إنفاق الکفّار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
التّفسیرسورة آل عمران / الآیة 118 ـ 120

وفی هذه الآیة إشارة إلى کیفیة إنفاق الکفّار وبذلهم المصحوب بالریاء، ضمن إعطاء مثل رائع یجسد مصیر هذا الإنفاق والبذل، ویصوره فی أبلغ تصویر.

القرآن یمثل إنفاق الکفّار بالریح الشدیدة الباردة أو اللافحة جدّاً التی إذا هبت على الزرع لا تبقی منه شیئاً ولا تذر، بل تترک الزرع حطاماً والأرض بلاقع.

إنّه لا شکّ أنّ النسائم الخفیفة تنعش الزرع وتحیی الطبیعة، فنسائم الربیع تفتح الأزهار، وتصب فی عروق الأشجار والنباتات روحاً جدیدة وحیاة ونشاطاً، وتساعد على لقاحها، وکذلک یکون الإنفاق الصحیح والبذل الذی ینبع من الإخلاص والإیمان، إنّه یعالج مشاکل المجتمع کما یکون له أثر حسن وعمیق فی نفس الباذل المنفق، لأنّه یرسخ فیها السجایا الإنسانیة ویعمق مشاعر العطف واللّطف والرفق والحبّ بما یستشعره من آثار إیجابیة لإنفاقه، وبما یسببه الإنفاق فی رفع الآلام الاجتماعیة، وتوفیر السعادة للآخرین.

أما إذا تبدلت هذه النسائم الرقیقة إلى ریاح عاصفة لافحة، أو زوبعة شدیدة البرودة، فسوف تؤدی إلى إحراق جمیع النباتات والأزهار أو تجمیدها.

وهذا هو حال غیر المؤمن فی إنفاقه، فإنّه لا ینفق ماله بدافع صحیح، بل ینفقه ریاءاً وسمعة وأهواء وأهداف شریرة، وبذلک یکون کالریح العاتیة، اللاّفحة أو الباردة، تأتی على کلّ ما أنفقه کما تأتی على الزرع، فتصیبه بالجفاف والفناء، والدمار والهلاک.

إنّ مثل هذا الإنفاق لا یعالج أیة مشکلة اجتماعیة (لأنّه صرف للمال فی غیر محله فی

الأغلب) کما لا ینطوی على أی أثر أخلاقی ونفسی للمنفق الباذل.

والذی یلفت النظر أنّ القرآن الکریم یقول فی هذه الآیة (حرث قوم ظلموا أنفسهم ) وهو یشیر إلى أنّ هؤلاء المزارعین تعرضوا لما تعرضوا له لأنّهم تساهلوا فی اختیار مکان الزرع وزمانه، ولأنّهم زرعوا فی أرض معرضة للریاح الشدیدة، أو أنّهم اختاروا للزرع وقتاً یکثر فیه هبوب ریاح السموم، وبهذا ظلموا أنفسهم، وکذلک حال غیر المؤمن فی إنفاقه، فإنّه ظلم نفسه بإنفاقه غیر الصحیح وغیر المناسب من حیث الزمان والمکان والهدف، وبهذا عرض أمواله وثرواته للریاح.

من کلّ ما أشرنا إلیه، وبملاحظة القرائن الموجودة فی الآیة تبین أنّ هذا التمثیل لإنفاق الکفّار بالزرع الذی أهلکته الریاح العاصفة تمثیل به من ناحیتین:

الأولى: تشبیه لإنفاق الکافر بالزرع فی غیر محله وموسمه المناسب.

الثانیة: تشبیه لنوایاه وأهدافه من الإنفاق بالریاح العاصفة الباردة أو السموم، ولهذا فإنّ المقام لا یخلو عن تقدیر شیء محذوف وأن معنى قوله: (مثل ما ینفقون ) أنّ مثل نوایا الکافر فی الإنفاق مثل الریاح الباردة أو السموم التی تهب على الزرع فتفنیه.

قال جماعة من المفسّرین: إنّ هذه الآیة إشارة إلى الأموال التی یستخدمها الکفّار للإیقاع بالإسلام وصد حرکته، والتی یحرکون بها الأعداء ضد النّبی الکریم (صلى الله علیه وآله)، أو الأموال التی یعطیها الیهود لأحبارهم لیحرفوا آیات الله عن مواضعها ویزیدوا أو ینقصوا فی الکتب السماویة.

ولکن من الواضح جدّاً أنّ هذه الآیة تنطوی على معنى واسع یشمل هذا الرأی وغیره.

ثمّ إنّه سبحانه یعقب على ما قال بشأن إنفاق الکفّار الذی لا یعود علیهم إلاَّ بالوبال والویل بقوله: (وما ظلمهم الله ولکن أنفسهم یظلمون ).

أجل، إنّ العمل الفاسد لا یجر على صاحبه إلاَّ النتیجة الفاسدة، فما یحصده الکفّار من إنفاقهم من الوبال والبطلان، إنما هو بسبب نوایاهم الباطلة الفاسدة من هذا الإنفاق.

 

التّفسیرسورة آل عمران / الآیة 118 ـ 120
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma