فی هذه الآیة تطرح مرّة اُخرى مسألة «الأمر بالمعروف» و«النهی عن المنکر»، وتعتبر الآیة الحاضرة هاتین المسألتین واجبین عمومیین کما مرّ فی تفسیر الآیة (104)، بینما تبین الآیة السابقة مرحلة خاصّة، وهی مرحلة الوجوب الکفائی أی الخاصّ بجماعة معینة، کما مرّ تفصیله.
فالآیة السابقة تشیر إلى القسم الخاصّ، وهذه الآیة تشیر إلى القسم العام من هاتین الفریضتین.
(کنتم خیر أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنکر وتؤمنون باللّه ).
والجدیر بالذکر أنّ القرآن الکریم یصف المسلمین ـ فی هذه الآیة ـ بأنّهم خیر أمة هُیئت وعُبئت لخدمة المجتمع الإنسانی، والدلیل على أنّ هذه الاُمة خیر أمة رشحت لهذه المهمّة الکبرى هو «قیامها بالأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وإیمانها بالله» وهذا یفید أنّ إصلاح المجتمع البشری لا یمکن بدون الإیمان بالله والدعوة إلى الحقّ، ومکافحة الفساد، کما ویستفاد من ذلک أنّ هاتین الوظیفتین مع ما هما علیه من السعة فی الإسلام ممّا تفرد بهما هذا الدین من دون بقیة الشرائع السابقة.
أمّا لماذا یجب أن تکون هذه الاُمة خیر الأمم، فسببه واضح کذلک. لأنّها تختص بآخر الأدیان الإلهیّة والشرائع السماویة، ولا شکّ أنّ هذا یقتضی أن یکون أکمل الشرائع وأتمها فی سلّم الأدیان.