود المسلمین، والذی تجلّى فی اشتراک الجرحى والمصابین خاف واُرعب، ولعله ظنّ أنّه أدرکت المسلمین قوّة جدیدة من المقاتلین وأتاهم المدد.

هذا وقد حدثت فی هذا الموضع حادثة زادت من إضعاف معنویة المشرکین، وألقت مزیداً من الوهن فی عزائمهم، وهی أنّه: مرّ برسول الله «معبد الخزاعی» وهو یومئذ مشرک، فلمّا شاهد النّبی وما علیه هو وأصحابه من الحالة تحرکت عواطفه وجاشت، فقال للنّبی (صلى الله علیه وآله): یا محمّد والله لقد عزّ علینا ما أصابک فی قومک وأصحابک، ولوددنا أنّ الله کان أعفاک فیهم، ثمّ خرج من عند رسول الله (صلى الله علیه وآله) حتى لقی أبا سفیان ومن معه بالرّوحاء وقد أجمعوا الرّجعة إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)، فلمّا رأى أبو سفیان معبداً قال: ما وراک یا معبد؟ قال: محمّد (صلى الله علیه وآله) قد خرج فی أصحابه یطلبکم فی جمع لم أر قط مثله یتحرقون علیکم تحرقاً، وقد اجتمع علیه من کان تخلّف عنه فی یومکم، وندموا على صنیعهم، وفیه من الحنق علیکم ما لم أر مثله قط.

قال أبو سفیان: ویلک ما تقول؟ قال معبد: «فأنا والله ما أراک ترتحل حتى ترى نواصی الخیل».

قال أبو سفیان: فوالله لقد أجمعنا الکرّة علیهم لنستأصلهم.

قال معبد: فأنا والله أنهاک عن ذلک.

فاهتزّ لذلک أبوسفیان ومن معه وقفل راجعاً ومنسحباً إلى مکّة بسرعة، وحتى یتوقف المسلمون عن طلبه وملاحقته ویجد فرصة کافیة للإنسحاب قال لجماعة من بنی عبد قیس کانوا یمرون من هناک قاصدین المدینة لشراء القمح: «اخبروا محمّداً إنا قد أجمعنا الکرّة علیه وعلى أصحابه لنستأصل بقیتهم» ثمّ انصرف إلى مکّة.

ولما مرّت هذه الجماعة برسول الله (صلى الله علیه وآله) وهو بحمراء الأسد أخبروه بقول أبی سفیان، فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله): «حسبنا الله ونعم الوکیل» وبقی هناک ینتظر المشرکین ثلاثة أیّام، فلم یر لهم أثراً فانصرف إلى المدینة بعد الثالثة، والآیات الحاضرة تشیر إلى هذه الحادثة وملابساته (1) یقول سبحانه: (الَّذینَ استجابوا لله والرّسول من بعد ما أصابهم القرح للذین أحسنوا منهم وأتّقوا أجر عظیم ).

ویتبیّن من تخصیص جماعة معینة بالأجر العظیم فی هذه الآیة أنّه کان هناک بینهم من لم یملک الإخلاص الکامل، کما یمکن أن یکون التعبیر بــ «منهم» إشارة إلى أنّ بعض المقاتلین فی اُحد امتنعوا ببعض الحجج عن تلبیة نداء الرّسول والإسهام فی هذه الحرکة.

ثمّ إنّ القرآن الکریم یبیّن إحدى العلائم الحیّة لاِستقامتهم وثباتهم إذ یقول: (الذین قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لکم فاخشوهم فزادهم إیماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوکیل ).

والمقصود بالناس فی قوله: (قال لهم الناس ) هم رکب عبد القیس، أو نعیم بن مسعود الذی جاء بهذا الخبر على روایة اُخرى. (2)

ثمّ بعد ذکر هذه الإستقامة الواضحة وهذا الإیمان البارز یذکر القرآن الکریم نتیجة عملهم إذ یقول: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ) وأیة نعمة وأی فضل أعظم وأعلى من أن ینهزم الأعداء الخطرون أمامهم من دون أی صدام أو لقاء ویعود هؤلاء المقاتلون إلى المدینة سالمین.

یبقى أن نعرف الفرق بین النعمة والفضل، فیمکن أن یکون بأنّ النعمة هی الأجر بقدر الاِستحقاق، والفضل هو النفع الزائد على قدر الاِستحقاق.

وتأکیداً لهذا الأمر یقول القرآن: (لم یمسسهم سوء ) مضافاً إلى أنّهم (واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظیم ) أنّه فضل عظیم ینتظر المؤمنین الحقیقیین، والمجاهدین الصادقین.


1. تفسیر نورالثقلین، وتفسیر مجمع البیان، وتفسیر المنار وکتب اُخرى.
2. بحارالانوار، ج 19، ص 147.

 

سورة آل عمران / الآیة 172 ـ 174التّربیة الإلهیّة وعطاؤها السّریع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma